الجيش يتقدم في عين ترما.. وخروج المدنيين يتواصل عبر الممرات الآمنة
نفذت قواتنا المسلحة أمس سلسلة عمليات دقيقة تتناسب مع طبيعة الغوطة الشرقية وذلك حفاظاً على المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية وقد تمكنت قواتنا من تحقيق تقدم جديد في وادي عين ترما واقتربت من الوصول إلى وسط البلدة، بالتوازي مع مواصلة أبطال الجيش دك أوكار التنظيمات الإرهابية في بلدات حزة وزملكا وعربين، في ظل خسائر كبيرة يتكبدها الإرهابيون الذين تشهد صفوفهم فراراً جماعياً بعد وقت قصير من بدء كل اشتباك معهم.
تزامن ذلك مع إيصال المساعدات إلى الأهالي في منازلهم في سقبا وكفر بطنا وتأمين الممرات الإنسانية لخروج المواطنين الذين يحتجزهم الإرهابيون ونقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة بريف دمشق حيث خرج أمس مئات المدنيين المحاصرين عبر الممرات حيث قامت وحدات من الجيش بالتعاون مع الهلال الأحمر بتأمينهم وتقديم التسهيلات اللازمة لهم. وعبر عدد من المواطنين الخارجين عن امتنانهم للجيش الذي خلصهم من رجس الإرهاب، مطالبين بالضرب بيد من حديد لاجتثاث التكفيريين من منطقتهم.
وفي التفاصيل، بدأت وحدات من الجيش فجر أمس عمليات دقيقة في وادي عين ترما استخدمت فيها تكتيكات وأسلحة تتناسب والمناطق السكنية وطبيعة الأرض الزراعية حفاظاً على حياة المدنيين وعلى ممتلكات ومزروعات الأهالي وحققت خلالها تقدماً جديداً بعد تكبيد التنظيمات الإرهابية خسائر بالأفراد والعتاد.
ويسير التقدم في وادي عين ترما بالتوازي مع مواصلة وحدات الجيش عملياتها العسكرية ضد أوكار التنظيمات الإرهابية في بلدات حزة وزملكا وعربين بعد تثبيت نقاطها في بلدتي سقبا وكفر بطنا وتأمين الأهالي داخل منازلهم والعائدين إليها بعد تحريرهما وإيصال المساعدات إليهم بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري.
ومن خطوط الاشتباك على محور عين ترما بين قائد ميداني أنه بعد تحرير بلدة كفر بطنا بالكامل والقضاء على آخر تجمعات الإرهابيين فيها وتدمير أوكارهم وتحصيناتهم وتثبيت نقاط محصنة فيها لمنع تسللهم وقال: تابعنا عملياتنا اليوم باتجاه مزارع وادي عين ترما وحققنا تقدماً جديداً في المزارع الشرقية في ظل خسائر كبيرة يتكبدها الإرهابيون الذين تشهد صفوفهم فراراً جماعياً بعد وقت قصير من بدء كل اشتباك معهم، وأشار إلى أن العمليات الدقيقة والتكتيك المنظم الذي تنفذه وحدات الجيش تكللت بالنجاح منذ بدايتها مبيناً أن معنويات الإرهابيين منهارة أمام بسالة ونجاح قوات الجيش العربي السوري الذين لا يفسحون لهم الوقت لإعادة تموضعهم أو تشكيل خطوط صد وتحصين جديدة بدلاً من التي يخسرونها على جبهة القتال.
وأكد القائد الميداني أن العمليات التي تنفذها وحدات الجيش دقيقة جداً وذلك حفاظاً على المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية حتى إنهم ينطلقون في اعتداءاتهم على نقاط الجيش وتحركاتهم من بين المدنيين والمنازل الآهلة بالسكان لأنهم على ثقة بأن عقيدة الجيش العربي السوري تضع في مقدمة أولوياتها خلال العمليات العسكرية في المناطق السكنية الحفاظ على أرواح المدنيين وتأمينهم والدفاع عنهم.
وفي هذا الإطار أوضح أنه تم تأمين نحو 25 أسرة في منازلها بعد تحريرها من الإرهابيين في مزارع عين ترما في حين تابعت وحدات الجيش عملياتها بعد وصول الجهات المعنية التي قدمت لهم المساعدات الغذائية والطبية العاجلة.
ولفت قائد ميداني آخر إلى أن قواتنا تجاوزت جامع الأبرار بنحو 300 متر باتجاه بلدة عين ترما والأمور جيدة والتقدم مستمر حتى كسر الخط الجنوبي الذي أقامته التنظيمات الإرهابية، مبيناً أن الإرهابيين أنشؤوا خطاً محصناً مؤلفاً من 3 خنادق ملؤوها بالماء وأقاموا سواتر ترابية أمامها وزودوها بتحصينات ودشم وأقاموا حواجز حتى يعيقوا العربات والدبابات لكن قوات الجيش كسرت هذه الخطوط واجتازتها بسرعة وسهولة وتابعت تقدمها لتصل إلى مسافة 500 متر فقط عن مركز بلدة عين ترما وبالتالي الاقتراب نحو التقاء القوات في مزارع عين ترما عند شركة اللحوم.
