ابتسامات مؤنثة.. في معرض “امرأة ووطن”
يختصر معرض “امرأة ووطن” بعنوانه “ثنائية الحياة وجدواها”، وتضج لوحاته المعلقة في قلب صالة “ألف نون” برؤى وآمال عشر فنانات من سورية عاصرن الحياة والحرب معاً، فجاءت أعمالهن تنبض بالأنوثة والقوة معاً، فهي معجونة بالحب والفرح، وملونة بالمعاناة والإحساس، ومع ذلك فهي تناشد السلام عبر ابتسامات مؤنثة، حملتها لنا لوحات الفنانات المشاركات (سوسن جلال، عفاف خرما، إملي فرح، حنان الشامي، ميساء عويضة، هوري سلوكجيان، لين بطل، مفيدة الديوب، صريحة شاهين، لبنى أرسلان) لتؤكد بأن المرأة حاضرة بقوة في المشهد التشكيلي السوري، وقد أشار الفنان بديع جحجاح صاحب صالة “ألف نون” إلى أن هذا المعرض إهداء إلى جميع أمهات الشهداء في سورية، فقد رحلت أمي ذات يوم، فزرعتها نخلة لتصبح بعدها كل الأمهات أمي، وكل إنسان أخي، ومشيت على جسر العارفين باحثاً في كون ربي، فوجدت نفسي، وعرفت وطني، وأدركت أن الفن طريقي إليكم، لافتاً إلى أن معرض “امرأة ووطن” هو محطة في جسد الحرب، وهو ابتسامات مؤنثة ملونة، نتشاركها في وطن نتقاسم فيه الحزن والفرح، ونرسم دوره بالإيمان والأمل لنرمم أوجاعنا، ونسكب ترياقاً في أرواحنا، علّنا نهتدي عبر طاقات لعشر نساء من وطني يقدمن رسالتهن بكل بساطة وحب لوطن يتوق للحب والحق والخير والسلام.
حضور قوي
وترى الفنانة سوسن جلال أن إقامة معارض في سورية بمناسبة عيد المرأة العالمي هو حركة جميلة ومميزة، حيث إن كل فنانة شاركت بأعمال مختلفة لتثبت بصمتها واختلافها، وعن مشاركتها في المعرض تقول: شاركت بثلاثة أعمال مائيات رسمت فيها الورد، فأنا معروفة بتقديم الورد بطريقة مختلفة فيها خصوصية لا يشبه ما يقدّمه غيري، وأشارت إلى أن الفن لا يمكن فصله بين رجل وامرأة، ومع أن عنفوان الرجل وقوة ضربته وأسلوبه وألوانه وجرأته تبرز في أعماله، إلا أن المرأة تبقى لديها شاعرية وإحساس ولمسة أنثوية مختلفة تميز لوحاتها، وهي أثبتت جدارتها في الساحة الفنية، لافتة إلى أن الصالات الخاصة ساهمت بتنشيط الحركة الفنية، وزيادة الوعي بأهميته، ولديها تحفيز واهتمام إيجابي بالفنان، كذلك شاركت الفنانة، وأم الشهيد صريحة شاهين بعملين، عبّرت من خلالهما بأن المرأة رغم وجعها بقيت متشبثة بوطنها، حيث تمتلك أملاً قوياً وإيجابياً بالنصر، فسورية هي الماضي والحاضر والمستقبل، واعتبرت هذا المعرض تحية لأمهات الشهداء، وللمرأة السورية الفاعلة.
تظاهرة جميلة
كما أشارت الفنانة عفاف خرما إلى أن المعرض تظاهرة جميلة تثبت بأن المرأة حاضرة في الحركة التشكيلية السورية، ولاسيما بعد أن دخلت سورية في مرحلة التعافي من هذه الحرب، وبدأت الحركة الفنية بالانتعاش من خلال حضور الصالات الخاصة والرسمية الذي كان له دور إيجابي كبير، وأضافت: شاركت بثلاثة أعمال بألوان الباستيل، ركزت فيها على الطبيعة الصامتة التي تستهويني، ولاسيما عندما أركز على الظل والنور في اللون، كما شاركت الفنانة لين البطل بثلاث لوحات عبر تقنيات مختلفة من اكريليك وأحبار، والنمط الذي أقدمه مختلف عن باقي اللوحات، فأعمالي فيها شيء من حياة القبائل، فأنا متأثرة بأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وهي إعلانية أكثر منها تصويرية، ومن الضروري أن يرى مرتادو المعارض جميع الأنماط حتى التي لا يحبذونها، لأن الاختلاف شي أساسي وضروري، ولو أن الصالات الخاصة في البداية بدأت باحتكار وتقديم أسماء فنية محددة، وهذا شيء سلبي يدل على خوف الصالات من تقديم أسماء جديدة، ولكننا اليوم تجاوزنا هذه السلبية التي لم تعشها الصالات الرسمية، لأن هدفها استمرارية ووجود حركة ثقافية وفنية.
توثيق فني
ووجدت الفنانة مفيدة الديوب بأن عنوان المعرض يحرض على رسم موضوعات غاية في الأهمية، ومشاركة المرأة بمعارض مختلفة تجعلها تقوم بتوثيق المرحلة التي تمر بها سورية، وأعمالي تجريدية تعبيرية عبّرت فيها من خلال اللون وليس بشكل مباشر عن تضحيات المرأة، لربما أستطيع بريشتي وألواني أن أوصل العرفان والامتنان لتلك المرأة التي ستبقى سورية بخير بوجود تضحياتها، ولفتت الفنانة لبنى أرسلان بأن المعرض مبادرة جميلة، وتعبير عن وجود المرأة بهذا الزمن الذي يعاني من ثقل وأزمات، وقد حاولت من خلال لوحاتي أن تكون المرأة موجودة بشكل مختصر، فهي لم تكن محور العمل، بل محوره التفاؤل عبر ألوان واختصارات لتكنيك جديد مناسب للعمل عن المرأة التي لديها خفايا، وحيوية، وتناقضات من خلال صورة موجزة عما أشعر به تجاهها، ولكن يجب علينا ألا نغفل دور الرجل، وعدم توجيه الضوء باتجاه واحد، وأتمنى استمرار إقامة معارض فيها روح فكرية، وطاقة إيجابية، وتفاؤل، وحب، تشبه ركيزة الحب الكبيرة التي تقدمها صالة ألف نون.
لوردا فوزي