لهذه الأسباب يحقد الغرب على روسيا!
ترجمة: هيفاء علي عن ريزو انترناسيونال – 15/3/2018
عندما يتعلق الأمر بروسيا أو بالاتحاد السوفييتي سابقاً، ترتبك الدراسات والروايات التاريخية، هذا ما يجري في الغرب، وفي كل “الدول الزبونة له”، في الغرب لا يحبون أولئك الذين يدافعون عن أنفسهم ويحاربونهم، بالتحديد الذين يهزمونهم وينتصرون عليهم، وروسيا تتميز بهذه العادة المرعبة، ليس فقط عادة الدفاع عن نفسها وعن شعبها، وإنما أيضاً الدفاع عن الآخرين، وحماية الأمم المستعمرة والمسلوبة التي تتعرّض للعدوان الغربي ظلماً وجوراً.
روسيا أنقذت العالم من وحشية النازية، صحيح أن الثمن كان باهظاً، لكنها انتصرت بشجاعة وفخر، لم يغفر الغرب للاتحاد السوفييتي ذلك الانتصار الملحمي، لأن كل من هو كريم وشجاع ويقدم التضحيات يكون على الدوام في حالة صراع مباشر مع مبادئه، وبالتالي يكون خطيراً للغاية، الشعب الروسي نهض، تدرب وانتصر، حارب وكسب الحرب في ثورة 1917، ما أثار رعب الغرب أكثر من أي شيء آخر في التاريخ، لأنه سعى لخلق مجتمع نصير للمساواة دون طبقات، وبلا تمييز عنصري بلون الأعراق، كما ولدت الثورة ما سمي بـ “الدولانية”، (مذهب يسمو إلى تجاوز حدود الدول، وإقامة اتحاد بين الشعوب والأمم).. لقد نهضت روسيا: شاسعة، ساخطة ومصممة على أن تعيش حياتها الخاصة، ومواصلة طريقها الخاص بها من أمة مفقرة، منتهكة، ومسلوبة وخاضعة لهيمنة الغرب، نعم نهضت روسيا وتطورت في غضون سنوات، ونالت حريتها واستقلالها، ولحقت بركب الدول المتطورة والأقوى في العالم، وغدت قادرة من جديد على مساعدة الأمم التي تعاني من الهجمات الجائرة، وانتهاكات الامبراطورية الغربية.
الرئيس فلاديمير بوتين على رأس هذه النهضة، ومع ذلك تتعرّض روسيا والعالم لتهديدات خطيرة، وعليه ليست هذه لحظة الضعف، والرئيس بوتين رجل صلب وطني ودولاني، وها هو الغرب مرة أخرى يحقد على روسيا ورئيسها، وهذا الأمر ليس غريباً، لأن روسيا منتصرة، قوية، وحرة، وعليه هي أسوأ عدو يمكن تخيله لواشنطن وحلفائها، ومع ذلك روسيا مستعدة دائماً للتسوية، والمسامحة، وحتى للنسيان، على الرغم من مئات الضحايا، مستعدة للتسوية مع الغرب، بالتأكيد تعاني نفسية هذا الغرب من حالة مرضية عميقة، فهو لا يقبل أي شيء آخر سوى خضوع الجميع لسطوته ودون شروط، لديه شراهة في حب السيطرة والهيمنة، ويحب أن يكون مسؤولاً عن كل شيء: يحب أن يشعر بأنه استثنائي، حتى عندما يغتال ويدمر العالم برمته، يصر أكثر على الشعور بالتفوق على بقية العالم، وهذه المرة تكمن ديانة الغرب الحقيقية في استثنائيته، وليس في المسيحية نفسها التي لم تؤد دوراً حقيقياً منذ عقود، استثنائية متزمتة وأصولية ومعلنة، كما يصر الغرب أيضاً على مسألة أن روايته هي الوحيدة الحاضرة في العالم، وأنه يعتبر نفسه كمرشد أخلاقي، ومنارة للتقدم والتطور، والقاضي الوحيد، وكملهم روحي جليل، تتكدس الأكاذيب فوق بعضها، وكما هو الحال في جميع الأديان، كلما كانت الحقيقة- المزيفة عبثية وسخيفة، كانت الأساليب المستخدمة للدفاع وحشية ومتطرفة، وكلما كانت المنتجات مضحكة، كانت التقنيات المستخدمة لإلغاء وحجب الحقيقة قوية، اليوم، مئات الآلاف من “الجامعيين”، والمدرّسين، والصحفيين، والفنانين، وعلماء النفس، والمهنيين، والمحترفين المأجورين في كل بقاع العالم، هم موظفون يعملون لحساب الامبراطورية من أجل هدفين اثنين: تعظيم الرواية الغربية، وتقليل اعتبار وأهمية كل من يشكّل عائقاً في طريقها، وكل من يجرؤ على معارضتها، وعليه فإن روسيا والصين من ألد أعداء وخصوم الغرب، لذلك تعد حرب البروباغندا التي أطلقها الغرب مجنونة إلى درجة الهيستريا، وحادة جداً لدرجة أن بعض المواطنين من أوروبا وأمريكا الشمالية بدؤوا يشككون بالقصص والروايات القادمة من واشنطن، لندن، ومن أماكن أخرى، أينما التفت المرء، سيجد مزيجاً كبيراً من الأكاذيب والحقائق المنقوصة: مستنقع معقد وغامض من فرضيات التآمر، الغرب يهاجم روسيا لتدخلها في الشؤون الداخلية الأمريكية، حسب مزاعمه، ولأنها تدافع عن سورية، وتدعم الأمم التي دون حماية، وضحية للتخويف والترهيب، ولأنها تمتلك وسائل إعلام قوية لتنشيط لاعبيها، لأنها دائماً شيوعية، ولا تريد أن تصبح اشتراكية، باختصار يهاجمون روسيا بسبب كل ما يمكن تصوره، وكل ما لا يمكن تصوره.