وفي شمال القطاع الأوسط للغوطة أكد موفد “سانا” أن وحدات من الجيش تصدت لمحاولات تسلل مجموعات إرهابية من اتجاه دوما إلى أطراف بلدة مسرابا للاعتداء على النقاط العسكرية في محيطها حيث اشتبكت معهم وأوقعت العديد منهم بين قتيل ومصاب فيما لاذ الباقون بالفرار باتجاه دوما.
وذكر الموفد أن وحدات الجيش مستمرة في تأمين الممرات في القطاعين الأوسط والشمالي لإفساح المجال أمام المدنيين المحاصرين من قبل التنظيمات الإرهابية للخروج حيث تمكن خلال الأيام القليلة الماضية آلاف المدنيين من الخروج من الغوطة الشرقية وتم تأمينهم بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري في مراكز للإقامة المؤقتة.
وكانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أعلنت يوم الجمعة الماضي استعادة السيطرة على أكثر من 70 بالمئة من مناطق انتشار التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية بريف دمشق
إلى ذلك خرج نحو 400 مدني أمس من حرستا عبر الممر الإنساني الذي افتتحه الجيش يوم السبت الماضي باتجاه مبنى الموارد المائية على الأوتستراد الدولي. وقامت وحدات الجيش باستقبال المدنيين لدى وصولهم إلى طرف الممر الآمن وتقديم المساعدات اللازمة لهم قبل نقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة في ريف دمشق.
واستهدفت التنظيمات الإرهابية يوم السبت الماضي عائلات لدى محاولتها الخروج عبر الممر الإنساني باتجاه مبنى الموارد المائية ما تسبب بإصابة طفلة بجروح حيث قام عناصر الجيش بإسعافها إلى أحد مشافي دمشق، وأوضح مراسل “سانا” أن الممر الآمن في حمورية شهد خروج مئات المدنيين أغلبهم أطفال ونساء قاصدين الممرات هرباً من التنظيمات الإرهابية التي اتخذتهم لسنوات دروعاً بشرية واعتدت عليهم ونهبت أملاكهم وأرزاقهم، مبيناً أن من بين الذين خرجوا أمس مرضى وشيوخ ونساء وأعداد من الأطفال، مؤكداً أن وحدات الجيش وفرق الهلال الأحمر العربي السوري استقبلتهم وعملت على تأمينهم وتزويدهم بالاحتياجات الضرورية الآنية من ماء وطعام تمهيداً لنقلهم في حافلات وسيارات الإسعاف إلى مراكز الإقامة المؤقتة.
ونظراً للترهيب الذي مارسته عليهم التنظيمات الإرهابية داخل الغوطة طالب عدد من الأهالي الجيش العربي السوري بالضرب بيد من حديد للتخلص من تلك التنظيمات وإرهابها والتي حاصرتهم واعتدت عليهم وابتزتهم بحياتهم وأرزاقهم ولم تراع حرمة لشيخ أو امرأة أو طفل.
أهالي كفر بطنا يروون معاناتهم
وفي استطلاع لمراسلة سانا في الشارع الممتد بين ساحة الجامع الكبير وساحة البلدية وسط بلدة كفر بطنا تقول: أسرعت أم حسان الخطى ممسكة بذراع زوجها وابتسامتها جذبتنا للاقتراب منها وإلقاء تحية المساء ليأتي الرد بصوت رخيم مليء بالفرح على طريقة أهل الريف لتقول يسعد مساك منهية بهذه اللحظة سنوات لم تر فيها ضيفاً أو شخصاً عابراً للبلدة بسبب حصار التنظيمات الإرهابية لها. “الحمد لله” كفانا خمس سنوات من الحصار.. ببساطة تجيب أم حسان على استفسار مراسلة سانا ما سبب الابتسامة على وجهك بينما يختصر زوجها الستيني اللقاء بالقول كفر بطنا تحررت ثم يمضي الزوجان ملوحين لنا بالسلام.
بالرغم من آثارها الواضحة التي تركتها التنظيمات الإرهابية بشعاراتها واعتداءاتها على أرجاء البلدة لكن كفر بطنا أسقطت الإرهاب وعزلته بدل أن يعزلها وبقيت ملتصقة بالوطن.. رجل من أهالي البلدة انضم قبل ساعات إلى صفوف آباء الشهداء ورغم ذلك لم يترك الفرصة تفوته من القدوم إلى شارع المدارس حيث تجمهر عشرات الشباب والرجال بعضهم كانوا مسلحين ومطلوبين انخرطوا في تسوية لإخلاء البلدة من مظاهر السلاح مرحبين بدخول الجيش بجهود لجنة المصالحة في البلدة التي عملت بشجاعة في مواجهة الإرهاب لإعادة البلدة إلى حضن الوطن.
