“صفقة القرن”.. اجتماع واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية بعباءة إنسانية
هاجم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، اجتماع البيت الأبيض، الذي عقد الثلاثاء لبحث الأزمة الإنسانية في غزة، واعتبر أن الاجتماع استهدف تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، فيما يرى محللون فلسطينيون أن الاجتماع الدولي-العربي يهدف لإسقاط أو إخضاع المقاومة الفلسطينية عبر بوابة العمل الإغاثي والإنساني.
وقال عريقات: إن اجتماع البيت الأبيض استهدف الحديث عن دولة فلسطينية في غزة وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وأضاف: إن المؤتمر سعى إلى تمكين “إسرائيل” من التنصّل من مسؤولياتها في قطاع غزة عبر نقل تلك المسؤوليات إلى جهات أخرى، مؤكداً أن ذلك أمر في غاية الخطورة. وانتقد أمين سر اللجنة التنفيذية “التباكي” الأمريكي على سوء الأوضاع في غزة خلال الاجتماع، في الوقت الذي أقدمت فيه الإدارة الأمريكية على تقليص مساعداتها للفلسطينيين ولوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن تجميد أكثر من نصف إجمالي المبلغ المخصص لتمويل “أونروا” والبالغ 125 مليون دولار، ويأتي ذلك بعد أن توعّد ترامب مؤخراً الفلسطينيين، إثر قراره اعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بقطع المساعدة المالية الأمريكية لهم ما لم يمضوا باقتراحاته بخصوص ما يسميه بـ “الحل” على المسار الفلسطيني الإسرائيلي.
وبيّن المسؤول الفلسطيني أن واشنطن طلبت من جميع الدول التي شاركت في الاجتماع العمل على مساعدة “إسرائيل” بالإفراج عن جنودها المحتجزين باعتبار ذلك القضية الرئيسية، إلى جانب “التباكي” على الكهرباء والمياه، دون أي ذكر للقضية السياسية أو الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي ومحاولات فرض الأمر الواقع. وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية هي التي قطعت المساعدات عن الفلسطينيين وتحاول تجفيف أي مساعدات تقدم لـ”أونروا” وتتجاهل أن وضع غزة ناتج عمّا تقوم به “إسرائيل” وحصارها براً وبحراً وجواً ضد القطاع.
وحذّر عريقات من استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي كلما سنحت الفرصة لدخول لاعبين إقليمين كثيرين يبحثون عن مصالحهم بهدف تدمير المشروع الوطني الفلسطيني وفرصة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
واستضاف البيت الأبيض، الثلاثاء، اجتماعاً ضم 19 دولة، بينها عدد من مشيخات البترودولار، لبحث الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وسط مقاطعة من السلطة الفلسطينية، وشمل الحضور ممثلين عن أنظمة الأردن والسعودية وقطر والبحرين والإمارات إلى جانب الكيان الصهيوني وعدة دول أوروبية، بحسب مصادر دبلوماسية.
ويفرض الاحتلال حصاراً مشدداً على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، ودفع الحصار إلى معدلات قياسية من الفقر والبطالة في صفوف سكان قطاع غزة (زهاء مليوني نسمة) ونقص شديد في الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء ومياه الشرب وضعف في البني التحتية.
إلى ذلك، يؤكد مراقبون أن الاجتماع قد يأتي ضمن سياق “صفقة القرن” الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، محذرين في الوقت نفسه من الانخداع بالمشاريع التي يطرحها، ويضيفون: “لا يريدون إنقاذ غزة فالمتسبب بالحصار معروف (الاحتلال)، وبالتالي تجاهل السبب وتصوير المسألة كأنها مسألة إنسانية يدل على أن الإدارة الأمريكية ماضية بقراراتها”.
يذكر أن “صفقة القرن”، التي بدأ الحديث عنها عقب زيارة ترامب إلى مملكة بني سعود، تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وإنهاءها من الوجود وكذلك إعلان الحلف بين كيان الاحتلال الإسرائيلي من جهة والنظام السعودي وبعض الدول العربية الأخرى من جهة ثانية.
وتستند خطة ترامب، التي يقودها صهره ومستشاره جارد كوشنير، إلى الشراكة بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والنظام السعودي في المصالح والأهداف والتطلعات، وكذلك إلى تراجع مكانة وأهمية بل وجود القضية الفلسطينية ومدينة القدس من على جدول الأعمال “الرسمي العربي”، وتقوم على: إقامة دولة فلسطينية لكن ضمن شروط منها ألا تكون مبنية على حدود عام 1967 ودون إخلاء للمستوطنات، ومن دون التطرّق إلى القدس أو تقسيمها، وكذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع إبقاء الجيش الإسرائيلي مرابطاً على ضفاف نهر الأردن، مع ضمان واشنطن معظم المطالب الأمنية الإسرائيلية فيما يتعلق بالضفة الغربية، وتقضي الخطة بمبادرة بعض الدول العربية إلى ضخ مئات الملايين من الدولارات “بغرض التنمية إلى السلطة الفلسطينية”.
يشار إلى أن النظام السعودي خيّر رئيس السلطة بين قبول الخطة الأمريكية كما هي مع كل ما يرد فيها من تنازلات أو الاستقالة لإيجاد بديل يقبل هذا القدر من التنازلات.