موسكو تحذر واشنطن من الإقدام على خطوات أحادية الجانب في سورية: ستكون له عواقب وخيمة
غداة تهديدات أطلقتها مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بأن بلادها ستتخذ خطوات أحادية ضد سورية، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن من الإقدام على هكذا خطوة، مؤكداً أنه في حال حصول ذلك فستكون عواقبه وخيمة جداً، ولفت إلى أن مشروع القرار الجديد حول الغوطة الذي تنوي أمريكا تقديمه في مجلس الأمن يشير إلى فشلها في تنفيذ القرار السابق وعدم رغبتها في محاربة الإرهاب، وأنها تحضر الأرضية للخطة البديلة التي تعمل عليها وهي تقسيم سورية.
وفيما أدانت الخارجية الروسية تهديدات هايلي مشددة على أن تصريحاتها غير المسؤولة تثير استياء وقلقاً شديداً، أكد رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف أن الإرهابيين يعدون استفزازاً باستخدام مواد كيميائية ضد المدنيين لاتهام الجيش السوري وتبرير اعتداء أمريكي جديد على سورية، مشدداً على أن روسيا سترد حال تعرض حياة العسكريين الروس الموجودين في سورية لأي خطر وستتخذ إجراءات رد تجاه الصواريخ ومن يستخدمها.
وفي التفاصيل، قال لافروف خلال مؤتمر صحفي فى موسكو أمس: إن على مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن نيكي هايلي أن تدرك أن استخدام منصة مجلس الأمن الدولي بشكل غير مسؤول شيء وما يحدث بين العسكريين الروس والأمريكيين شيء آخر، لافتاً إلى وجود قنوات للتواصل ومن خلالها يتضح ما يمكن فعله وما لا يمكن فعله وأن “التحالف الأمريكي” يدرك ذلك بشكل جيد.
وأوضح لافروف أن التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية تواصل قصف دمشق بالقذائف بما فى ذلك السفارة الروسية في خرق سافر لقرار مجلس الأمن الدولي 2401 حول وقف العمليات القتالية في سورية، مبيناً أن الإرهابيين بقيادة تنظيم جبهة النصرة لا يريدون سوى وقف عمليات الجيش السوري لكي يرتاحوا قليلاً وقد أوضح مجلس الأمن أن التنظيمات الإرهابية ليست مشمولة بالقرار 2401 لكن شركاءنا الغربيين الذين قطعوا على أنفسهم التزاماً بالتأثير على التنظيمات الإرهابية لم يمنعوها من قصف المناطق السكنية في دمشق. واعتبر وزير الخارجية الروسي أن مشروع القرار الجديد حول الغوطة الذي تنوي واشنطن تقديمه في مجلس الأمن يشير إلى فشلها في تنفيذ القرار السابق وعدم رغبتها في محاربة الإرهاب، مبيناً أن المشروع الجديد لا يتضمن أي استثناءات للإرهابيين أي يمنع الاقتراب منهم وهو لا يشمل سورية بأكملها كما كان في القرار 2401 بل يقتصر على الغوطة الشرقية فقط، وأضاف: تصوراتنا تدفعنا إلى التفكير بأن التحالف الأمريكي لا يهتم كثيراً بالقضاء على بقايا الإرهاب بل الحفاظ على الإرهابيين لتهديد الحكومة السورية حيث تشكل الغوطة الشرقية المكان الأمثل للإضرار بالعاصمة دمشق وبذلك تحضير الأرضية للخطة البديلة التي تعمل واشنطن عليها وهي تقسيم سورية في مخالفة صريحة للقرار 2401.
وأشار لافروف إلى أن الحكومة السورية وافقت العام الماضي على إرسال خبراء أمميين إلى مطار الشعيرات للتحقيق بمزاعم استخدام غاز السارين في حادثة خان شيخون وتم إبلاغ الجانب الأمريكي بهذه الموافقة وكان جوابهم لم نعد نحتاج إليها ثم ضربوا المطار مؤكداً أنه في حال حصول ضربة أخرى من هذا النوع فستكون العواقب وخيمة جداً.
وبشأن لقاء وزراء خارجية الدول الضامنة المقرر يوم الجمعة القادم في العاصمة الكازاخية أستانا بين لافروف أنه ستتم خلال الاجتماع مناقشة مناطق تخفيف التوتر وقبل كل شيء منع استمرار خرق الإرهابيين لوقف العمليات القتالية في الغوطة الشرقية حيث يتمركز إرهابيون من تنظيمات عدة ولا سيما جبهة النصرة أو (هيئة تحرير الشام) التي غيرت اسمها مرة جديدة دون أن يتغير صميمهما وهي مدرجة على قائمة مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية.
