المــرأة الســورية.. عطـاء غيـر محـدود.. وتضحيـات تبنـي وطنـاً
استطاعت المرأة السورية عبر الأجيال أن تبرهن أن قوة مجتمعنا السوري تنبع من قوتها، كونها المعنية بعملية بناء الأجيال، وتحصينهم فكرياً ووجدانياً، وتنشئتهم على قيم التضحية والعطاء، وغرس الانتماء الحقيقي إلى تراب الوطن، فكانت بحق اللبنة الأساسية لنهوض مجتمعنا والارتقاء به، وصمود أبنائه خلال سنوات الأزمة، كونها المدرسة الأولى التي علّمت أولادها معنى التضحية من أجل سورية الأم، واليوم ونحن نحتفل بعيد المرأة العالمي الذي يصادف ذكرى ثورة الثامن من آذار، لا يمكننا أن نغفل المكانة الهامة التي تبوّأتها المرأة السورية في ظل هذه الذكرى من خلال إفساح المجال لها لتمارس دورها بثبات واقتدار في ترسيخ أركان المجتمع السوري، واعتماداً على هذا الدعم المتواصل استطاعت أن تبرهن جدارتها لكل ما اتُخذ لفائدتها من قرارات وإجراءات ومبادرات، وأن تثابر باستمرار على اكتساب مواقع جديدة تؤهلها للإسهام الجاد في تكريس التنمية الشاملة للمجتمع.
للعيد معنى
تختلف طرق الاحتفال بعيد المرأة العالمي من بلد لآخر لتصب جميع الطرق في مصب الاحترام العام، وتقدير، وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ففي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم، ويعود سبب الاحتفال بها في هذا اليوم على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، والذي عقد في باريس عام 1945، وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة، وفي بعض الأماكن يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة، فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم ويوم الحب، ولكن في أماكن أخرى غالباً ما يصحب الاحتفال سمة سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً.
مكاسب نسائية
لقد حصلت المرأة السورية قبل معظم النساء العربيات، ومعظم نساء العالم الثالث على حق الاقتراع والترشيح لمجلس الشعب، ومجالس الإدارة المحلية من دون قيد أو شرط، فقد بلغت نسبة النساء في مجلس الشعب 12%، وهي نسبة قياسية في الوطن العربي.. وفي الإدارة المحلية وصلت نسبة تمثيل المرأة إلى 7.8 % في مجالس المحافظات و4.5 % في مجالس البلديات، كما ازدادت نسبة وجودها في جميع المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية، كما دخلت المرأة السورية في السلك الدبلوماسي منذ عام 1953، وكان لها دور فاعل فيه، وقد وصلت نسبة مشاركتها في هذا السلك حالياً إلى حوالي 11 %، أما بالنسبة للقضاء فإن قانون السلطة القضائية الصادر في سورية عام 1961 ساوى بين النساء والرجال، وأعطى للمرأة حق تولي القضاء مثلها مثل الرجال، وتخضع للشروط نفسها في التعيين والترقية والتعويض وكل الحقوق والواجبات.
