اقتصادصحيفة البعث

اجترار للقرارات ليس إلا..!

 

نصح أحد المفاصل التنفيذية ذات مرة من يصرّ على اجترار تعليمات وأوامر وصلت حداً من البداهة لدى الموظفين كافة، ويصدرها بقرار يحمل رقماً وتاريخاً، لا يتضمن سوى شكليات، كأن يحدّد به ساعات الدوام مثلاً، أو يعمّم على جميع المفاصل الإدارية بمنع تحرك السيارات –المحدّد أصلاً بقرارات مسبقة في كل دائرة- من المرآب إلا في أوقات معينة وغير ذلك من قرارات وكتب تنصّ على إجراءات لا تغني –في الغالب– ولا تسمن من جوع،.. نصح من يصرّ على هذا الأمر، وخاصة إن كانوا من رؤساء هرم المؤسسات، أن يذهب إلى بيته، لأنه ليس جديراً بأن يكون على رأس هرم مؤسسة حكومية، كون ما يصدره محسوماً ويحكمه القانون، والمبالغة فيه هي إضعاف للقانون..!.
أغلب الظن أن مقصد مصدري هذا السيل من القرارات والتعاميم إعطاء انطباع أن دوائرنا الحكومية بخير ولا يشوب نظامها أية شائبة، وأنهم يتابعون كل صغيرة وكبيرة في مفاصل إداراتهم، وحريصون كل الحرص على مصلحة العمل وحسن سيره، ومراعاة مصالح المراجعين، ولكن إذا ما ركزنا في هذه القرارات التي ترشم جدران اللوحات الإعلانية في أروقة المباني الحكومية، نجد أن نسبة كبيرة منها تعيد نفسها بقوالب لا تخلو من مزاجية مصدرها الذي يسعى لتلميع مؤسسته جاهلاً أو متجاهلاً التركيز على القضايا الجوهرية في مؤسسته، لتصبح عبارة عن مراءاة –بحسب بعض المراقبين- لعلّ الهدف منها التغطية على تقصير أو خلل ما، أو هي مجرد استعراض للفت انتباه القيادات الإدارية العليا وإقناعهم بكفاءته!!.
من الآخر.. غالباً ما تعكس القرارات شخصية موقعيها ومدى متابعتهم بالفعل للعمل والبرامج والخطط التي يضعونها في سبيل تحقيق أهداف مؤسساتهم، فالمدير الناجح ينظم سير عمل إدارته وفق خطة واضحة مسبقة توفر عليه إصدار قرارات آنية وعاجلة لمشكلات وتحديات تعترض المؤسسة يكون لها تداعيات سلبية أكثر من المشكلة ذاتها، وشخصية المدير تتجلّى بما يطفو على سطح المؤسسة من قرارات. وعلى فرض أن القرارات لا تعالج مشكلة وتستأصلها من جذورها فهي في الغالب مراءاة لإعطاء انطباع بأن هذا الوزير أو ذاك المدير يعمل أكثر من غيره، ولاسيما إذا كان يدقق على صغائر الأمور في كل شاردة وواردة متناسياً جوهر مهمته الأساسية!!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com