1922 سنة الأدب الانكليزي بامتياز
أدت الحرب العالمية الأولى إلى جرح أو قتل ما يقارب الـ 40 مليون شخص، وقامت بتغيير ميزان القوى الذي كان سائداً في أوروبا لقرون عدة، مبشرةً بعصرٍ جديدٍ من الحروب وإعادة ترسيم الحدود العالمية، وبطبيعة الحال أثرت بالأدب. ومنذ أيام ما يُعرف بالموت الأسود (أو الطاعون الأسود الذي اجتاح أوروبا بعد أن انتقل بالسفن إلى ميناء صقلية عام 1347)، استوحى كتّاب الانكليزية كتبهم من كتب أخرى، فتشوسر نهب بوكاتشيو وشكسبير استلهم أجزاء من “هاملت” من عمل توماس كيد “المأساة الإسبانية”، واستمرت هذه السرقة أعواماً طوال، فأنجز ديكنز الخالد “توقعات عظيمة” المؤلف من 59 فصلاً، اقتبسه من السير فيليب سيدني. ولكن هذا كله تغيّر بدءاً من عام 1920 وبلغ ذروته بعد عامين، وللتعرف إلى هذه النقلة النوعية والمهمّة يضيء بيل غولدستين، محرّر ومقدم سابق لقسم الكتب على موقع شبكة (NBC) الأمريكية المعروفة، في كتابه الجديد “السنة التي غيّرت الأدب الانكليزي” على حياة أربعة أدباء حداثيين، ليفصل سيرتهم الذاتية وأهم مؤلفاتهم التي يعتمد عليها أدب القرن الحادي والعشرين، وهم مورغان فورستر وديفيد لورانس وتوم إليوت وفرجينيا وولف، ويبدع في وصف معاركهم الداخلية مع الورق الفارغ لملئه بأعمال تُدرّس لقرون عدة. يتتبع الكتاب التفاصيل الحيّة بين المراسلات والروايات والقصائد المنشورة للأدباء، كما يؤكد غولدستين على الشخصية والأسطورة والتجريد للأعمال، وقد تعامل مع عمله وكأنه إنتروبولوجيا ثابتة، فأبطاله الأربعة يشبهون طلاب الدراسات العليا. ويكمن الاهتمام الدائم بالعام 1922 في الذكاء والجنون والجمال والكوميديا والدمار الأدبي، حيث قام كتّاب ذلك العام بدمج شظايا العصور السابقة مع صخب فترة ما بعد الحرب، وقد لا يكون غولدستين أوفاهم حقّهم ولكنه بعث الحياة في سيرتهم الذاتية، وبالتأكيد كل من يقرأ هذا الكتاب سيدرك ذلك على الفور.
سامر الخيّر