الاغتراب النفسي في عالم الماديات
كان الفيلسوف الشهير سقراط يتخذ من الشعار المكتوب على معبد “دلفى” اعرف نفسك شعاراً لفلسفته، فمعرفة الذات هي نقطة البداية لمعرفة ما حولنا، وبالتالي التكيف مع الآخر, لكن في السنوات الأخيرة برزت علامات استفهام كثيرة حائرة ومحيرة حول معرفة الذات في ظل هذا العالم المتغير المتقلب المتموج الذي يشعر الإنسان فيه من متغيرات أنه غريب القلب واليد واللسان على حد تعبير شاعر العربية الأكبر “المتنبي” فالإنسان المعاصر يعيش كأنه محاصر, واليوم من يتابع وسائل الإعلام بكل مجالاتها يفاجأ بأنه أمام ثقافة جديدة لعالم جديد, هذه الثقافة يمكن أن نطلق عليها ثقافة الاغتراب، وهو الواقع الذي يعيشه الإنسان ويشعر فيه أنه وجد في هذا الكون منعزلاً بلا قيمة, ولا انتماء, وكل ما حوله عبارة عن أشياء مادية لا يهضمها فكره, ولا يتمثلها وجدانه حتى اللغة التي يسمعها أو يقرأها أصبحت لغة مغتربة هي الأخرى بعيدة عن مشاعره وأحاسيسه وأفكاره وانتماءاته، حتى إذا أراد أن يتحدث فإنه يشعر أن لغته لا يفهمها أحد.
وقد يصبح كل شيء في هذا العالم ليس له قيمة إلا قيمته المادية, وتقاس قيمة الإنسان فيه بالماديات التي يمتلكها وفقدَ الإنسان أهم خاصية تميزه ألا وهي إنسانيته وإبداعه وخياله وتطلعه إلى المستقبل لكي يعيش في عالم مليء بالحب والسلام والتعاطف, بعيداً عن المادية واستلاب المعنى, وانهيار البعد المعنوي إلى ركام من الأشياء التي لا تحكمها منظومة هادفة، وفي ضوء ذلك, فإن التخلص من هذه السلبيات يقتضي فاعلية نفسية من خلال تحقيق التكاملية النفسية القائمة على ثلاثية الوعي والإرادة والحركة في اتجاه المستقبل لتجاوز عالم الاغتراب ذي القيود.
إعداد: إبراهيم احمد