يقول خليل حلاوة في الحادية والستين من عمره إنه كان يعمل حداداً قبل أن يتحول بعد ما فعله الإرهابيون من تجميد للحياة في البلدة إلى عاطل عن العمل، ويتحدث عن أفراد أسرته بكل طيبة: لدي أربعة شباب معلم وحلاق ومصلح دراجات، وتابع بهدوء، والرابع استشهد اليوم كان يقاتل مع الجيش.
كلام الرجل الستيني وشجاعته تربك من يسمعه أمام إرادته حيث لم ينكفئ أبو الشهيد على حزنه وألم فراق ابنه وإنما وجد في فقدانه تضحية احتاجها الوطن وكفر بطنا لتربح الأمن والحياة وبدل أن أواسيه تابع قائلاً: ضحى بحياته كرمى لكفر بطنا والوطن فلا أغلى من الوطن .. الوطن فوق كل شيء .. الحمد لله البلد أفضل بدخول الجيش ونأمل أن يعود كما كان.
في الشارع ذاته تشرئب رؤوس لأجسام فتية في عقدها الأول مستطلعة لإدراك ما حولها من جلبة الحضور لا تعيق الابتسامة من الظهور على الوجوه البريئة يتحدث أحد الأطفال دون سؤاله اسمي عارف عمري 13 سنة في الصف السادس لكن لم نعد نذهب للمدرسة.. الأمور كانت سيئة.. والطعام قليل وعند سؤاله إن كان يريد العودة إلى المدرسة وماذا يحلم أن يكون بالمستقبل يجيب.. طبيب.
كفر بطنا بلدة وناحية في القطاع الاوسط من الغوطة الشرقية تضم بلدات سقبا وحمورية وجسرين وبيت سوى وعين ترما وافتريس وحزة وتتميز بكثافتها العمرانية وتوفير كامل الخدمات كان يقطنها وفق رئيس بلديتها توفيق البحش قبل الحرب 25 ألف نسمة تركها مع دخول المسلحين والسيطرة عليها 15 ألف نسمة ولكن بالوقت ذاته لجأت إليها مئات العائلات من بلدات الغوطة الشرقية التي تعرضت لاعتداءات الإرهابيين وتركت منازلها قسراً وحاليا يقطنها 30 ألف شخص.
أم راشد شوكة لجأت إلى كفر بطنا هرباً من الإرهابيين في بلدة المليحة قبل أن يحررها الجيش وبعد أن دفعت ابنتها الصغيرة للفت نظرنا برغبتها للحديث إلينا تقول أم راشد بلهفة من مدخل باب أحد المنازل وطفلها الرضيع على زندها الآن شعرنا بالأمان فتكرر طفلتها في العاشرة من العمر الجملة ذاتها الآن شعرنا بالأمان.
وتروي أم راشد على عجل محنة العائلة على يد الإرهابيين لتقول: أطلقوا النار على اثنين من أولادي وأصيب زوجي وتشير إلى باب إحدى الغرف حيث يستلقي على السرير وتضيف قبل عشرة أيام هجم الإرهابيون على البيت كسروا الشبابيك أصبحنا نصرخ نريد أحداً يحمينا حتى دخل الجيش وفتح طاقة بأحد الجدران وأنقذنا وتختم بالدعاء “الله ينصر الجيش” أولاد عمي وخالي بالجيش.
مسحة من الكآبة والتعب لا يمكن إغفالها علت عشرات الوجوه من أطفال ونساء ورجال بلباس باهت مغبر لا تلبث أن تنقشع مع كل إيماءة يتبادلونها مع عدد من ضباط وجنود الجيش توقفوا في ساحة البلدية إلى جوار دبابة ربضت بهدوء.. ابتسامة يقاومون بها معاناة طويلة من إرهاب لم يبخل بتلقينهم كل أشكال الإذلال لإرضاخهم بالتجويع والاعتداء المباشر فأصروا على البقاء في بلدتهم كفر بطنا متيقنين من قدوم هذا اليوم وعودتهم إلى كنف دولتهم.
مقبرتان جماعيتان في ريف حماة
من جهة ثانية اكتشفت وحدة من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة اليوم مقبرتين جماعيتين في بلدة الرهجان بريف حماة تضمان جثامين عدد من الشهداء الذين قضوا على أيدي إرهابيي التنظيمات التكفيرية قبل تحريرها في كانون الثاني الماضي. وتم العثور على المقبرتين في البلدة بناء على معلومات من الأهالي حيث تم الكشف عن المقبرة الأولى والتي تضم جثامين 8 شهداء من المدنيين، مبيناً أن عدد الجثامين الموجودة في المقبرة الثانية غير معروف حتى الآن. وفي وقت لاحق قامت وحدات من الجيش بالتعاون مع الهلال الأحمر بالكشف عن المقبرتين وانتشال الجثامين تمهيداً للتعرف عليها وتسليمها إلى ذويها.
يذكر أن التنظيمات الإرهابية عمدت خلال فترة تواجدها في ريف حماة الشمالي إلى ارتكاب عشرات المجازر بحق الأهالي استشهد فيها مئات المدنيين وقامت بدفنهم في مقابر جماعية.