الانتقادات الموجهة لروسيا مبتذلة وغريبة ومثيرة للضحك في آن معاً، لدرجة تدعو إلى تساؤلات شرعية، ماذا تقول الرواية الغربية عن الماضي السوفييتي، تحديداً عن فترة ما بعد الثورة، والفترة الواقعة بين الحربين العالميتين؟.. لقد تم تحليل هذه البروباغندا المعاصرة المعادية لروسيا والصين، وستتم الدراسة والكتابة حول الرواية الغربية بشأن التاريخ السوفييتي، وسيجري تحقيق وتقص حول هذه التساؤلات مع الأصدقاء، والمؤرخين الروس والأوكرانيين.
وبدلاً من الانضمام إلى صفوف السارقين والنهابين، اختار الروس الوقوف إلى جانب “المعذبين في الأرض”، في الماضي كما اليوم، ورفضوا بيع وطنهم، وتحويل شعبهم إلى عبيد، حكومتهم فعلت كل ما بوسعها لتجعل روسيا ذات اكتفاء ذاتي، مستقلة تماماً، مزدهرة، فخورة وحرة، ولنتذكر كلمات “حرية، وديمقراطية”، وكلمات أخرى ذات دلالات مختلفة في أجزاء مختلفة من العالم، وعليه فإن ما يجري في الغرب لا يمكن أن يوصف بـ “الحرية” في روسيا والصين، والعكس بالعكس.
المجتمعات المكبوتة والمستعبدة من قبل الغرب في أوروبا وأمريكا الشمالية باتت مدمرة وأنانية، ولم تعد تلهم شعوبها، لذلك نرى ملايين الأشخاص يفرون منها سنوياً إلى آسيا، وأمريكا اللاتينية، وحتى إلى أفريقيا للتخلص من الفراغ والبرودة العاطفية، ولكن ليس من شأن روسيا أو الصين أن تقول لهم كيف يعيشون أو لا يعيشون، بالانتظار، فإن الثقافات العريقة كثقافتي روسيا والصين ليست بحاجة كي يقول لها الغربيون ما هي الحرية والديمقراطية، ولا تريد ذلك، هذه الثقافات العريقة لم تهاجم الغرب، وتنتظر الشيء نفسه بالمقابل، من المضحك أن تجرؤ الدول المسؤولة عن مئات الإبادات الجماعية، وعن اغتيال مئات الملايين من الأشخاص في كل القارات، على تلقين المواعظ والدروس للآخرين، ضحايا كثيرون يخشون التكلم، ولكن ليس روسيا.
روسيا دولة مسالمة، مستقرة لكنها قوية، ودائماً مستعدة للدفاع عن نفسها عندما تقتضي الضرورة، الثقافة الروسية واسعة وعريقة: من الشعر إلى الأدب، والموسيقا، الباليه، والفلسفة، قلوب الروس رقيقة وعطوفة، تبني بسهولة عندما يقصدونها بحب ولطافة، ولكن عندما تتعرّض حياة ملايين الأشخاص للتهديد، تصبح قلوب وعضلات الروس صلبة كالحديد والحجر، في مثل هذه الأوقات، حيث وحده الانتصار يمكنه إنقاذ العالم، تغدو قبضة الروس صلبة وقاسية، لا شيء يضاهي الشجاعة الروسية في هذا الغرب السادي والجبان، بينما ينتقل الأمل والمستقبل نحو الشرق، ولذلك يحمل الغرب كل هذا الحقد الأعمى على روسيا!.