عشية “وزاري” أستانا.. موسكو: على واشنطن التوقّف عن دعم إرهابيي النصرة والتخلي عن خططها لتصعيد الأوضاع في سورية
عشية اجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، مع مجلس الأمن الروسي مستجدات الأوضاع في سورية، ونوّه المشاركون في الاجتماع بالتطوّرات الإيجابية للوضع في الغوطة الشرقية، وأشاروا إلى استمرار خروج السكان المدنيين وبوادر تحسن الوضع الإنساني، فيما طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة، وما يسمى “التحالف الدولي”، الذي تقوده، بالتوقّف عن دعم الإرهابيين في سورية، وخاصة في الغوطة.
وقال لافروف، خلال منتدى “روسيا بلد الإمكانيات”: “إن الأمر الأكثر أهمية سواء في الغوطة الشرقية أو غيرها من الأماكن هو أن يتوقّف “التحالف الأمريكي”، الذي ينفذ عمليات جوية ولديه قوات خاصة كبيرة على الأرض، عن دعم الارهابيين، مثل “جبهة النصرة” وغيره من الفصائل التي لا يعتبرها الغرب متطرّفة”، مشيراً إلى أن هذه المجموعات المسلحة مرتبطة بتنظيم جبهة النصرة الإرهابي ولديها زعامة مشتركة، وأضاف: “سوف نواصل العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي ينص على احترام سلامة الأراضي السورية ووحدتها وحريتها واستقلالها وسيادتها”.
وأكد لافروف أن “روسيا مستمرة في محاربة الإرهابيين، وسنقضي عليهم، وسنساعد في القضاء عليهم في الغوطة الشرقية، حيث يقوم الجيش العربي السوري بعملياته لمكافحة الإرهاب بدعم منّا”، وأشار إلى “أن موسكو ستضع “استثناءات إنسانية”، ما يعني أولئك الذين يرغبون بالخروج من الغوطة الشرقية، وتلقي مساعدة إنسانية باستخدام الممرات الآمنة، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية سابقاً”.
من جهة ثانية أوضح لافروف أن الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية ستقوم بصياغة توصيات للحكومة السورية و”المعارضة” في أعقاب الاجتماع في العاصمة الكازاخية أستانا، لافتاً الى أنه من المستحيل إرجاء عمليتي التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، ومكافحة الإرهاب، وحل المشكلات الإنسانية.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أكدت في وقت سابق أن التنظيمات الإرهابية في الغوطة لا تزال تخالف قرار مجلس الأمن 2401 بمنعها المدنيين من المغادرة، ومواصلة استهداف أحياء دمشق بالقذائف، وأوضحت، خلال مؤتمر صحفي في موسكو، أن الإرهابيين في الغوطة يواصلون خرق القرار الأممي 2401 حول وقف الأعمال القتالية في سورية، مشيرة إلى أن تنظيم ما يسمى “فيلق الرحمن” الإرهابي كان قصف المدنيين الذين حاولوا الخروج عبر الممر الإنساني الآمن، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين، وإصابة آخرين بينهم نساء وأطفال، كما أنهم يستهدفون الأحياء السكنية في دمشق بالقذائف.
ولفتت زاخاروفا إلى أن الجيش العربي السوري يواصل عملياته ضد التنظيمات الإرهابية في الغوطة، فيما تساعد روسيا في مجال العمل الإنساني عبر فتح الممرات الآمنة، حيث تم فتح ممرين جديدين بين جسرين والمليحة وفي منطقة حرستا، وتحرير عدد من المدنيين، بينهم 20 طفلاً، كما جرى إيصال قوافل مساعدات إنسانية.
وبيّنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن وزراء خارجية الدول الضامنة سيجتمعون في العاصمة الكازاخية أستانا اليوم لمناقشة الوضع في سورية وعملية تخفيف التوتر، ودعت الولايات المتحدة إلى الالتزام بالقانون الدولي، وعدم استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة.
بدورها أكدت وزارة الخارجية الروسية أن مجموعة القوات الجوية الفضائية الروسية ستواصل تقديم الدعم للجيش العربي السوري حتى القضاء على التنظيمات الإرهابية.
وجاء في بيان للخارجية الروسية: إننا “ندعم بصلابة وثبات سيادة سورية وسلامة أراضيها”، مشيرة إلى ضرورة مساهمة المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وإلى عدم السماح بممارسة ازدواجية المعايير، ومحاولات تقسيم الإرهابيين إلى جيدين وسيئين، ووضعهم في خدمة المصالح الجيوسياسية.
وفيما يتعلق باجتماع أستانا، أوضحت الخارجية أنه سيتمّ خلال اللقاء وضع خطوات جديدة يمكن تبنيها بما يخدم مواصلة خفض التوتر في سورية، وتوفير الظروف الملائمة ليتمكن السوريون بأنفسهم من تبني وتنفيذ العملية السياسية لتسوية ثابتة للأزمة في سورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254 وبمراعاة القرارات المتخذة في مؤتمر الحوار الوطني السوري-السوري الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية.
