الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

جرح الانتظار

 

 

ضاقت النفس واشتكى الصبر من الصبر.. سبع عجافٌ ولا نزل القطرُ ولا نما الزّرعُ.. حاولت كثيرا أن ألملم شتات نفسي.. أن أبوح لليل بهمي.. أن ألملم جرحي أن ألوم قدري.. أن أبكي رحيل أحبتي.. غير أني كنت أفشل في كل لحظة.. حتى حلم الغفلة ما عاد يساور غفوتي.. الدمع وحده أصبح يلازمني والجرح أعمق وأعمق من متخيل..
كم تمنيت أن تشرق شمس غد أفضل، غير أن أبواب الغد أُغلقت بالحديد والنار.. سرق الغرباء مني الحياة والفرح وضاع العمر بين الصبر والانتظار، فلا نجمة في الأفق ولا قمر يضيء سمائي.. ليتني لم أكبر، ففي كل خطوة جرح وخيبة وإغفاءة دون حلم.. كم من بذور فينا تموت قبل أن تأتينا مواسم الحصاد، وكم من ربيع انتحر قبل الوصول ويبقى حروفا غريبة في ممالك القلوب والنفوس، وكم من عشق سجين بين العيون والجفون.
إلى كل الذين أحببناهم عمراً ولم يحبوننا.. إلى الذين أطعمونا رغيف الحب المثخن بالخداع سيأتي يوماً وتحبونا ولن نحبكم…
تمرد القلب على الفرح، والتحف وشاح الأشجان وأقعد العقل وأقامه بضجيج الأفكار.. هوس غابات من جيوش نبض في خافقي استباحت أرض النسيان.. أيها المطر المنتظر خلف أسوار حديقتي، أما آن للسحب أن تنتهك عذرية أرضي؟!
تعال وتذكر وأنت تقرع زجاج نافذتي أن تسقي أرواحاً سئمت الانتظار..
هدى سلطان