القطبة الخفية في صفقة القرن مع السعودية.. الأردن إمارة وهابية
تيسير دبابنة- الأردن
جاءت زيارة وزير الخارجية التركي بن علي يلدريم، قبل أسابيع، إلى الأردن بعد أيام من انطلاق العدوان التركي باتجاه مدينة عفرين في سياق خطة مفضوحة الأهداف رسمتها القوى المعادية بعد حالة الهستريا التي لحقت بها نتيجة الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في مختلف أرجاء الجغرافيا السورية.
السبب الرئيس لزيارة وزير الخارجية التركي إلى عمان كان حض الحكومة الأردنية على دفع العصابات الإرهابيية في جنوب سورية لتصعيد اعتداءاتها بالتزامن مع تكثيف قذائف القتل والدمار التي يطلقها إرهابيو الغوطة الشرقية على دمشق وتصعيد العصابات المسلحة المرتبطة بتوجيهات غرف الموك في عمان برمياتها لقذائف الحقد على مدينة درعا وازرع وغيرها من القرى المحيطة ليؤكد التنسيق والتوافق المشترك بين أطراف المؤامرة على سورية العربية.
العناق الحميم بين يلدريم والصفدي يؤكد مواصلة أزلام واشنطن في عمان لدورهم المرهون للمؤامرة الصهيو أميركية، والتعبير عن دعمهم للعدوان التركي على شمال سورية، خاصة وأن التنسيق بين الإخوان المسلمين والحكومة الأردنية قائم منذ الخمسينيات على عهد الملقي الأب، وبشكل أوسع نراه اليوم في الانتشار الواسع للمدارس الدينية التي تمهد لفكرة الجهاد في المجتمع، وبيوت تحفيظ القرآن التي تمارس بشكل ممنهج حشو دماغ الأطفال بفكرة الجهاد وتكفير الآخر، وترسخها في وعيهم معاهد التوعية التي تديرها التيارات الإسلامية المدعومة حكومياً في مختلف أراضي الأردن.
وليس من شك أن غالبية الإرهابييين في صفوف الجماعات الإسلامية يشكلون ولادة طبيعية لنهج المسؤولين عن التثقيف والتربية الدينية، حيث تستغل هذه الجماعات أئمة المساجد والمدارس والمعاهد والبيوت، مستهدفة الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع وجهلا وحاجة للدخل المادي. ولذلك لا نستغرب وجود ما يزيد على أربعة آلاف إرهابي أردني في صفوف العصابات المسلحة، وخاصة في الجنوب السوري، ومقتل العديد منهم في “عواصف” الجنوب التي أطلقتها غرفة الموك في الأشهر الأخيرة..
السلطان الأخواني في أنقرة يحاول أن يتعلق بحبال واهية بعد سقوط مشروعه الإمبراطوري بأحياء العثمانية الجديدة والسيطرة على مقدرات المنطقة العربية بدعم واشنطن وتل أبيب، وهو يحاول اليوم إنقاذ بعض من هيبته التي تمرغت بالسخام في أكثر من مكان، وخاصة هزائم العصابات الإرهابيية الملحقة به في سورية على يد أبطال الجيش العربي السوري العظيم.
من هنا فقد جاءت زيارة وزير الخارجية التركي إلى الأردن لشد العصب المتراخي والوضع المتأزم الذي يعيشه الأردن بعد شعور حكامه بخذلان مشغليهم لهم.
الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدها الإخوان المسلمون بقيادة السلطان العثماني تعمل على اتباع أسلوب جديد يستهدف الانتشار والتوغل في المجتمع تدريجياً قبل القفز إلى السلطة، وإذا ما تم لهم ذلك في بلد ما فسوف تتساقط كل البلدان الأخرى في أحضانهم الواحدة بعدالأخرى كأحجار الدومينو، كما يعتقدون، وعندها يستعيد أردوغان وعصاباته حكماً مفقوداً امتد لأربع قرون نشر الجهل والفقر والتخلف على منطقتنا العربية وكان كارثة تاريخية مازال شعبنا العربي يعاني من مخلفاتها الظلامية.
