أحبــــــك سوريـــــــــة
حبيبتي سورية.. أحياناً أناجي النفس أن قلباً واحداً لا يكفي لكي أحبك كل هذا الحب يا سورية، ولا عمراً واحداً يكفي لأشبع حاجتي إلى حبك.. إنني بحاجة إلى أن أشعر بكِ من أخمص قدمي حتى رأسي، وأن أنبض بحبك مثلما تنبض سماء الربيع بالمطر، ولأنني قضيت ردحاً من الزمن أعيش على أرضك الطاهرة، فإني مع ذلك أحس كل يوم أولد فيك من جديد، وكل ما أقضيه من سنوات الحظ على شفتي كيف انقضت.. هبيني سنوات بعد النجوم لأنام خلالها ولا أنشغل بسواك.. هبيني قلباً بحجم الشمس التي تشرق عليك صباحاً، أو بحجم القمر الذي يشرق عليك مساءً. دعيني أتنفس ما أحتاجه من هواء لكي لا يختنق قلبي بكل هذا الحب.
أحياناً أجدني حمامة تجوب القفار فإذا ما تعبت لترقد على صدرك يا سورية بين عذوق نخلة وزيتونة فراتية، وأحياناً أجدني نسمة تصعد شمالاً لتقبل وردة على قاسيون، وأخرى أصير قطرة ماء يرشفها عصفور يكاد يموت عطشاً فأحسني أعطيت من أجل عصافيرك شيئاً.
ولأنني جزء من نظامك الكوني ونقطة في سفر قانونك الذي نشأت عليه، لا أجد كينونتي إلا بك ولا أرغب أرضاً إلا أرضك لأنك أم الدنيا، على أرضك سحق الغزاة في أشرف معركة عرفها التاريخ العربي ولازلت تقاومين الإرهاب والعدوان بكل صوره، ولا تمتلئ عيناي بسماء غير سمائك ولا أشتهي ماء غير مائك، ولا ليلاً غير ليلك، لك وحدك أرى أو أسمع وأتحرك فتتواصل في جسدي الدورة الدموية وتتفتح مساحات روحي لتشتم الحياة، وعندما تنغلق كل الأبواب أجد أن بابك، يا سورية الوحيد مشرعاً لكل العرب من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، بل لكل من زارك من أنحاء المعمورة.
سورية.. بحبك أشهد أن عمري ولد من جديد، وعندما عشت في خيمتك العربية الأصيلة أهديتني قمراً تموزياً ثر الضياء، ظل القمر معي أينما اتجه أمامي المغزى والأبعاد ويوضح لي ما يخبئه المستقبل، ولهذا اكتشفت سر قوة عبقريتك فأنت عظيمة يا سورية كما كنت أقرأ في القصص والروايات وكتب الفلاسفة والمفكرين والمؤرخين بقدراتك الخارقة، إن سر قوتك في ذاتك المتجلية في اعتناقك للحقيقة في الشجاعة وقول الحق والتضحية من أجل الحق وأنت تحاربين قوى الظلام و«داعش» من أجل الأمة العربية.
إن هذه القوة الكبيرة والكبرياء تنطلق من تاريخ يمتد آلاف السنين من عمرك، ومن عين ذكية ثاقبة هي عمقك الحضاري.. لقد نفد الحبر من قلمي في هذه اللحظة بالذات، ومع ذلك سأظل أكتب على الورق الأبيض كلمات بيضاء مثلما هو قلبك يا سورية وسيقرؤها كل العالم.. يا ملاذ العرب وخيمتهم الكبرى.. يا قلعة الأسود.
د.رحيم هادي الشمخي