إلى ذلك جددت روسيا دعوتها إلى الولايات المتحدة للتخلي عن خططها لتصعيد الأوضاع في سورية، مؤكدة أن الوضع في سورية سيبقى في مركز اهتمام الدبلوماسية الروسية.
وجاء في بيان نشرته السفارة الروسية في الولايات المتحدة، على صفحتها على موقع فيسبوك، “إننا نحث واشنطن مرة أخرى على التخلي عن التصريحات والخطط غير المسؤولة المشحونة بتصعيد الوضع في سورية، والذي لا يمكن العودة عنه فيما بعد”، مشيراً إلى أن روسيا حذّرت قبل بضعة أيام واشنطن من تشجيع الإرهابيين في سورية على ارتكاب استفزاز آخر من خلال استخدامهم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين لتتخذ من ذلك ذريعة لتنفيذ عدوان ضد سورية.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد الأربعاء أن التحضير لاستفزاز كيميائي في الغوطة الشرقية هدفه تمهيد الولايات المتحدة للاعتداء على سورية، لافتاً إلى أن روسيا حذّرت الولايات المتحدة عبر كل القنوات من تداعيات اعتدائها على سورية، ومعبّراً عن أمل بلاده بألا تنفذ واشنطن مخططاتها غير المسؤولة.
وأعربت السفارة عن قلقها حول من تدعمهم واشنطن في الغوطة الشرقية، مبينة أن كل التنظيمات الإرهابية المتواجدة فيها تعمل تحت زعامة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، وهي تقوم بالاعتداء على أحياء العاصمة دمشق منذ سنوات، بما في ذلك قصف البعثات الدبلوماسية الروسية هناك، وأضافت: إن “إلهاءنا عن سورية بمسرحية المؤامرة البريطانية لن تنجح.. لأن سورية سوف تبقى في مركز اهتمام الدبلوماسية الروسية”.
وفي أستانا، أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري أن موعد اجتماع استانا 9 حول الأزمة في سورية سيحدد خلال مباحثات وفود الدول الضامنة.
ومن المقرّر أن يعقد وزراء خارجية الدول الضامنة الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف والنظام التركي مولود جاويش أوغلو اجتماعاً حول سورية اليوم في العاصمة الكازاخية أستانا.
وقال جابري أنصاري: “إن رؤساء وفود الدول الضامنة بحثوا مشروع البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة الثلاث.. وهذه نسخة أولية سيتم بحثها من قبل الوزراء، وبعد ذلك سيتمّ توزيع البيان على الصحفيين”، وأضاف: “عقدنا لقاءين.. لقاء ثلاثي لوفود الدول الضامنة مخصص لمناقشة التحضيرات للقاء وزراء خارجية الدول الثلاث وجدوله، والثاني اجتماع تقني بين خبراء من الوفود الثلاثة، وخبراء من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر”.
وكان وزير خارجية كازاخستان خيرات عبد الرحمانوف أعلن في السابع من الشهر الجاري أن الدول الضامنة بصدد اعتماد بيان مشترك خلال لقاء وزراء خارجيتها يتضمّن مستقبل حل الأزمة في سورية، بينما قالت الرئاسة الكازاخستانية: إن الرئيس نور سلطان نزارباييف سيلتقي الوزراء اليوم في أستانا.
واستضافت العاصمة الكازاخية أستانا ثمانية اجتماعات حول سورية، كان آخرها في الـ21 والـ22 من كانون الأول الماضي، حيث جددت الدول الضامنة في البيان الختامي للاجتماع تمسّكها والتزامها بوحدة الأراضي السورية، وبإيجاد حل سياسي للأزمة فيها، ودعت إلى اتخاذ خطوات دولية عاجلة ونشطة لمساعدة السوريين على تحقيق حل سياسي.
وفي طهران، أكد مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية، معرباً عن أمله بعودة الأمن والاستقرار إلى كل أنحاء سورية في أقرب وقت ممكن، وأشار إلى السوريين الذين هجّروا من منازلهم جراء الأعمال والجرائم التي ترتكبتها التنظيمات الإرهابية، لافتاً إلى أن الآمال باتت أكبر بعودتهم، والبدء بإعادة الإعمار في سورية.
من جهته أكد مستشار قائد الثورة الإسلامية لشؤون الصناعات الدفاعية العميد حسين دهقان أن ادعاءات التحالف الأميركي بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي هي مزاعم كاذبة، وقال: “بالرغم من كل تصريحاتهم في مجال محاربة هذا التنظيم الإرهابي، فإن ما ثبت لشعبنا وجميع الشعوب هو أن هذا التحالف يقف إلى جانب هذا التنظيم الإرهابي”.
سانا- وكالات