بناة الأجيال.. منارة للعلم والمعرفة
ربيع سورية هو ربيع العلم والمعرفة، ربيع القصيدة والكتاب والأبجدية والمعادلات الرياضية، ربيع سورية محطات غنية بذكريات لينابيع العطاء، قاهري أهل الجهالة والظلام بنور العلم والمعرفة، ربيع سورية محطات لمعلمي الأجيال معنى الحياة، لمن أضاؤوا الدرب بالعلم والمعرفة، لمن فتحوا طريق المستقبل للأجيال، فمن هذه الأجيال نشأ جيل صالح يفيد وطنه، ويتطلع لبناء مستقبله الواعد.
المعلم الإنسان الذي يمثل عطاؤه ينبوعاً لا ينضب، وجذوة لا تخبو، لا يضن بجهد، يملأ الرؤوس شهامة، والنفوس فضائل، والعقول إبداعاً، يتفانى في حمل مشعل العلم، يبدد عتمة الجهل من عقول الناشئة، يمجده التاريخ، ويضعه في أرفع منزلة، عندما نذكر المعلم فهذا يعني التطلع دائماً إلى مستقبل باهر لأبنائنا، وذلك لدوره في تنمية وتثقيف وتشذيب الطلبة لخلق جيل عربي مؤمن بعروبته، متحل بالعلم، متسلّح بالثقافة، ليكون القاعدة القوية والمتينة لمجتمع أفضل، ذلك أن عظمة أية أمة تقاس بالعلم والمعرفة والوعي، فبالمعرفة والثقافة تتقدم المجتمعات، وتنهض الأمم وتتطور وتبلغ أعلى المستويات في ميادين الرقي والتقدم.
وإذا كان العلم هو السبب في تحقيق طموحات الأمم وتقدمها، فإن المعلم هو الذي يعد الإنسان المنتج والمبدع، ويؤهله في مراحل التعليم كافة، إنه عصب الحياة، والرسول الذي يحمل النور إلى العقول، فهو كالشمعة التي تذوب لتنير الطريق، يتعب جسده، ويجهد مشاعره، يبحث ويفتّش ليقدم المعلومات إلى تلاميذه من أجل بناء الإنسان القادر عقلياً، ونفسياً، وعلمياً على خدمة وطنه، وتكريماً للمعلم، وعرفاناً بجهوده في تنشئة صالحة، كان هناك عيد للمعلم العربي، انطلاقاً من الدور الجوهري الرائد لبناة الأجيال في إعداد الإنسان وتأهيله في مختلف مراحل التربية والتعليم، وهذا ما أكده الرئيس المؤسس حافظ الأسد بقوله: “إن أهم العناصر في معارك الحياة ومواجهة الأخطار هو الإنسان، فلنستمر في بناء الإنسان المؤمن بوطنه، الصوفي في أرضه، العاشق مجد بلاده، لنبن الإنسان الذي يبحث في خلود شعبه، لنبن الشهيد الحي، إنه كنز الحياة وتراث الخلود، لنعلّم أولادنا الإيثار لا الأثرة، لنعلّم أولادنا الغيرية لا الغيرة”.
إن صورة المعلم التي ارتسمت في الأذهان هي صورة الإنسان القدوة، والرائد، والمناضل، فالمعلم في مدرسته، والمعلمة في مدرستها، يمارس كلاهما النضال من خلال ما يغرسانه في نفوس التلاميذ والطلبة من مؤهلات وصفات تجعل منهم جيلاً قادراً على حمل المسؤولية، ومتابعة النضال الوطني بكل جوانبه.
وهناك الكثير من المعلمين الذين استشهدوا خلال الحرب الظالمة على سورية على يد المجموعات الإرهابية المجرمة، فمنهم من استشهد وهو على رأس عمله، ومنهم في منزله، وبعضهم الآخر في أرض المعركة، وكل هذا انتقاماً منهم لأنهم أدوا عملهم ولبّوا نداء وطنهم، فعملوا على إكمال مسيرتهم التدريسية حتى في أخطر الأوقات، أعطوا دروسهم على أكمل وجه، فكانت مكافأتهم من قبل المجرمين– أعداء العلم والحضارة– القتل والخطف والتعذيب، بهدف قتل العلم والمعرفة والفكر التنويري ليحل محله الجهل والتخلف والفكر الوهابي الظلامي التكفيري.
لقد حظيت العملية التربوية بالاهتمام الكبير بصفتها الأداة الفاعلة في عملية البناء الاجتماعي والاقتصادي، ولاسيما في عصرنا الذي يتسم باتساع المعرفة والثورة التكنولوجية المتسارعة، حيث كان التوجه الجاد لإيجاد صيغ تربوية متطورة قادرة على مواكبة المستجدات العلمية والتربوية، والتفاعل معها، وتوجيهها لخدمة أهداف التنمية الشاملة.
في عيد المعلم نهنئ كل معلم شريف يقوم بواجبه التربوي، فنحن اليوم بأمس الحاجة لتربية جيل جديد قادر على العطاء والتضحية، لأن سورية بحاجة إلى إعادة بناء جيل نال منه الإرهاب، نال من طفولته وبراءته، وعمل على تجميد أفكاره ومحاصرته بأفكار سوداء دخيلة على مجتمعنا وقيمنا وطفولتنا، فتحية إكبار للمعلم السوري الذي يقاتل إلى جانب الجندي بقلمه وبعلمه ومعرفته لكي تعود الأرض السورية طاهرة نقية من رجس الإرهاب، مستقبلها بيد أطفالها جيل المستقبل، والرحمة لأرواح من استشهد من المعلمين، بوركت جهودكم أيها المعلمون في عيدكم، وكل عام وأنتم بخير، والوطن وقائد الوطن بخير.
إبراهيم أحمد