بين الشك والثقة.. تفتيش موبايل الزوج أو “الزوجة “.. حالة من الغيرة المرضية وانعدام التفاهم الزوجي
السؤال الذي يتكرر في كل جلسة نسائية، وعبر صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بشريحة “الصبايا”، والذي تتسابق الكثيرات للإجابة عليه، ويخلق الكثير من ردود الأفعال المتباينة.. وهو الاستفسار عن تفتيش الجهاز الخليوي للزوج، هل هو حق، أم ضرورة، أم تشكيك؟؟؟…لنجد أن أغلبية الإجابات تنحصر في تأييد فكرة ملاحقة الزوج من خلال التفتيش بشكل دائم أو متقطع في جهازه الخليوي دون أن يعلم، مبررين ذلك بأن التقدم التكنولوجي الخطير الذي نلمس سلبياته وإيجابياته يومياً أضاف عبئاً إضافياً على كاهل الأزواج ليزيد من نار الشك والغيرة والقلق الدائم، ويعطي في الوقت نفسه الكثير من الحق لهم للتجسس على بعضهم عبر رسائل البريد الالكتروني، والرسائل القصيرة عبر الجوال، لتصبح هذه الوسائل تشكل خطراً حقيقياً يهدد الحياة الأسرية، ونستطيع القول: إن هذه الأجهزة باتت أشبه بالبارود الممكن انفجاره في أي وقت حسب الظروف المحيطة بحامل هذه الأجهزة، ليبقى السؤال هنا: هل من حق الزوج والزوجة مراقبة بعضهما البعض، والتجسس على أجهزتهما الالكترونية، وما الذي يدفع الكثير لممارسة هذا النوع من التجسس، وما هي عواقبه..؟.
فضول ذكوري
أشارت إحدى الدراسات الاجتماعية البريطانية إلى أن الرجال أكثر فضولاً وميلاً للتجسس على هواتف زوجاتهم من دون إذنهن مقارنة بالنساء في علاقتهن بأزواجهن، وذلك فيما أجروه على 2081 زوجاً وزوجة، وقد اعترف فيه 62% من الرجال بأنهم يتلذذون، ويفضلون فتح هواتف زوجاتهم، والاطلاع على الرسائل النصية والمكالمات وغيرها، مقارنة مع 34 % من النساء اللواتي اعترفن بالقيام بذلك، واتفقت إجابات 89 % منهم أنهم أرادوا مراقبة هواتف زوجاتهم للتأكد عما إذا كانت الزوجات يقمن علاقة غرامية مع أشخاص آخرين، في إشارة منهم إلى الخيانة الزوجية، في المقابل تقول إحدى الدراسات الصحية الحديثة: إن التجسس على الزوج عبر أجهزة التكنولوجيا الحديثة يزيد من مستويات القلق والاضطراب لدى 60 % من الأزواج، وتقول الدراسة: إن هؤلاء الأزواج ينتابهم الشك بشأن سلوك الأزواج، وعدم إخلاصهم للحياة الزوجية يتعرضن لأزمات قلبية، نظراً لأن حب الاستطلاع والتطفل يزيد من معدلات ضربات القلب، وزيادة معدل الأدرينالين في الجسم، تلك النوبات التي يمكن أن تنتهي بحدوث أزمات قلبية في بعض الأوقات، وأشارت الدراسة أن الرغبة في التطفل والتجسس على الزوج تقلل من معدل النوم الطبيعي لهم، ما يمثل خطراً على الجهاز العصبي، وأكدت الدراسة على أهمية تدريب النفس على عدم التجسس، لأن اكتشاف الأخبار المقلقة عن الزوج عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، يمكن أن يحوّل الحياة الزوجية إلى جحيم مستمر، ويحوّل الأزواج إلى كائن متهالك بسبب ما سوف تعانيه من القلق والحيرة.
بين الشك والثقة
حالات كثيرة من الغيرة المرضية وانعدام الثقة تصيب الكثير من الرجال والنساء لتقودهم للمنافسة على تفتيش موبايل وحواسب الأزواج، الأمر الذي يخلق العديد من المشكلات الأسرية، وخاصة عندما يتم اكتشاف خيانة أحدهم للآخر، لتنتهي أغلب هذه المشاكل بالطلاق، ولم يخف الكثيرون قيامهم بجولات تفتيشية على أجهزة أزواجهم نتيجة فقدان الثقة بهم من جهة، أو قد تكون الأسباب اجتماعية بأن يتدخل بحياة الزوجين بعض أفراد المجتمع، سواء الأقارب أو الأصدقاء، وتبدأ إثارة الشكوك حول أحد الزوجين، ما يدعو الطرف الآخر للشك بشريكه، فالكثير يجد في تصرفات الزوج المثيرة للشك مبرراً للتفتيش وراءه، الأمر الذي يدفع بعضهم لهذا التصرف، مصرين على متابعة ومراقبة بعضهم بذكاء اجتماعي حتى لا تشعل النيران، وتبدأ الخلافات غير المنتهية، وفي المقابل وجد الكثيرون أن هذا العمل غير أخلاقي، وفي حال انعدمت الثقة بين الطرفين، من الأفضل الانفصال لا الجري وراء أوهام وشكوك تزرع الكره والحقد بين الطرفين، فبرأيهم لا وجود لأي سبب أو دافع يدعو لملاحقة أجهزة بعضهم انطلاقاً من أهمية الثقة المتبادلة بين الطرفين كي لا تتمادى الأمور وتصل لتفتيش خصوصيات الغير بهدف التجسس، وإذا حدث أن وجد الزوج أو الزوجة رقماً غريباً في موبايل الآخر، أو دردشة غريبة، يستطيعون المصارحة للتوضيح فقط كي يتجنبوا الشك، فمراقبة الأجهزة الالكترونية لبعضهم هي نوع من انتهاك الخصوصية الشخصية، والاطلاع على أسرار الآخر، سواء من قبل الزوجة أو الزوج، وليست له أية مبررات أو أسباب!.
الصراحة
تجسس، غيرة مرضية، فضول زائد، كثيرة هي التسميات التي أطلقتها الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع” على هذه الحالة التي أودت بالكثير من العلاقات الأسرية للانهيار، فاليوم أضفت هذه الوسائل التكنولوجية الكثير من الهلع على حياة الإنسان الشخصية، ليفقد الطرفان الإحساس بالثقة والأمان تجاه بعضهما، مضيفة أن تجسس الزوج على زوجته دون داع يدل على انعدام ثقته بنفسه وفيمن حوله، إلى درجة أنه يظن السوء فيمن حوله، ويصدق ظنونه، وهو بذلك قد يكون سلك أقرب الطرق إلى نهاية الزواج، ومما لا شك فيه أن مجتمعنا يعاني من آثار الانفتاح الفضائي، والتواصل الاجتماعي المباشر عبر الأنترنت والأجهزة الخلوية، باعتبارها من أهم أسباب حدوث مثل هذا الشك في السلوكيات، ما يستدعي تعزيز الثقة بين الزوجين من خلال الحوار والمصارحة، وتجاهل كافة الأمور المثيرة للريبة مهما كانت، كما يجب على الزوجين عدم التجسس على بعضهما لما لذلك من آثار سلبية تؤدي إلى تدمير الأسرة، وخلق جيل مريض، فالمصارحة والشفافية بين الزوجين ضرورية، وقبلهما المودة، وصولاً إلى حياة اجتماعية متكاملة.
ميس بركات