مندوب سورية من جنيف يفنّد تقرير “حقوق الإنسان”: العمليات العسكرية في الغوطة تنسجم مع القانون الدولي الإنساني
رداً على اتهامات المفوض السامي لحقوق الإنسان الجمهورية العربية السورية الواردة في تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان، أكد السفير حسام الدين آلا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف أن العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية تستهدف المجموعات الإرهابية، وتتمّ بانسجام مع القانون الدولي الإنساني، وقال في مداخلة: “إن المفوّض السامي لا يزال مصراً على منح نفسه حق إعطاء الدروس للدول والتهجم عليها وعلى تجاوز ولايته بموجب القرار 48-141، الذي يفرض عليه احترام السيادة الوطنية للدول كما لا يزال مصراً على تبني آراء مسيّسة تستهدف دولاً معينة وتتجاهل دولاً أخرى استناداً إلى اعتبارات لا يعلمها سوى المفوض نفسه”.
وشدد السفير آلا على أن ما ورد في إحاطة المفوض السامي حول الجمهورية العربية السورية “مثال للاتهامات المدفوعة باعتبارات سياسية، حيث نراه تارة منخرطاً في تسويق مزاعم ملفقة تتهم الدولة السورية بالاستهداف المتعمّد للمدنيين لإنكار حقها بمكافحة الإرهاب، وتارة أخرى بتبني روايات حول الأحداث في سورية تفتقد لأدنى درجات الموضوعية، وتتجاهل ما أقر به مسؤولو دول إقليمية حول تورّطهم منذ اليوم الأول بتأجيج الإرهاب وإرسال السلاح عبر الحدود بتواطؤ من دول الجوار”، مشيراً إلى أن المفوض السامي ربما نسي رواية رئيس وزراء مشيخة قطر السابق حمد بن جاسم عن “الصيدة التي فلتت فيما قطر والسعودية تتهاوش”. وأضاف السفير آلا: “إنه ورغم التزام سورية بتهدئة إنسانية يومية فإن استمرار الإرهابيين في القصف العشوائي على العاصمة دمشق استدعى ممارسة الدولة السورية واجبها في التعامل مع واقع لا يمكن لدولة في العالم أن تقبل به، وعلى التوازي تمّ فتح معبر آمن وضمان سلامة المدنيين المغادرين وتوفير احتياجاتهم، هذه الإجراءات التي انتقدها المفوض السامي في بيانه هي إجراءات تطالب الأمم المتحدة باتخاذها عادة في هكذا حالات”، وتابع: “إنه وقبل أن يوجّه المفوض السامي الاتهامات لبلادي ندعوه للتحقيق في الأوضاع الإنسانية بمدينة الرقة، التي أقر زميله يان إيغلاند بسقوط 125 قتيلاً فيها أسبوعياً، بسبب مخلفات القصف الأمريكي، وللتحقيق أيضاً في العدوان الهمجي التركي على عفرين، وذلك إذا ما أراد الحفاظ على مصداقية موقعه”.
وكان السفير آلا أكد في كلمة له الاثنين الماضي أمام مجلس حقوق الإنسان أن الهدف المسيّس والانتقائي كان واضحاً بشدة فى القرار الذي اعتمده المجلس بعد أن تمّ تقديمه تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان فى سورية، مبيناً أن رفض التعديلات الروسية التي تعاملت مع الأوضاع على حقيقتها دليل واضح على هذا التسييس وعلى التلاعب الذي تمارسه بعض الدول داخل المجلس.
وفي أوتاوا، انتقد الكاتب جيرمي سولت، المتخصص في التاريخ الحديث للشرق الأوسط، دور منظمات حقوق الإنسان الدولية في الحرب على سورية، والذي تسبب بتفاقم الأوضاع فيها بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وقال، في مقال بعنوان “حرب حقوق الإنسان على سورية” نشر على موقع غلوبال ريسيرتش الكندي، إن الدور الغادر لمنظمات حقوق الإنسان الدولية في الحرب على سورية انكشف مجدداً في تقرير منظمة العفو الدولية بشأن سورية لعام 2017-2018، حيث لم تكن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمصالح الفضلى للشعب السوري أبداً على جدول أعمال الدول التي وقفت وراء مثل هذه التقارير، ومن بينها الولايات المتحدة، بل كانوا وبدم بارد وبلا رحمة يسعون بمختلف الوسائل لتحقيق أهدافهم الخاصة.
وعمدت الأذرع الإعلامية للتنظيمات الإرهابية بشكل متكرّر عبر حملات مسعورة بالتنسيق مع الإرهابيين لتوجيه اتهامات للجيش العربي السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية، وقبلها في مناطق أخرى، في كل مرة يتعرّضون فيها لهزائم كبيرة على يد الجيش العربي السوري، لتأتي هذه المنظمات التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان وتتبنى مزاعمهم بشكل أعمى.
