بومبيو خلفاً لـ تيلرسون ومديرة الـ “سي. آي. إيه” مطلوبة أوروبياً
لم يشفع لريكس تيلرسون، القادم من قطاع الطاقة بصفة مدير سادس أكبر شركة طاقة في العالم “إكسون”، في الاستمرار بمنصب وزير الخارجية بإدارة دونالد ترامب، “رجل الأعمال” ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية الخامس والأربعين، بل أقاله، بالأمس، وعيّن بدلاً عنه صقراً جديداً من المحافظين اليمينيين، وهو مدير وكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو.
وادّعى ترامب أن أسباب الإقالة تعود إلى خلافات كبيرة بينهما حول عدد من القضايا الدولية الملحة، مبيناً: “كنا نفكّر بطريقتين مختلفتين، فيما نفكّر بنفس الأسلوب مع مايك بومنيو، حيث نتعامل مع بعضنا بعضاً بشكل جيد منذ الدقيقة الأولى”!.
وفي تصريح أدلى به خلال مؤتمر صحفي عقده بعد إعلان الإقالة عن وجود “اختلافات كبيرة” في مواقفهما حول ملفات عدّة، ومنها الاتفاق النووي مع إيران، التي انتقدها صاحب البيت الأبيض بشدة مراراً وتكراراً قبل وبعد توليه الرئاسة، مهدداً بانسحاب بلاده منها حال عدم الموافقة على تعديلها، وذلك في الوقت الذي التزم فيه وزير الخارجية السابق بمرونة أكبر منها.
من جانبه، كشف مسؤول باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي أقال تيلرسون “لأنه أراد تشكيل فريق جديد لديه قبل بداية المفاوضات المقبلة مع كوريا الديمقراطية”، والتي وافق ترامب مؤخراً على لقاء الرئيس كيم جونغ أون، وكذلك تمهيداً “لمفاوضات مختلفة في مجال التجارة”.
ولكن، متابعون لملف العلاقة بين سيد البيت الأبيض ووزير الخارجية كشفوا أن هناك أسباباً مخفية، أولها يعود إلى محاولة ترامب التخلّص من آخر مسؤول في إدارته يريد التقارب مع روسيا، والذي كان ينادي به ترامب قبل جلوسه على الكرسي البيضاوي.
أما ثاني الأسباب فيرجع إلى ضغط اللوبيات على ترامب، وفق ما كشفته تسريبات هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” مؤخّراً عن محاولات رجل أعمال أمريكي مقرّب من الإمارات، للضغط على ترامب لإقالة تيلرسون، غير الداعم لمشيخة الإمارات في صراعها مع مشيخة قطر، وأفادت إحدى الرسائل البريدية المسرّبة أن رجل الأعمال المقرّب من الإمارات، إليوت برويدي، أحد أكبر ممولي ترامب اجتمع مع الأخير، في تشرين الأول 2017، وحاول إقناعه بضرورة إقالة تيلرسون.
ووصف برويدي، في إحدى رسائل البريد الالكتروني، تيلرسون بلعبة “برج جيلو” وأنه شخصية “ضعيفة”.
من الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الأمريكية أفادت منذ عدة أشهر أن ترامب كان يعتزم إقالة وزير خارجيته، ونقلت عن مصادر مطلعة أن سبب هذه الخطوة يعود إلى خلافات بينهما حول عدد من الملفات الدولية الملحة، بما في ذلك قضيتا كوريا الشمالية والصفقة النووية مع إيران، حيث دعم تيلرسون أتباع نهج أقل قطعية في إطارهما ودعا لخوض مفاوضات مع بيونغ يانغ وطهران، لكن الإدارة الأمريكية نفت آنذاك بإصرار هذه الأنباء.
يذكر أن بومبيو وعلى خلفية تصريحاته المعادية للمسلمين أطلقت وسائل إعلام أمريكية عليه لقب “محارب الإسلام”.
ويعتبر بومبيو أحد الصقور في دائرة مقربي دونالد ترامب فيما يخص قضية كوريا الديمقراطية حيث يعتقد أن الولايات المتحدة يجب عليها التصرّف من موقف القوة ودون تنازلات في إطار هذا الملف. ويعتبر بومبيو، على غرار ترامب، منتقداً عنيفا للاتفاق النووي ودعا للانسحاب منه، كما وجّه مراراً انتقادات حادة لروسيا واصفاً إياها بالتهديد للولايات المتحدة.
إلى ذلك، ذكر العميل السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية، إدوارد سنودن، أن المديرة الجديدة لـCIA، جينا هاسبيل، لن تتمكّن من زيارة الاتحاد الأوروبي دون مواجهة احتمال اعتقالها، وقال في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع “تويتر”، “من اللافت أن المديرة الجديدة لـCIA جينا هاسبيل، التي عذبت أشخاصا، لن تتمكن، على الأرجح، من زيارة الاتحاد الأوروبي للقاء رؤساء الاستخبارات الأخرى دون مواجهة خطر اعتقالها بفضل الشكوى، التي تقدم بها المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في نيابة ألمانيا”.
ومن المتوقّع أن يقوم مجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأمريكي بعقد جلسة خاصة لبحث تثبيت ترشيحي بومبيو وهاسبيل. وتقول مؤسسات حقوقية عدة، من بينها المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، إن هاسبيل متورطة في عملية تعذيب المشتبه بهم في الإرهاب داخل المعتقلات التابعة للاستخبارات الأمريكية. وطفت هذه القضية على السطح على خلفية قصة أبو زبيدة، الذي اتهمته CIA بأنه المسؤول عن تجنيد العناصر في تنظيم “القاعدة” الإرهابي، حيث يقول حقوقيون ومسؤولون مطلعون: إنه تعرض للتعذيب في سجن تابع للوكالة في تايلاند بإدارة هاسبيل.
وبالأمس أيضاً، أعلن مسؤولون أمريكيين أن البيت الأبيض قرّر إقالة ستيفن غولدستين، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الدبلوماسية والعلاقات العامة، وأضافوا: إن هذا القرار اتُّخذ بسبب إدلاء غولدستين بتصريحات قدم فيها رواية لأسباب إقالة تيلرسون تختلف عن الرواية المقدمة من قبل الإدارة الأمريكية.
أما الإقالة الثالثة التي عُلم عنها أيضاً، أمس، فطالت أحد أقرب مساعدي ترامب، جون ماكينتي، الذي تم تعيينه مستشاراً كبيراً لحملة ترامب الانتخابية .