“خبز الحياة” في المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي
مشروع “خبز الحياة” الذي أطلقته المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وبإشراف عام من وزارة الإعلام، يسعى إلى استقطاب كتّاب النصوص الدرامية التلفزيونية، والمخرجين، والذين تمت دعوة بعضهم إلى حضور ندوة شهدتها قاعة الاجتماعات في المؤسسة.
المشروع يظهر شعاره في البروشور، تحت فقرة بعنوان “ابن الإنسان” جاء فيها: “نظرة بريئة بين العلاقات الإنسانية، تعكس روح الحق والعدل والجمال في وطن نعيش لمجده بشرف وإخلاص” وهو شعار جيد، لأنه يركز على أهمية البراءة في الفن، لكن من غير أن يوضح تلك النظرة البريئة، هل هي إلى العلاقات الإنسانية أم بينها؟ إذا كانت إليها، فهذا يعني أنها من قبل المشاركين بالمشروع والقائمين عليه، وإذا كانت بينها، كما هو مكتوب، فذلك يعني أن تقف علاقة الأخوة، فتنظر ببراءة إلى علاقة الصداقة، التي بدورها تنظر ببراءة إلى علاقة الحب، وهي نظرة بريئة قد تكون من طرف واحد. هذه النظرات البريئة المتبادلة بين العلاقات تشي بانحياز مهم إلى الجودة، ورفض المواضيع المسفة.
بالانتقال إلى الجملة الثانية من الشعار”تعكس روح الحق والعدل والجمال”، كلمة تعكس عائدة إلى عبارة “نظرة بريئة” في محاولة شرح لطريقة أداء النظرة البريئة بين العلاقات، فهذا الشعار المميز، ينطوي على إخراج متقن، لأنه يضبط طريقة أداء النظرة البريئة، وأين يحدث كل ما سبق من نظرات بريئة متبادلة بين العلاقات الإنسانية؟ هذا أيضاً ورد في واحدة من فقرات الشعار، وهي: “في وطن نعيش لمجده بشرف وإخلاص”.
الشعار يخلو من أي ذكر أو تنويه للدراما أو للمسلسلات، ما يجعله كشعار يصلح أيضاً لرحلة كشافة، أو حفل جمع تبرعات يعود ريعه إلى “ابن الإنسان”، ويمكن أن يكون شعاراً مناسباً لافتتاح ملجأ أيتام، لكنه بالتأكيد ليس مناسباً لنشاط تقوم به مؤسسة إنتاج معنية بالصناعة الدرامية.
النقاشات الحامية التي تدور في أروقة المؤسسة بخصوص اعتماد الخطة السابقة أم توقيفها، والتي كانت تفترض –أي الخطة السابقة- أن تقوم المؤسسة بإنتاج مسلسلين، وتشارك بثالث، تعكس ما يبدو أنه توجه مختلف وواعد، تسعى إلى تحقيقه المؤسسة في مشروعها الجديد.
تلك النقاشات الحامية ظهرت في الاجتماع الذي شهد إعلان إطلاق المشروع، وفحواها أن الإدارة الجديدة لن تعتمد الخطة الإنتاجية للإدارة السابقة، فبينما كان الإعلامي “ماهر عزام” يدلي بمداخلة عن الخطة الإنتاجية التي على جدولها إنتاج مسلسلين ونيف، قاطعه المدير العام، وأخبره بحدة أنه ليس هناك أي مشروع على طاولة المؤسسة الآن، ما يعني أن الخطة الإنتاجية السابقة، ليست بصدد حتى المناقشة.
وفي الصفحة الرابعة منه– الحديث لم يزل عن البروشور- يظهر تحت عنوان عريض “المشروع” منقسماً إلى ثلاثة مستويات إنتاجية: المستوى الأول الإنتاجي، كما هو مكتوب، “قليل الكلفة الإنتاجية”، هذا مع عدم توضيح ماذا تعني “قليل الكلفة الإنتاجية”، هل هو مثلاً دون المئة مليون ليرة، أو دون المليون ليرة مثلاً؟ أما مستوى الإنتاج الثاني فهو “متوسط الكلفة الإنتاجية ونوعي”، كما هو مكتوب أيضاً، وهذا يعني أن المستوى الأول ليس نوعياً، فقد بدأنا بالنوعية في المستوى الإنتاجي الثاني، أما المستوى الثالث فمكتوب أنه “سوبر برودكشين وقليل العدد”، مع عدم إيضاح ما يعني قليل العدد، هل هم شخصيات العمل أم فريق التصوير؟.. لكن على العموم يبدو المستوى الثالث جيداً.
الجديد في هذا المشروع إيحاؤه بأنه فكرة صائبة، ويعبّر عن عقلية قد تكون واعدة في رفد الدراما المحلية بكفاءات جديدة لها مستقبلها المشرق، ذلك ما يمكن التماسه في تسمية المشروع “خبز الحياة”، وفي عنوان الشعار “ابن الإنسان”، وغيرها من المصطلحات التي تركز على أهمية المحبة والسلام.
أما أهداف المشروع بمستوياته الثلاثة فتتوزع بين الكم والنوع والموضوع، الهدف الأخير- أي الموضوع- يسعى إلى “إبراز صورة سورية الحضارية ورسالتها الإنسانية”، وهو هدف إذا تأملناه نراه يصلح لوزارة السياحة، لا لشركة إنتاج درامية يجب أن ينحصر عملها في صناعة مسلسلات جيدة.
ما فهمه الحضور من هذا النقاش عن المشروع هو أن المؤسسة سوف تستقبل لوحات قصيرة، تتراوح أطوالها بين الدقيقة والنصف، وثلاث دقائق، وخمس دقائق، و13 دقيقة، وعند مطالبة بعض الحضور من كتّاب ومخرجين بعدم التقيد بالشرط الإبداعي الذي أوضحه المدير كالتالي: لوحات الدقيقة والنصف فيها شخصية واحدة، لوحات الثلاث دقائق فيها شخصيتان، ولوحات الخمس دقائق فيها ثلاث شخصيات، ولوحات الـ 13 دقيقة فيها من خمس إلى سبع شخصيات، فإنه عاد وأكد على هذا الشرط، وبعد تكرار المطالبات، قال إنه يمكن التساهل بهذا الشرط بمعدل 5 إلى 10 بالمئة، ما يعني أن اللوحة المكونة من دقيقة ونصف يمكن أن يضيف إليها الكاتب 5 أو 10 بالمئة من عدد الشخصيات الواردة فيها، ما يعني أن الكاتب يستطيع أن يضيف على شخصيته تلك النسبة، والتي تظهر على شكل قدم شخصية أخرى تنزل من السيارة بعد فتح الباب، أو يدي شخصية ثانية تنقران على لوحة مفاتيح “لابتوب”، أو عين واحدة تنظر إلى المستقبل ولكن ببراءة.
تمّام علي بركات