ورقة نعي أمريكية جديدة لمجلس الأمن!!
د. صابر فلحوط
إن متابعة خاطفة للمنصة الأرفع على وجه هذا الكوكب ـ مجلس الأمن ـ والمباراة العاصفة بين مندوبي الدول “العظمى” حول ما يجري في الساحة السورية عموماً، وفي الغوطة الشرقية بخاصة، تؤكد ما هو مدرك منذ زمن طويل: أبعاد المؤامرة الامبريالية التي تحاك على ضفتي الأطلسي لخدمة الكيان الصهيوني، والتي تستهدف الوطن العربي بترابه وبتراثه وتاريخه، كما تستهدف عروبته الحضارية وإسلامه المعتدل، وطموحات أجياله لاستعادة رسالة أمتنا الخالدة.
لم يشغل بال مندوبة ـ أمريكا ـ وحلفائها، عشرات الضحايا الذين يسقطون في شوارع دمشق، ومدارسها ومشافيها ومصانعها بقذائف الإرهابيين، إنما أوجع قلوبهم، ورض أعصابهم، وأقلقهم حتى الهياج، أوضاع الذين يقسو عليهم الجيش العربي السوري، فيكتم أنفاسهم ويخيّرهم بين الموت والرصاص، أو بالحصاد، أو تسليم السلاح، وركوب الباصات الخضر.. فبعد فضيحة المكيدة الصهيونية النفطية الرجعية في استخدام الكيماوي، والفشل الذريع في تمرير مسرحية الخوذ البيضاء، تفتتت عبقريتهم الإجرامية عن الدعوة لمهلة شهر هدنة كي تفسح المجال للإرهابيين لاستقدام السلاح الجديد، وتعويض الذخيرة اللازمة لمواصلة لعبة الموت والدمار في عاصمة الأمويين دمشق!!.
وتنبري مندوبة رعاة البقر، وقتلة الهنود الحمر، لتشهر احتقارها لمجلس الأمن، وما يمثل ـ ولومجازياً ـ من رأي عام ورمز عالمي وإنساني، فتعلن استعدادها لتولي مهمة الدفاع عن القتلة والإرهابيين في الغوطة من خارج ـ مجلس الأمن ـ وقراراته وشرعيته!!!.
وإذ تتناسى مندوبة أمريكا التغيير الذي أحدثه صمود سورية العربية، ومحور المقاومة، وأصدقاء الحق والعدل والكرامة في الساحتين العربية والدولية خلال الحرب الكونية على سورية.. تتفاجأ بتعالي أصوات مدوية، لها وزنها الهائل، وحجمها المؤثر على هذا الكوكب، لتؤكد أن سورية التي تمثل الضمير الإنساني في صمودها وحربها الدفاعية عن سيادتها، واستقلال قرارها، لن تكون وحدها مهما بلغ الثمن، وعلى الذين يزمعون ارتكاب حماقة العدوان، أن يضعوا في الحسبان الدقيق القوة غير المحدودة لأصدقاء سورية وحلفائها، وبخاصة محور المقاومة، والصديق الأعظم روسيا الاتحادية..
وعلى الذين يتجاهلون تاريخ المنطقة وعبقريتها واقتدارها في مواجهة الغزوات والعدوان، أن يعودوا لقراءة تاريخ الاستعمار العثماني، وزحوف المغول والتتر، والاستعمار الأوروبي – الفرنسي والبريطاني والإيطالي- وأخيراً الغزوة الأمريكية للعراق، ليدركوا أن جميع الغزاة والطغاة هجموا على المنطقة، فهزموا، وبقي الشعب العربي معتزاً بأصالته وتضحياته التي يلقن دروسها وعظمة ملاحمها للأجيال الراهنة والمستقبلية..
إن جيشنا العربي السوري، الذي يمثل هذه الأيام، كما على الدوام، الكرامة الوطنية والشموخ القومي، ويخوض أشرف المعارك وأشرسها ضد الإرهابيين في الغوطة الشرقية، فإن أذرعته الطويلة لا تتوانى على مدار الساعة القتالية عن ملاحقة الإرهاب وضربه، حيث تواجدت خلاياه، وبقاياه في أرض الوطن، مؤكدين أن عيون بواسلنا لن تغفل عن عدوان -أردوغان- المجرم في الشمال، وعن بؤر تواجد الجنود الأمريكيين في شرق الوطن، وأن “التعامل” لا بد أن يكون في زمانه وحجمه الذي تحدده القيادة الشجاعة لجيشنا الأسطوري المعطاء.
ويقيني أن “سكرة” الذين خدعوا بوعود أمريكا السرابية والخلبية قد بدأت تتلاشى على وقع العدوان الأردوغاني على مدينة عفرين الغالية، حيث لم يجدوا سنداً لهم في مجمرة المواجهة للغزو -السلطاني- سوى أبناء هويتهم الوطنية السورية الواحدة، والتي لم ولن تقبل القسمة أو التقسيم تحت أي اعتبار، وفي مواجهة أية قوة مهما تعاظم جبروتها وعدوانها.
تحية لعظماء هذا العصر، وكل عصر، وهم شهداء جيشنا المغوار، وشعبنا المدهش بصموده، لأنهم أجمل ما في هذا الوطن عبر صعودهم إلى رفرف الخلود، كي يبقى الوطن الأجمل والأنبل، كما كان، وكما هو على الدوام.