السياحة في محافظة حماة.. تقصير واضح.. ومشاريع سياحية خارج دائرة التنفيذ والاستثمار
قد يكون القطاع السياحي أول المتضررين من الأزمة الراهنة في البلد، وآخر المتعافين، فحتى مقاصدنا السياحية، قبل سنتين من الآن، تكاد تكون خالية من الزبائن والفنادق من النزلاء، ما يعني أن هذا القطاع قد فقد الكثير من بريقه، وتراجع ناتجه من الدخل الوطني، ومحاولة عودته إلى الواجهة مجدداً يحتاج الى رأس المال، وهذا غير متوافر إلا لدى رجال الأعمال والمستثمرين، وهو ما يسمى بالجبان.
في جولته إلى محافظة حماة قبل أيام من الآن، كشف وزير السياحة بشر اليازجي عن تقصير واضح في الجانب السياحي لجهة ما يتعلق بالمنشآت السياحية والمشروعات الاستثمارية، مشيراً إلى ضرورة تحسين واقع هذه المنشآت والترويج إعلامياً وسياحياً، وإطلاق مشاريع سياحية استراتيجية تحاكي طبيعة المناطق الجبلية والاصطيافية.
إلا أن المشهد الذي لا تخطىء العين في دلالته هو تدني الخدمات في هذه المنشآت والتي لم يطرأ عليها أي تغيير، بل ولم يقم أي مشروع سياحي استثماري منذ ما قبل الأزمة، والذي أقيم في ظلها، وفي غفلة من الجهات المعنية، فهو غير مستكمل لإجراءات الترخيص دون ذكر أسمائها ومواقعها، بل إن البعض من هذه المشروعات الاستثمارية التي سبق وطرحت منذ عام 2007 وحتى الآن تم سحبها من متعهديها، كما هو الحال بالنسبة لقصر الأرناؤوط الذي ظل مستثمره يماطل طيلة عشر سنوات دون طائل ليسعى حالياً مجلس المدينة بسحب هذا الموقع وطرحه مجدداً، إلا إذا كان وزير السياحة يعتبر التنور الذي شاهده على الطريق مشروعاً سياحياً، بل ظن أنه السباق لطرح هكذا مشروعات، وهي تراوح في مكانها، فرأس المال جبان، لا أحد يستثمر بمئات الملايين لتبقى منشآته السياحية بلا إشغال، فهل وجود تنور على طريق عام يعتبر مشروعاً سياحياً؟.
ما طرحه وزير السياحة، وما يقال عن الجانب السياحي، لا ينسجم كثيراً مع ما هو موجود على الأرض لجهة الإقبال السياحي، حتى وإن كان محلياً وفقاً لما قاله مدير سياحة حماة مرهف أرحيم.
الترويج يحتاج إلى بيئة
كما قلنا في البداية: إن القطاع السياحي أول المتضررين، وسيكون آخر المتعافين، وأي ترويج للقطاع ال سياحي ومشروعاته يحتاج إلى بيئة مناسبة، بل إلى مستثمرين حقيقيين، لا كمستثمر قصر الأرناؤوط.
في هذا السياق أقامت الأمانة العامة للمحافظة نهاية العام المنصرم بالتعاون مع العديد من شركات المعارض عدة ملتقيات للاستثمار، وشهدت حشداً إعلامياً وحضوراً لافتاً من مختلف الفعاليات والاختصاصات، لكن ماذا كانت النتيجة؟ كانت صفراً.
طرح مشروعات سياحية أو غير سياحية
لم تكن هذه المؤتمرات هي الأولى، فقد سبقها العديد من الملتقيات والندوات، طرح فيها العديد من المواقع السياحية للاستثمار، حتى وصل الأمر برؤساء الوحدات الإدارية لطرح مثل هذه المشروعات الاستثمارية والسياحية، وكل في مجاله، وانتهى الأمر هنا.
علاوة على أنه لم تتم إعادة تأهيل وترميم أية منشأة سياحية، طالها الدمار والخراب لينطبق عليه واقع الحال الذي يقول: كمن ينفخ في قربة مثقوبة.
