تحفظ غير مبرر!
لا يخرج التوجه الحكومي باعتماد مدينة المعارض مكاناً حصرياً لإقامة المعارض الداخلية والخارجية عن سياق العرف العالمي المعمول به في أغلب دول العالم، وذلك لاعتبارات عدة تتعلق بالدرجة الأولى بتجهيز المدينة بكل المقومات الفنية واللوجستية اللازمة لأي معرض كان، وبما يعكس البعد الحضاري في مثل هذه النشاطات.
نعتقد أن تحفظ بعض شركات المعارض على هذا التوجه، ومطالبتها باستثناء المعارض التي لا تزيد مساحتها على 400 م2 من هذا التوجه، والسماح لها بإقامة مثل هذه المعارض في أروقة وصالات الفنادق تحت ذريعة صعوبة النقل، هو تحفظ غير مبرر؛ نظراً لأن المعارض ليست منافذ للبيع المباشر، وبالتالي فإن روادها من شريحة رجال الأعمال من صناعيين وتجار، إضافة إلى أن شرط تأمين النقل هو شرط لازم لإقامة أي معرض.
كما أن منح مثل هذه الاستثناءات سيؤثر بالضرورة سلباً على صناعة المعارض، خاصة لجهة التقزيم، ولاسيما إذا ما علمنا أن مساحة أكبر صالة في فنادق دمشق لا تتجاوز 1000م2 ويمكن تجهيز 600 م2 للعرض من مساحتها فقط!
وربما ما يعزز مثل هذا التوجه هو تفعيل النشاط الاقتصادي لكثير من القطاعات الإنتاجية والخدمية، إذ إن إقامة المعارض بالمستوى الاحترافي يحرض بشكل أو بآخر على زيادة الإنتاج بمواصفات ومعايير معتمدة، ومن الناحية الخدمية يمكن تنشيط السياحة الداخلية من خلال استثمار المساحات والمسطحات الخضراء في المدينة، ورفدها بتشغيل الكافيتريات والمقاهي الموجودة في مدينة المعارض.
يبقى أن نشير إلى أن الانكفاء عن تشغيل مدينة المعارض على مدار عام كامل واقتصارها على معرض دمشق الدولي يعني فيما يعنيه تجميد استثمار هذه المدينة ذات التكلفة الكبيرة والتي بلغت قيمتها 5 مليارات ليرة سورية قبل الأزمة، أي ما يعاد الـ50 مليار ليرة حالياً. وتعد مدينة المعارض من أكبر مدن المعارض في الشرق الأوسط، سواء من ناحية المساحة البالغة 1.250 مليون متر مربع، ولا تضاهيها أية مدينة أخرى سوى مدينة دبي للمعارض، أم من ناحية ما تتضمنه من أجنحة وأبنية مهيأة لأي معرض كان، حيث تتضمن 6 أجنحة دولية كبيرة بمساحة تراوح ما بين 3000 و 4500 م2، و12 جناحاً دولياً صغيراً بمساحة 700 م2 لكل جناح، إضافة إلى 20 جناحاً للشركات الخاصة بمساحة ما بين 200 و 2000 م2.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com