مهمة نسائية لمنع “الإبادة”
تنضم أستاذة علم الأحياء الخلوي لينا لرحلة استكشافية إلى منطقة مستنقعات في ولاية فلوريدا ضربها نيزك، ويحيط بها الآن وميض غامض يحجب كل اتصال بالعالم الخارجي.
يختبر فيلم “Annihilation/إبادة”، وهو فيلم خيال علمي من تأليف وإخراج أليكس غارلاند، استناداً إلى الرواية التي تحمل الاسم ذاته، وكتبها جيف فاندرميير، القوة النسائية بامتياز، يتم إرسال فريق مؤلف من خمسة أعضاء، وكل عضو له مجموعة مهارات مختلفة، (عالمة أحياء وفيزيائية وجيولوجية ومسعفة وطبيبة نفسية)، للتحقق من طبيعة نيزك يسبب ظاهرة غريبة، لكن هذا بعيد كل البعد عن كينونة النيزك والأحداث التي ستتابع، ومع الأخذ بهذه المقدمة عديمة الفائدة نوعاً ما، قام غارلاند بصياغة فيلم يتناول قضايا ثقيلة وحساسة مثل: الاكتئاب، والحزن، والميل الإنساني للتدمير الذاتي.
تنعي لينا (ناتالي بورتمان) زوجها كين (اوسكار اسحاق)، وهو جندي (من المفترض أنه مفقود)، بعد حوالي عام على اختفائه، عاد فجأة، ولكن دون أن تذكر ما حدث له، وصحته تتدهور بسرعة، يدخل كين في غيبوبة، ويؤخذ الزوجان إلى مجمع عسكري في فلوريدا، حيث تكتشف لينا أنه كان جزءاً من فريق أرسل للتحقيق في “المنطقة X”، وهي منطقة موسعة من المستنقعات محاطة بـ “وميض” مرئي، وكين هو الشخص الوحيد الذي عاد من عدة فرق أرسلت إلى المنطقة، وتريد لينا أن تفهم تفاصيل أكثر عما حدث له، لذا تتطوع في المهمة القادمة.
ويلاحظ المشاهد على الفور الحضور النسائي المهيمن، فالفرقة كلها تتكون من الإناث، وبالرغم من ذلك لا يثير الفيلم أية قضية تتعلق بالجنس إلا في حوار واحد غريب نوعاً ما (عندما يشار إلى أن كل الفرق السابقة وهي من الذكور قد فشلت)، ولكن بالنظر إلى المزاج السائد في هوليوود هذه الأيام، والداعي إلى انتفاضة نسائية، لا يشوب توقيته شائبة، لكل شخصية من الشخصيات الخمس المكونة للفريق قصة نتعرف عليها في الطريق إلى “المنطقة x”، ويفسر سبب الاشتراك في هذه المهمة الانتحارية، تقدم تيسا طومسون، على وجه الخصوص، والتي تقوم بدور جوسي الفيزيائية، أداء هادئاً ومختلفاً إلى حد كبير عن آخر أدوارها (قبل هذا الفيلم) في فيلم “Thor/ثور” الأخير، والذي تأخذ فيه دور المحاربة الفالكارية.
ما إن يدخل الفريق إلى المنطقة المستهدفة ندخل حقيقة جو الخيال العلمي، ويبدأ المخرج باستحضار أنواع، وتأثيرات مختلفة، ووحوش متحولة تتجول في المستنقعات، وبقايا بشرية في الظلال، تُختبر ثقة أعضاء الفرقة ببعضهم البعض، وبالرغم من أنه ليس فيلم رعب، لكن غارلاند نجح في إدخال الرعب والتوتر إلى نفوس جمهوره، بينما تقترب المجموعة من هدفها، وهي فوهة النيزك، النقطة المركزية لكل الغرابة.
استغرق غارلاند وقته ليصبح مخرجاً، ونقلته مسيرته المهنية من كونه روائياً (هو كاتب فيلم The Beach /الشاطئ) إلى كاتب سيناريو (28 Days Later /28 يوماً وSunshine /شروق الشمس) قبل أن يتفرغ في نهاية المطاف لإخراج الفيلم الاستثنائي “Ex Machina”، وأياً كان ما جعله يأخذ وقته فقد نجح.
وبالاعتماد على الأساطير والرعب الجسدي، يعد فيلم “الإبادة” فيلماً ذكياً يطرح أسئلة كبيرة، ويرفض تقديم إجابات سهلة، باختصار الخيال العلمي في أفضل حالاته.
يستحق فيلم “الإبادة” المتابعة، وكرّس غارلاند كواحد من أكثر المخرجين إثارة للاهتمام هذه الأيام، وقد أنتجت الفيلم شركة “Paramount Pictures” وطرح الشهر الحالي في صالات السينما الأمريكية، وإلى الآن يلقى إقبالاً جماهيرياً لابأس به، وآراء النقاد بمجملها إيجابية حوله.
سامر الخيّر