فالكل يتحدث عن تأهيل المواقع السياحية دون أن نرى على أرض الواقع أثراً لذلك، فقد يكون الموقع لايزال خارج السيطرة، كما هو الحال في بعض المواقع الأثرية، مثل شيزر، وقلعة المضيق، وغيرهما، ولكن كيف يمكن تأهيل منشأة سياحية مصنفة ثلاث نجوم وربما أكثر وهي لم تستكمل بعد منذ ما قبل الأزمة إجراءات الترخيص، رغم صدور البلاغ رقم /9/، وتبعه بعد سنوات البلاغ رقم /4/ لجهة تسوية هذه المنشآت السياحية، والصناعية، وغير ذلك.
في هذا الصدد قال ارحيم، مدير سياحة حماة: لقد صدر المرسوم رقم 11 لعام 2015 الذي أكد على ضرورة تصنيف أية منشأة سياحية، وتأهيلها خلال مهلة مدتها ستة أشهر في حال كانت مطعماً، وسنة في حال كانت فندقاً، مشيراً إلى العديد من المنشآت التي كانت مخالفة لشروط الترخيص واستكملت العديد منها الإجراءات المتبقية، وسوّت أوضاعها.
وأضاف مدير سياحة حماة على ذلك قائلاً: ليست الغاية أن تكون لدينا مواقع سياحية جميلة لإقامة مشروعات استثمارية استراتيجية، المهم أن يكون لدينا مستثمر، وساق مثالاً على ما جرى قصر الأرناؤوط الذي تم تسليمه لأحد رجال الأعمال لاستثماره، والبالغة مساحته 9000 متر مربع “طابقي” ولم يقم بأية خطوة حيال ذلك، وقد زاره وزير السياحة قبل أيام خلال زيارته لحماة، وأوعز لمجلس المدينة إن أراد سحب التعهد من هذا المستثمر فلا تمانع وزارة السياحة.
مواقع كثيرة
وراح مدير سياحة حماة يعدد لنا المواقع التي يمكن طرحها، بل وسبق أن تم طرحها منذ ما قبل الأزمة مثل كتف الشريعة، والبرناوي، والوراقة، وغيرها العديد من المواقع، ولكن كما قلنا سابقاً لا يكفي الترويج طالما لا يوجد مستثمر.
من ناحيته قال رئيس مجلس مدينة مصياف، الدكتور قاهر أبو الجدايل، أثناء تتبع وزير الموارد المائية لمشاريع محافظة حماة بأن الفندق الخاص بمجلس المدينة لا يمكن إعادة النظر في استثماره الآن، ومتنزه الوراقة بحاجة ماسة إلى تأهيل، وإعادة ترتيب. إذاً لا جديد فيما يتعلق بالواقع السياحي في مدينة مصياف، وشلالات بلدة الزاوية الجميلة ليس لها مثيل سوى شلالات تل شهاب، ومع ذلك تفتقر إلى المشاريع الاستثمارية، رغم أن مياهها موسمية شتاء وتذهب لسد دير شميل، وصيفاً تتراجع غزارتها كثيراً ليستخدمها المزارعون في سقاية مزروعاتهم.
إلى ذلك طالب وزير السياحة من حماة بتقديم كشف تفصيلي عن المواقع السياحية، والمنشآت التي يمكن طرحها للاستثمار في الملتقيات السورية، فهذا أمر مضحك، لماذا؟.. لقد تم طرحها جميعاً في الملتقيات الاستثمارية السنوية التي كانت تقام في شهر نيسان من كل عام، ويومها كان الأمر متاحاً أكثر من الآن نظراً للظروف الراهنة حالياً، ويوجد لدى المحافظة بحماة كراس جميل يحتوي كل المواقع السياحية التي تم طرحها للاستثمار منذ عام 2008، ولا نعتقد بأن أرشيف وزارة السياحة يخلو من هذا الكراس، بل وبمحض المصادفة، ونحن نتحاور مع مدير المكتب الصحفي في المحافظة، عثرنا على الكراس على طاولته الذي أشرنا إليه قبل قليل، والذي لم ينفذ منه مشروع واحد!.. فهل تريد وزارة السياحة كراساً إضافياً آخر من باب هواية جمع الكراسات السياحية في المحافظات؟!.
محمد فرحة