حجر الأساس
ما تحقق للمرأة السورية، كان نقلة نوعية في عالم المرأة السورية، وذلك للإيمان الواضح بأهمية المرأة التي هي عماد الأسرة، فالمرأة السورية تعد نموذجاً للمثقفة الواعية التي تخدم بلدها، وتمثله في أكبر المحافل العربية والدولية، وبالتالي خلق الأجيال القادرة على تحمّل المسؤولية، والسير ببلدها نحو الأفضل، حيث ترى مارييت خوري “أمينة الثقافة والإعلام بالاتحاد العام لنقابات العمال” أن المرأة السورية برهنت على جدارتها في المهمات التي استندت إليها، وقدرتها على التعامل مع مختلف المستجدات المعاصرة، فكانت خلال سنوات الأزمة ” الأم والزوجة والأخت” اللاتي ضربن مثالاً في التضحية وبناء الوطن بسواعدهن… فالمرأة هي التي تولد الرجال، وتشدهم إلى العمل، والدفاع عن الوطن، وبسواعدها وسواعد الرجال بني هذا الوطن، وأكدت خوري أن العالم كله ينظر بكثير من الاحترام والتقدير للدور الذي أدته وتؤديه المرأة في المجتمع، ويتطلع بالأمل والاهتمام إلى ضرورة أن تستمر في عطائها وتقدمها وإسهامها في بناء الوطن وتعزيز صموده، فالمرأة في بلدنا الصامد تشارك أباها وزوجها، وتتبوأ ما تستحقه من مسؤوليات وأعمال رفيعة في ميادين الحياة كافة، لذا لابد من استمرار تضافر الجهود لتحسين وضع المرأة، حيث إنها تقوم بأدوار هامة في حياة المجتمع لإعداد جيل قادر على صناعة دولة قوية، ولعل واقع المرأة السورية والمكانة المجتمعية التي حظيت بها طيلة العقود الماضية، يثبت المكانة الهامة التي استطاعت الوصول إليها في كافة مناحي الحياة، ففي الوقت الذي مازالت فيه المرأة تسعى في كثير من دول العالم للحصول على حق التصويت والترشيح، نجد المرأة السورية تسعى لزيادة حصتها ومشاركتها في كل المجالات، والمطلوب منا جميعاً أن نعمل على تفعيل دور المرأة أكثر، وإفساح المجال واسعاً أمامها كي تكون عضواً فاعلاً في مختلف المجالات، فنماء المجتمع وانفتاحه وتقدمه مرتبط بصورة أساسية بمقدار ما تتمتع به المرأة من حقوق بشكل فعلي، وما تساهم به من واجبات في حياة بلدها.
نضال وطني
اعتبرت الأستاذة راميا الحاج، أمينة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال حماة، أن ثورة الثامن من آذار كانت بحق نقطة تحول هامة في حياة سورية المعاصرة، ونقطة البداية بعد سنوات طويلة من الجهل والتخلف بسبب الاستعمار البغيض، ويتزامن عيد المرأة العالمي مع هذه الذكرى، حيث منحت ثورة الثامن من آذار المرأة السورية ميزات عديدة، فهي جنباً إلى جنب مساوية للرجل، حيث شغلت مناصب متعددة، وكان لها دور كبير في بناء المجتمع، فهي العاملة، والطبيبة، والمهندسة، والمعلمة، وقبل كل هذا هي الأم والأخت والزوجة، فهي نصف المجتمع، واللبنة الأساسية في بنائه، وهي الحضن الدافئ الذي قدم للوطن أغلى ما يملك، شهداء على طريق الحرية والنصر على الحرب العالمية التي شنتها المجموعات الإرهابية المسلحة القادمة والممولة من مختلف أنحاء العالم، فقدمت المرأة السورية الأب والأخ والزوج والابن شهداء عظماء رووا بدمائهم الزكية الطاهرة تراب هذا الوطن الغالي، وكانوا مشاعل النور التي صنعت النصر الأكبر، فاستشهدوا كي يحيا الوطن، ووجهت الحاج التحية لكل النساء السوريات اللواتي أثبتن أنهن الأقدر على حمل جراح الوطن والدفاع عنه بأغلى ما يملكن، وأكدت الحاج أن السيد الرئيس بشار الأسد أولى الاهتمام الكبير للمرأة السورية لتكون على قدم المساواة مع الرجل، فلم يبق في سورية مجال من مجالات العمل، والإنتاج، والعلم، والتخطيط، والإدارة، والتنمية إلا وكانت المرأة مشاركة فيه، ومتميزة وملفتة للنظر، حيث تقلّدت مناصب قيادية هامة، ونجحت في هذه المهام والمسؤوليات، وكان لها دور متميز في النضال الوطني والقومي، ومهما تحدثنا عن دورها والإنجازات التي تحققت لها، فإنه يلزمنا الكثير من الوقت ومساحات من الورق.
لنا كلمة
لاتزال قضية المرأة تلقى كل الدعم والتأييد على مختلف الصعد من خلال توفير جميع الفرص التي تتيح للمرأة المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهذا ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم: “المرأة هي التي تنشئ وتربي الرجال والنساء، وتهيئهم للمشاركة في بناء وطنهم، وهي التي تسهم في مختلف مواقع العمل في التنمية والتقدم، وهنا يتطلب أن نهيئ لها البيئة الملائمة لكي تكون أكثر فعالية في المجتمع، وبالتالي أكثر قدرة على أداء دورها في التنمية”.
ميس بركات