روسيا.. لإيقاف الهيمنة الأمريكية
منذ وصوله إلى الكرملين قبل 17 عاماً، أخذ الرئيس فلاديمير بوتين على عاتقه مهمة إعادة روسيا إلى الساحة الدولية كلاعب رئيسي، ووضع نصب عينيه هدفاً أساسياً هو إنهاء الهيمنة الأمريكية على العالم.
بعد مرور شهر على توليه الرئاسة في أيار عام 2000، وقّع بوتين وثيقة كشف عنها الأمن القومي الروسي لاحقاً بعنوان “مفهوم السياسة الخارجية في الاتحاد الروسي”، تحدّثت عن سعي موسكو إلى إعادة صياغة النظام الدولي، وتحويله من نظام أحادي القطبية إلى آخر متعدد الأقطاب.
تأخر الرئيس الروسي في الإعلان عن مسعاه هذا حتى شباط عام 2007، لأسباب تتعلّق بتمتين الأرضية الروسية، حين وجّه لأول مرة نقداً علنياً مباشراً للسياسات الأمريكية في العالم، وذلك في مؤتمر ميونخ للأمن، مؤكداً أن النظام أحادي القطبية تسبب في حدوث تراجيديات إنسانية، وخلق مراكز جديدة للتوتر، وأعلن أن روسيا تسعى بالتعاون مع شركاء مستقلين لخلق نظام عالمي يتسم بالعدالة، ويتحلّى بالديمقراطية.
وفي شباط من العام الماضي كرّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر ميونخ كلمات بوتين السابقة، وفاجأ المؤتمرين بمصطلح جديد يحدد رؤية روسيا للعالم سماه “نظام ما بعد الغرب”، وقال: إن على القادة المسؤولين أن يحددوا خيارهم بـ “نظام عالمي ديمقراطي وعادل”.
وقبل أيام كشف بوتين في خطابه أمام جلسة مشتركة لأعضاء البرلمان الروسي بمجلسيه عن أسلحة جديدة من بينها صاروخ يمكنه “أن يصل إلى أي مكان في العالم”، وبغض النظر عن التأويلات الكثيرة للخطاب، فإن الثابت الأكيد هو أن العالم يتغيّر، ويتحرّك بما لا تشتهي واشنطن، ولم يعد بإمكان أمريكا الوقوف في وجه التغيير، تماماً كما لا يمكنها إيقاف الصاروخ الروسي الجديد.
بالفعل عادت روسيا لتفرض نفسها مجدداً لاعباً رئيسياً في المشهد الدولي، ويمكن القول إن الأزمة في سورية ومعها الأوكرانية كشفت مدى التغييرات التي طرأت على النظام الدولي لصالح إنهاء التفرّد الأمريكي بالعالم، دون إنكار أن الولايات المتحدة لم تفقد الكثير من قوتها، لكن أصبح لها حدود في أكثر من مكان، وهذه الحدود رسمتها القوة الروسية المستعادة، وانتصارات محور المقاومة على الأرض السورية.
وسام إبراهيم