ثقافةصحيفة البعث

وضاح باشا يحاضر حول تجربة منير مراد الفنية

 

“أنا معجون بالفنّ” هذه الجملة رددها الملحن منير مراد، منها انطلق الباحث وضاح رجب باشا في محاضرته في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة-التي أخذت طابع الأمسية، وقد أوضح المحاضر أن الملحن مراد (1922-1981) يهودي مصري اسمه موريس مراد، وحينما أشهر إسلامه أصبح اسمه منير مراد، درس في الكلية الفرنسية وهو شقيق ليلى مراد، كانت حياته حافلة بالنجاحات متعدد المواهب فهو ملحن وممثل استعراضي أقرب إلى المنولوجست، لحّن أكثر من ثلاثة آلاف أغنية، إضافة إلى تلحين موسيقا الأفلام، واشتُهر بالموسيقا الاستعراضية الراقصة، كما برع بفنّ الديتو لاسيما بين شادية وعبد الحليم بفيلم معبودة الجماهير. تأثر بموسيقا الجاز بصورة واضحة وبالآلات الغربية وارتبط بعلاقة قوية مع محمد عبد الوهاب. وتطرق الباحث إلى محاولته تسويق الأغنية المصرية الخفيفة في أوروبا لكنه لم ينجح في ذلك بسبب اللغة، ورغم ذلك لم ينل حظه من الشهرة عمل بمفاصل العمل الدرامي من كلاكيت إلى المونتاج إلى مساعد مخرج، وارتبط بعدد من المطربين كانت ألحانه سبباً بانتشار أغنياتهم، في زمن اتسم بتلحين الأغنية القصيرة فشاركه عدد من الملحنين، ثم غيروا مسارهم الفني فلحنوا الأغنية الطويلة إلا أنه حافظ على هذا النمط اللحني ليصبح ملك الأغنية الخفيفة بلا منازع.

تنوع “الكوبليات”
وكما ذكر الباحث فإن مدة الأغنية الخفيفة أو ما تُعرف بالطقطوقة تتراوح من أربع دقائق إلى أربع دقائق ونصف، وتتميز بجملها اللحنية الراقصة أو العاطفية القائمة على بناء درامي وليس بالضرورة أن تكون سريعة البناء، وتتميز بترابط جملها الموسيقية فإذا حذف أحد الموازير اختلت الأغنية، وعن خاصية التلحين عنده أشار المحاضر إلى أنه يبني اللحن الخاص باللازمة على مقام ثم الكوبليه الأول على مقام ويتبعه الكوبليه الثاني على مقام آخر، فتأتي الأغنية مشبعة بالألحان عكس الأغنية الخفيفة اليوم التي لايوجد فيها بناء درامي حقيقي وملحنة على مقامات رئيسية إما كرد أو نهاوند أو رصد، بينما الأغنية الخفيفة في زمن منير مراد وفي ألحانه كانت ملحنة على مقامات فرعية مثل السوزناك والجهاركاه واستذكار، ونوّه الباحث إلى خطورة اندثار هذه المقامات لعدم استخدامها بالتلحين.
المحور الأساسي في المحاضرة كانت أغنيات شادية التي وقع بغرامها الملحن مراد ولحّن لها على مدى عشرين عاماً مثل”يا دبلة الخطوبة- التي أشاد بتنوع الجمل الموسيقية المتناغمة مع الكلمات بحوارية جميلة، مركزاً على التراوح اللحني بين الجواب والقرار، ثم أصغى الحاضرون إلى أغنية”واحد اتنين” التي اتسمت بجمالية التوزيع الموسيقي والاعتماد على نغمات الغيتار بتنوع المقامات والعودة إلى مقام العجم اللحن الأساسي وفروعه ومن ثم انتقل إلى مقام الكرد.

الإكسلفون وصوتها البراق
كما عرض المحاضر أجمل فيديوهات الديتو الغنائي في السينما الغنائية العربية لديتو عبد الحليم حافظ وشادية “الجنينة- تعال أقولك” بفيلم معبودة الجماهير، وركز الباحث في تحليله الموسيقي على استخدام مراد الآلة الإيقاعية المعدنية الإكسلفون ذات الصوت الرقيق البراق والمؤلفة من قطع معدنية يعزف عليها بمضارب خشبية صغيرة وتستخدم في ألحان أغنيات الأطفال والأغنيات الفرحة، وقد برع مراد بالتوزيع الموسيقي رغم أنه وزع أغنية واحدة فقط لعبد الحليم أغنية”أعز الناس حبايبنا” التي لحنها الموجي.
كذلك لحن منير مراد لشريفة فاضل أغنيتين حققتا شهرة على صعيد الوطن العربي، “حارة السقايين، لما راح الصبر منه” كما لحن لعبد الحليم ومن أشهر ألحانه أغنية “بأمر الحب” التي اختُتمت الأمسية بها.
وانتقل الباحث بأجواء المحاضرة إلى مشاركة منير مراد بتلحين موسيقا الأفلام إضافة إلى التمثيل فكان ممثلاً كوميدياً أقرب إلى الممثل الاستعراضي، كما وثّق الباحث حياة مراد الفنية بعرض متتاليات من الصور التي جمعته بالفنانين، ثم عرض مقطعاً تسجيلياً لمقابلة أجريت معه قلّد فيها أسلوب عزف كبار الملحنين مثل فريد الأطرش ورياض السنباطي.

صوت جديد
واستضاف المحاضر الموهبة الغنائية الصاعدة وفاء حسين التي تدربت على الغناء في أنشطة شبيبة الثورة، فغنت بمرافقة الباحث باشا بالعزف على العود خلال المحاضرة”ماما يا حلوة” لمناسبة اقتراب عيد الأم، والأغنية التي وصفها الباحث بالصعبة “يا طبيب القلب” وتميزت بالمقدمة الموسيقية الجميلة وبالتقاسيم التي عزفها الباحث، واختُتمت المحاضرة بأغنية. وعن خصوصية صوت وفاء حسين، وسبب اختيارها لتأدية أغنيات شادية بيّن باشا أن صوتها من طبقة ميزو سوبرانو، ومساحته جيدة تصل إلى أوكتاف ونصف وامتازت بجمالية عُربها الصوتية والتوقفات الغنائية الصحيحة.
ملده شويكاني

ت