ثقافةصحيفة البعث

“دمشق حلب”.. توجُّهٌ جديد في سينما الحرب

 

عقدت المؤسسة العامة للسينما أمس مؤتمراً صحفياً في دار الأوبرا أطلقت من خلاله فيلم “دمشق حلب” بحضور مخرجه باسل الخطيب وكاتبه تليد الخطيب وبطله الفنان دريد لحام إلى جانب الفنانة سلمى المصري، وعبر الأستاذ مراد شاهين مدير عام المؤسسة عن سعادته بالتعاون مع المخرج باسل الخطيب الذي كان وما زال علامةً فارقةً ورقماً صعباً في تاريخ الدراما التلفزيونية والسينما السورية ومع الفنان دريد لحام الذي يمثل باسمه الكبير جزءاً من الهوية والإرث الثقافي الفني السوري، وعودته إلى السينما بعد طول غياب من خلال العمل على واحدٍ من أفلام المؤسسة في مرحلة تُعتبر الأهم في تاريخ السينما السورية والأهم ككل في تاريخ سورية الكيان والوجود، وبيّن كذلك أن وجود الفنانة سلمى المصري في “دمشق حلب” تُعتَبَر إضافة للفيلم لما تملكه من حسٍّ عميق وحقيقي في جميع أدوارها.

كوميديا من رحم المعاناة
كما أكد شاهين أن الفيلم يمثل توجهاً جديداً في سينما الحرب السورية عبر ما يرصده من حالات اجتماعية وقضايا مبدئية وأخلاقية تعبّر عن حالة المواطن السوري بشكل عام وعن طرق تعايشه مع هذه الأوضاع، واستخدم في ذلك أسلوباً كوميدياً نابعاً من رحم المعاناة وتراجيدية الحياة التي تصل في بعض المواقف إلى حد الكوميديا، وهو يمثل نوعاً من الأفلام الأكثر تعبيرية والأصعب تنفيذاً لأنه محكوم بجدية الموقف وقوة الأداء وعقلانيته واللذين ينبع منهما حسُّ الكوميديا المعبِّر عن الحالة بشكل متكامل.

مغامرة كبيرة
ولم يخفِ المخرج باسل الخطيب أن فيلم “دمشق حلب” تجربة جديدة بالنسبة له مقارنةً مع كل ما قدمه في السينما لعدة اعتبارات في مقدمتها مشاركة الفنان دريد لحام في أول تعاون يجمعهما، ونوّه إلى أن الفيلم كُتِب خصيصاً له ويمكن تصنيفه فنياً من أصعب الأشكال، وهو فيلم يشبه حياتنا التي نعيشها بكل تناقضاتها وتجلياتها الغريبة ومفارقات الحياة، فهو مرآة وانعكاس لما يعيشه المواطن السوري في يومياته ليكون الحدث الرئيسي فيه تفجير القصر العدلي في الخامس عشر من آذار 2017 نقطة تحول في مسار الشخصية التي يؤديها دريد لحام والشخصيات الأخرى في الفيلم، ولا ينكر الخطيب أن “دمشق حلب” مغامرة كبيرة دخل من خلالها إلى مساحة درامية لم يسبق أن اشتغل عليها، واعترف أن الضمانة في هذا المشروع وجود الفنان دريد لحام إلى جانب عدد من الفنانين والنجوم السوريين، وبيّن أنه لم يمر في حياته فنان يعمل بهذا الالتزام والإحساس العالي بالمسؤولية والولاء المطلق لهذا المشروع.

إضافة حقيقية
بالمقابل عبّر الفنان دريد لحام عن سعادته الكبيرة بعمله تحت إدارة مخرج متمكن هو باسل الخطيب، وأكد أن الفيلم سيشكل إضافة حقيقية لمسيرته من خلال الخطيب وإنتاج المؤسسة العامة للسينما التي تحرص دائماً على جدية أفلامها، وهو متأكد أن هذا الفيلم سيكون استمراراً لهذه المسيرة، والعمل يعبِّر عن الهوية الحقيقية للسينما السورية، وأشار إلى أن الفيلم يعبر أيضاً من خلال شخصياته عن الجانب الخيّر في العلاقات الاجتماعية رغم سنيّ الجمر التي نمر بها، ولفت إلى أن الفيلم ليس فيلماً كوميدياً بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو فيلم إنساني يحكي عن المجتمع السوري وتتخلله بعض المواقف الطريفة، وفيه دعوة لعودة القيم الأخلاقية المتميزة التي كان يتمتع بها المجتمع السوري عبر شكل فني يقدمه بكلّ هدوء ومحبة مخرج متميز بعينه الثاقبة.

التجربة الأولى
وبدت الفنانة سلمى المصري سعيدة بالتجربة الأولى لها مع المخرج باسل الخطيب، خاصة وأنها ستكون إلى جانب الفنان دريد لحام الذي يعني لها الكثير على الصعيدين الشخصي والفني، وأشارت إلى أنها سبق وشاركت الفنان لحام بأعمال سينمائية مثل “مقلب في المكسيك” و”الآباء الصغار” وأخرى تلفزيونية مثل “عائلتي وأنا” إلى جانب بعض الأعمال المسرحية مثل “شقائق النعمان”، وبيّنت أن العمل معه هو العمل مع قدوة بالتزامه واهتمامه وحبه للعمل، وهذا العمل بالنسبة لها سيشكل مرحلة جديدة في حياتها الفنية عبر شخصية محامية مثقفة تعيش تحت وطأة ظروف طارئة بسبب الحرب وهي شخصية مختلفة عن كل ما قدمتْه سابقاً.
أما الكاتب تليد الخطيب فأشار إلى أن الفيلم يتحدث عن مجموعة من العلاقات الإنسانية التي تنشأ بين شخصيات الفيلم عبر رحلة من دمشق إلى حلب، رافضاً أن يندرج الفيلم تحت مسمى فيلم أزمة، لإيمانه أن السيناريو الذي كتبه هو جزء من حياتنا اليومية التي نعيشها والتي أصبحت فيها الأزمة متغلغلة في كل جوانبها دون التركيز على نقطة معينة من الأزمة، ونوه إلى أنه في فيلم “دمشق حلب” ارتاد الكوميديا على صعيد الكتابة وهو أمر مختلف عما كان يخوضه في الأعمال السابقة الملحمية والتراجيدية التي قدمها بالتعاون مع باسل الخطيب عبر الكوميديا، وأكد أن المضمون هو الذي يفرض الشكل الذي سيكتب به الكاتب، واعترف أنه لا ينحاز إلى شكل دون آخر لإيمانه أن الكاتب يجب أن يخوض جميع الأشكال الكتابية، وبيّن أنه سعيد لأن هذا النص وفَّر فرصة التعامل مع فنان كبير مثل دريد لحام المعروف بتواضعه الجمّ دون أن ينفي أنه استفاد من ملاحظاته واقتراحاته التي حاول لحام تقديمها بمنتهى اللطف والاحترام، مع تأكيد لحام الدائم على أنها اقتراحات غير ملزم بها الكاتب على الإطلاق، ولم ينكر الخطيب أن حالة رعب أصيب بها حينما فكر بالكتابة لقامة كبيرة بحجم دريد لحام والذي هو أيضاً من أهم كتّاب الكوميديا في الدراما العربية، واعترف أنه تغلّب على هذا الخوف بفكرة وصفها بالمغرورة حينما قرر أن يعتبر نفسه كالأسماء الكبيرة التي كتبت لدريد لحام محاولة منه لتقديم أفضل ما عنده.

أمينة عباس