وبين سولت أن منظمة العفو الدولية تواصل في تقريرها الأخير عن سورية سردها المضلل عن مصير شرق حلب والغوطة الشرقية، مشيراً إلى أن أولئك الذين يدعمونها مالياً ينبغي أن يفكروا في المكان الذي يمكن أن يضعوا فيه أموالهم و”نواياهم الحسنة” لاستخدامها على نحو أفضل، ومع الأخذ في الاعتبار البيان الأخير لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس والذي أقر فيه بأن الولايات المتحدة ليس لديها دليل على استخدام الجيش العربي السوري غاز السارين، يتبادر لأذهاننا سؤال: لماذا تكرر هذه المنظمات الاتهامات إذا لم يكن هدفها افتعال المزيد من الأضرار الدعائية ضد الحكومة السورية؟!، وأشار إلى أنه وباسم حقوق الإنسان زادت هذه المنظمات بالفعل الأزمة سوءاً في سورية، وهي لم تتعامل بأمانة إطلاقاً مع السبب الرئيسي لها”، وهو “تصميم الولايات المتحدة وحلفائها منذ أكثر من سبع سنوات على تقويض الحكومة في دمشق كجزء من خطة أكبر لتدمير المحور الاستراتيجي بين إيران وسورية وحزب الله في الشرق الأوسط”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها كرسوا الأكاذيب بشأن الجماعات الإرهابية من خلال وصفها بـ “المتمردين والمعارضة” والإصرار في الوقت نفسه على وصف الحكومة الشرعية في سورية التي تمثّل الشعب السوري وتدافع عن مصالحه بـ “النظام” وذلك بهدف واضح هو “الحط من قدرها والإساءة إليها” فضلاً عن سعيهم لتشويه سمعتها من خلال اتهامها بتنفيذ هجمات عشوائية مزعومة على السكان المدنيين على أساس ما تنقله مصادرها التي لا تتمتع بأي صداقية، ورأى أنه وراء قناع “حقوق الإنسان” تقوم هذه المنظمات بالترويج لأجندة الحرب الخاصة بالحكومات الغربية والإقليمية على سورية، وقد يكون بعضهم أسوأ من الآخر، فمنظمة هيومن رايتس ووتش مثلا تعتبر ملحقاً بوزارة الخارجية الأمريكية وجميعهم يلعبون اللعبة المنافقة نفسها.
وأشار سولت إلى أن ما ارتكبته التنظيمات الإرهابية في شرق حلب في السابق هو نفسه ما ترتكبه الآن في الغوطة الشرقية حيث تحتجز مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء كرهائن، بينما يتعرّض كل من يحاول الخروج للقتل على يد هذه الجماعات التكفيرية التي تحكم المناطق التي تنتشر فيها بالإرهاب والذبح والقتل والخطف والقمع، كما لا تتمتع المرأة بحقوق سوى ما يمنحها لها الرجال، بينما تتمتع المرأة والرجل بنفس الحقوق أمام القانون في ظل الحكومة السورية، وبين أن ادعاءات وسائل الإعلام الغربية ومنظمات حقوق الإنسان هذه بشأن ما حدث في حلب وما يجري الآن في الغوطة الشرقية تتناقض مع الحقائق الجارية على أرض الواقع، خاصة أنها تغفل جهود الجيش العربي السوري لمكافحة الإرهابيين والجرائم الإرهابية التي تستهدف جنوده، كما أغفلت بهجة أهالي حلب بعودة الأمن والاستقرار لربوعهم بتحرير الجيش السوري للمدينة ودخوله إليها.
ولفت سولت إلى أن معركة التكفيريين فيما بينهم هي حول الأرض والسلطة والمال لكن أيديولوجيتهم هي نفسها وترتكز على أساس تدمير الدولة العلمانية والمجتمع وفرض نظام فظ تتحوّل فيه المرأة إلى وضعية الماشية، مستعرضاً أساليب التعذيب والقتل التي يمارسونها بحق المدنيين والأطفال وجرائمهم التي تطال المدنيين وسط دمشق كل يوم عبر قذائف الحقد والغدر، وأكد أن الحرب التي تستهدف سورية بدأت بمؤامرة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلفائها الإقليميين في الشرق الأوسط لتدمير الحكومة السورية مهما كانت الخسائر التي يتكبدها الشعب السوري باستخدام الوكلاء التكفيريين للقيام بعملهم القذر في سورية، خاصة بعد رفض روسيا والصين السماح باستخدام مجلس الأمن الدولي كورقة توت تغطي حقيقتهم وحقيقة سعيهم لشن عدوان جوي ضد سورية، وقاموا بتسليح وتمويل هذه الجماعات دون أن يهتموا من هم ومن أين جاؤوا وما هي معتقداتهم طالما أنهم كانوا مستعدين لحمل السلاح ضد سورية، وشدد على أن مسؤولي هذه الحكومات هم المجرمون الأساسيون في سورية وهم أنفسهم من يدعون الغضب بشأن معاناة السكان في الغوطة الشرقية، وأضاف: إن على المجتمع الدولي تحديد أسلوب التعامل مع سورية على أساس أسباب ما يجري وليس كما يتم تحريفها في وسائل الإعلام من خلال “النشطاء” المتجذّرين في الجماعات التكفيرية “كالخوذ البيضاء” وخدع “حقوق الإنسان” التي لا تخدم الحقيقة والعدالة ومصالح الإنسانية.