“مهنة التسول”
من جديد تبرز ظاهرة التسول في حلب كواحدة من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تنتعش بصورة متزايدة وبطرق وأساليب مبتكرة، وتقودها مجموعات متخفية تقوم باستغلال الأطفال والفتيات والنساء وكبار السن وأصحاب الإعاقات الجسدية تحت عناوين العوز والحاجة والمرض والبطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية المزمنة.
وبعيداً عن الأسباب والمسببات والدوافع لاتساع حدود هذه الظاهرة التي تبدو مهنة منظمة ومألوفة في الشوارع والساحات والحدائق والأسواق وعلى أبواب المساجد وعند إشارات المرور، وما يمكن أن ينجم عنها من مخاطر محدقة على واقعنا المجتمعي والبيئي والتربوي، نجد أن المشكلة تتمثل في غياب المتابعة والمحاسبة وعدم وجود تشريعات قانونية رادعة بحق الذين يستغلون براءة الطفولة والفتيات سواء من قبل أوليائهم أم مشغليهم، يضاف إلى ذلك تراجع دور الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية والخيرية المعنية بإيجاد حلول جذرية لإنهاء أو الحد من هذه الظاهرة المؤذية، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة وضع نواظم جديدة لآلية عمل هذه الهيئات، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون ومديرياتها في كل المحافظات وتحديداً في حلب، والعمل بشكل جدي لإطلاق برنامج ومشروع وطني وفق أسس ومعايير ناجعة لمكافحة ظاهرة التسول، وأن يتزامن ذلك مع حملة توعية تبين مخاطر استمرار هذه الظاهرة وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي المدارس والمساجد ودور العبادة، بالإضافة إلى تنشيط وتفعيل دور الجمعيات الأهلية والخيرية وتوفير جميع مستلزماتها واحتياجاتها لإنجاح مهامها وأهدافها في مجال احتضان ورعاية المتسولين وإعادة تأهيلهم مجدداً ليكونوا فاعلين ومنتجين في المجتمع، وبعيدين عن متناول المستغلين من متزعمي عصابات التسول.
وبانتظار تحقيق ذلك نأمل من محافظة حلب وكحل إسعافي القيام على الفور بحملة واسعة لمكافحة هذه الظاهرة، واتخاذ كل الإجراءات المطلوبة والصارمة بحق المتسولين ومشغليهم، وتفعيل دور القضاء في هذا المجال لمعاقبة المتورطين الذين يدفعون الأطفال أو الفتيات لممارسة هذا النوع من الجرم.
معن الغادري