“خطوة متقدمة”
حملت زيارة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى حلب نهاية الأسبوع الماضي الكثير من العناوين والمضامين والخطط والبرامج الهادفة والتي من شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة ومتقدمة في العمل الخيري والإنساني الذي شابه خلال السنوات الماضية من الحرب الإرهابية الكثير من الشكوك وحالات الفساد، وأصبح نافذة كبيرة للاسترزاق وتحقيق المكاسب والمنافع من قبل أشخاص امتهنوا التلاعب والغش والتدليس، وبنوا ثروات طائلة تحت غطاء وعناوين عدة للعمل الأهلي والإغاثي والخيري.
وفِي الواقع هذا الملف بتشعباته وتعقيداته ما زال يشكل تحدياً كبيراً سواء للوزارة أم لمحافظة حلب بالنظر إلى حجم المخالفات والتجاوزات من قبل بعض المتنفذين في عدد من الجمعيات الخيرية والأهلية؛ وهو ما أدى إلى حرفها عن وجهتها وبوصلتها وعن تحقيق أهدافها، وهناك العديد من الأمثلة ما زالت حاضرة وماثلة أمامنا خاصة بما يتعلق بآلية توزيع المعونات والسلات الغذائية وإيصالها إلى مستحقيها، بالإضافة إلى حجم المخالفات القانونية والإدارية والمالية في مجمل المشاريع الخيرية المنفذة وتحديداً المشاريع الممولة من المنظمات الدولية التي لا رقيب عليها مالياً، ولا لجهة أهدافها ومآربها وخاصة الجمعيات والمنظمات التي تنشط في الأرياف، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة والاستفسارات حول دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات المعنية ذات الصِّلة في ضبط عمل الجمعيات بما يتوافق مع المعايير الوطنية، وليس وفقاً للمعايير الدولية التي غالباً ما تكون مسيسة لصالح أجندات لا علاقة لها بالعمل الخيري والإغاثي والإنساني .
وبطبيعة الحال مشروع الوزارة الجديد المتمثل في دعم الجمعيات الخيرية وتفعيل دور الوحدات الريفية والدخول على خط الاستثمار الاجتماعي وإنشاء مراكز دائمة لتسويق منتج الجمعيات ربما سيسهم مستقبلاً في تصحيح مسار ووجهة العمل الخيري الأهلي، وسيحدد ملامحه وأهدافه الإنسانية الحقيقية، ولكن يبقى نجاح هذه التجربة مرهوناً بتوفير البيئة المناسبة وفق معايير وأسس محكمة ومدروسة تترافق مع إجراءات صارمة وتغيير جذري في آليات الإشراف والتنفيذ والرقابة والمحاسبة بما يحافظ على جوهر ومضامين العمل الخيري الإنساني ويبعد عنه كل الشبهات، وهذا الأمر يجب أن يكون في مقدمة أولويات وزارة الشؤون خلال هذه المرحلة لطي الصفحة القاتمة التي لازمت عمل هذه الجمعيات فترة طويلة. فهل تفعل..؟
معن الغادري