نعرف أن يلدريم عاد مطمئناً لسياسات السلطة الحاكمة في عمان ومواصلة انخراطها بالمشروع الصهيو/ أميركي كوكيل معتمد ينفذ كل ما يطلب منه، وخاصة الاستغراق في دعم العصابات الإرهابيية في الجنوب السوري وفتح الحدود لدخول وخروج القتلة وإغلاق معبر نصيب في سورية العربية لخمس سنوات مضت، والذي كان شريان حياة لشعبنا في الأردن. والمضحك المبكي تقول وزير الإعلام الأردني في تبريره لرفض المطالب الشعبية بتغيير نهج حكومته الكارثي وسياستها الرعناء المعادية لسورية متجاهلاً هو وحكومته مؤامرة تحويل الأردن إلى إمارة وهابية خطط لها قبل أكثر من عشر سنوات لتكون وطناً بديلاً للفلسطينيين بعد تنفيذ صفقة القرن التي أنجزها الإمبريالي ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
فالقواعد الأميركية المنتشرة في شمال الأردن لا تقتصر مهمتها على تدريب وتسليح المرتزقة وزجهم عبر الحدود لقتال الجيش العربي السوري، بل هناك مهمة أخرى لها لرسم خارطة جديدة سنرى مخرجاتها في فترة ليست بعيدة، وخاصة أن أزلام واشنطن في عمان يسيطرون على مقدرات البلد، ولايهمهم إلا انتفاخ جيوبهم وإن وقعت الواقعة فهم الوكلاء الطيعون.
وتواصل السلطة الحاكمة في عمان سياستها الرعناء في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي جعلت من حياة المواطن في الأردن جحيماً لايطاق، وخاصة بعد سلسلة القرارات الاقتصادية التي بينت مدى عزلة النظام عن أحوال الناس البائسة مجيرة إياها لصالح قلة من السماسرة وناهبي مقدرات البلد، والمرتبطين ببرنامج صندوق الإفقار الدولي.
لم يقتصر الأمر على غرفة الشيطان في عمان، فمن أجل توسيع مخططاتهم العدوانية أقيمت أخيراً غرفة عمليات مشتركة أميركية وبريطانية وفرنسية وإسرائيلية وأردنية في قاعدة التنف “الأميركية” على الحدود السورية، والتي تشرف على إدارة حركة الإرهابييين وعمليات الإمداد والتزود بالأسلحة القتالية الحديثة، والتي تنقل بشكل مباشر عبر الحدود الأردنية إلى بادية الشام ومنها إلى الغوطة الشرقية وجيوب المسلحين الأخرى.
وأكثر ما يدمي قلب المواطن الأردني المحتقن بالغضب والسخط على أزلام واشنطن في عمان دورهم القذر بتسريب عشرات الضباط الأردنيين الذين باعوا أنفسهم للشيطان وتخلوا عن عروبتهم أمام سطوة الدولار النفطي – رغم رفض كثير من الضباط الوطنيين الشرفاء المشاركة في الجرائم التي ترتكب بحق الشعب العربي السوري الشقيق – إلى جانب مئات الضباط الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والإسرائيليين الذين يديرون الأعمال الإجرامية للإرهابيين في الغوطة الشرقية وعلى تخومها. وهكذا تصاعدت عمليات القصف المدفعي والصاروخي على دمشق عاصمة العرب منذ شهر شباط، ومازالت متواصلة ذهب ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من المدنيين الآمنين، ولم نسمع صوتاً أو كلمة من رعاة الإرهابييين ومنظماتهم المأجورة التي تواصل نعيقها الكاذب على الأوضاع الإنسانية والحياتية في الغوطة، وكأن دمشق العروبة وكثير من المدن والقرى التي تتعرض لجرائم المسلحين ليست على خارطتهم الإنسانية.
من هنا ندرك أن الهستريا التي أصابت الإمبرياليين والصهاينة وعملائهم أمام تقدم الجيش العربي السوري في معركته الحاسمة، ودك مواقع الإرهابييين في الغوطة الشرقية، تضاعفت مفاعيلها وارتداداتها، ولن يطول الوقت على تطهير شرق دمشق من فلول الإرهابييين ورعاتهم وتحقيق الانتصار النهائي على كامل الجغرافيا السورية.