الخارجية الروسية:
التهديدات الأمريكية غير مسؤولة
وفي سياق متصل أدانت وزارة الخارجية الروسية تهديدات مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي باتخاذ خطوات أحادية ضد سورية مشددة على أن مثل هذه التصريحات غير المسؤولة تثير استياء وقلقاً شديداً، وقالت الوزارة في بيان إن موسكو وعلى خلفية هذه التصريحات تشعر بقلق بالغ إزاء المعلومات حول تحضير المسلحين لتمثيلية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين واتهام الحكومة السورية بها وذلك تمهيداً لتبرير ضربات أمريكية أحادية الجانب ضد دمشق والمؤسسات الحكومية السورية، وأكدت أن مثل هذه العمليات الإجرامية قد تمثل خطراً على حياة المستشارين العسكريين الروس بمن فيهم مسؤولو مركز المصالحة الموجودون في سورية وفي هذا الحال سيتم اتخاذ ما ينبغي من التدابير للرد على ذلك. وأضافت أن تصريحات الولايات المتحدة حول تأييدها للعملية السياسية في سورية مع استمرار احتلالها جزءاً من أراضي البلاد خرق للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وغاية في الوقاحة. وأكدت الخارجية الروسية أن واشنطن في حقيقة الأمر تبذل كل الجهود من أجل حماية التنظيمات الإرهابية الناشطة بالقرب من دمشق وفي محافظات سورية أخرى والحفاظ عليها، مشيرة إلى أن واشنطن تشوه الوقائع فيما يخص الوضع في الغوطة الشرقية وتصمت عن جرائم الإرهابيين ضد سكان الغوطة أنفسهم وقصفهم الأحياء السكنية في دمشق.
“الدفاع الروسية”: الإرهابيون
يعدون لاستفزاز كيميائي
إلى ذلك أكد رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف في اجتماع للكادر العسكري في موسكو إلى أنه تتوفر لدى روسيا معلومات موثوقة حول إعداد المسلحين لعملية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين لاتهام الجيش السوري بتنفيذها، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تخطط لاتهام القوات السورية بذلك.
وأوضح غيراسيموف أنه يوجد في الغوطة الشرقية نشاط ملحوظ من قبل ما يسمى الخوذ البيضاء ومجموعات للتصوير والمعدات الضرورية للبث عبر الأقمار الاصطناعية، لافتاً إلى أن إعداد الإرهابيين لعملية باستخدام الأسلحة الكيميائية يؤكده العثور على ورشة لإنتاج الأسلحة الكيميائية في بلدة أفتريس التي حررها الجيش العربي السوري أمس الاثنين.
وقال رئيس هيئة الأركان إن المعلومات المتوافرة لدينا على أن الولايات المتحدة تخطط بعد هذا الاستفزاز لاتهام الجيش السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية وتقديم ما تزعم أنه (أدلة) على القتل الجماعي للمدنيين على يد الحكومة السورية والقيادة الروسية التي تدعمها ورداً على ذلك تخطط واشنطن لقصف صاروخي على مواقع حكومية بدمشق، وشدد على أن روسيا سترد حال تعرض حياة العسكريين الروس الموجودين في سورية لأي خطر وستتخذ القوات المسلحة الروسية إجراءات رد تجاه الصواريخ ومن يستخدمها.
وفي وقت لاحق بحث غيراسيموف مع نظيره الأمريكي جوزيف دانفورد خلال اتصال هاتفي الوضع في سورية وخاصة منطقة الغوطة الشرقية، وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: إن غيراسيموف بحث مع دانفورد المسائل المتعلقة بالوضع في الجمهورية العربية السورية وكذلك الوضع في الغوطة الشرقية واتفق الطرفان على مواصلة الاتصالات الثنائية، مشيرة إلى أن المكالمة جرت بمبادرة من الجانب الروسي.
خبراء روس: الغرب يمنع استقرار سورية
إلى ذلك أكد عدد من الخبراء والمحللين الروس أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تمنع التوصل إلى الأمن والاستقرار في سورية وتعمل على زيادة الأعمال الإرهابية فيها من خلال تحويل بعض المناطق إلى بؤر إرهابية محمية بهدف استخدامها لتحقيق مخططاتها.
وقال الخبراء والمحللون في مؤتمر صحفي عقدوه في موسكو أمس: إن المخطط الغربي الخليجي الهادف إلى تغيير الحكومة السورية الشرعية وإنشاء حكومة عميلة تابعة للغرب اصطدم دبلوماسياً وعسكرياً بواقع مغاير مبني على تحالف استراتيجي بين روسيا وسورية أفشل كل المساعي الغربية الرامية إلى تحويل المجموعات الإرهابية إلى هياكل عسكرية نظامية كما أن التحالف الروسي السوري نقل النشاط العسكري إلى المرحلة الدبلوماسية ونجح في إقامة مناطق تخفيف التوتر إلى جانب الاستمرار بمحاربة التنظيمات الإرهابية، ولفتوا إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى النيل من وحدة الأراضي السورية ومنع البلاد من استعادة الحياة الطبيعية من خلال إنشاء ودعم جماعات تابعة لها شمال شرق سورية مشيرين إلى أن النجاحات التي يحققها الجيش العربي السوري لا تحلو لتلك الدول الغربية ولذا تلجأ إلى إثارة الاستفزازات من فترة لأخرى بذرائع مختلفة مثل تردي الوضع الإنساني أو اتهام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية، وشددوا على أن روسيا تدرك خطط الولايات المتحدة للاعتداء على سورية بحجة الوضع في الغوطة الشرقية وهي سترد بالمثل إذا جرى هذا الاستفزاز بهذه الطريقة وستقع مسؤولية ما يمكن أن ينتج من عواقب على الإدارة الأمريكية.