الإرهـــــاب إلـــــــى زوال
كما كان متوقعاً، لحقت دوما ببقية المناطق والبلدات التي تحررت من الإرهاب الأسود في الغوطة الشرقية. وتضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس بهذا الخصوص: خروج الإرهابيين ، وتسليم أسلحتهم المتوسطة والثقيلة، وتسليم المخطوفين مدنيين وعسكريين وجثامين الشهداء، وعودة كل مؤسسات الدولة إلى المدينة. ولكل بند من هذه البنود أهميته الكبرى، فخروج الإرهابيين يعني تخليص المدينة من المجرمين القتلة الذين تحكّموا بأهلها لأعوام، وحاصروهم، وجعلوهم رهائن بشرية خاضعة لقوانينهم التكفيرية، واستغلوهم أبشع استغلال. كما يعني أن نهاية الإرهابيين أمر محتوم مهما تأجل لهذا السبب أو ذاك، وفي هذه المنطقة أو تلك، وأن كل ما روج له عن قوة الإرهابيين، وقدرتهم على الصمود في وجه الجيش العربي السوري هو من باب الحرب النفسية التي تكذبها الوقائع الميدانية جملة وتفصيلاً، وأنه لا إرهابيين ، من أي فصيل كانوا، يستطيعون الوقوف في وجه هذا الجيش، إن هو قرر أن يحرر منطقة ما من رجسهم. ولابد أن من بقي من إرهابيين في بعض المناطق السورية، يدركون، بعد تحرير أخر مدن الغوطة الشرقية، أن نهايتهم باتت مسألة وقت لا أكثر، وأنهم يعيشون بالتالي أسوأ انهياراتهم المعنوية، في انتظار المصير المحتوم الذي لن ينقذهم منه مشغلوهم من قوى دولية وإقليمية معادية باتت تعلم، هي الأخرى، علم اليقين، أن مشروعها قد سقط سقوطاً مدوياً، وأن الحرب التي شنوها على سورية، عبر إرهابييهم، لإسقاط دولتها الوطنية تقترب من النهاية، وأن وقت نزولهم عن شجرة أوهامهم قد حان.
أما تسليم المخطوفين، فبند سيضع تنفيذه حداً لمعاناتهم التي طالت، ومعاناة أهاليهم الذين يعيشون على أمل عودتهم، وهي معاناة يصعب وصفها نظراً لبشاعة الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون بحق هؤلاء المخطوفين. وستبقى صورة الأقفاص الحديدية التي وضعوا فيها كدروع بشرية، تجسيداً لا ينسى للممارسات الإرهابية الوحشية التي غض عنها ما يسمى” المجتمع الدولي” النظر كلياً، في تأكيد مأساوي على مدى الانحطاط الإنساني والأخلاقي غير المسبوق الذي وصل إليه هذا المجتمع الخاضع للسيطرة الأمريكية ، والذي لا تتحرك نوازعه الإنسانية إلا لإنقاذ الإرهابيين عندما يُضيّق عليهم الجيش الخناق، ويحشرهم في الزوايا الضيقة!. وإذا كان البعد الإنساني يطغى على بند استرداد المخطوفين وجثامين الشهداء، فإن بعده الوطني يجب ألا يغيب عن الأذهان، ذلك أن آلام هؤلاء وتضحياتهم، وشهادتهم تصب في السياق الملحمي العام للمعجزة السورية التي صنعها السوريون، شعباً وجيشاً وقيادة، في مواجهة الحرب الإرهابية الكونية التي شنت عليهم.
هي أيام معدودات وتعود مؤسسات الدولة إلى دوما، التي تنفّست الصعداء، ويرتفع العلم العربي السوري في سمائها ليقول لمن ما زالت تخامره أوهام إسقاط الدولة أوتقسيمها: إن هذا الوطن باق، وإن وحدة ترابه وشعبه غير قابلة للمس والتفكيك، وإن هويته العروبية المقاومة غير قابلة للتغيير، وإن دماء الشهداء قد زادتها رسوخاً وتجذّراً في الوعي الوطني.
أمس رفرف علم الجمهورية العربية السورية في سماء عين ترما وجوبر، بعد أن اندحر الإرهاب ، وعادت البلدتان إلى حضن الوطن، وقريياً سيرفرف في دوما المحررة. فليبصر كل ذي بصر، ويسمع كل ذي سمع، ويفهم كل ذي فهم: إن الإرهاب الذي مازال يسيطر على بعض المناطق السورية إلى زوال، والجيش الذي حرر الغوطة الشرقية، سيحرر تلك المناطق عاجلاً أم آجلاً، وسيرتفع فيها العلم العربي السوري، كما ارتفع في بلدات الغوطة، وسيسجل التاريخ لسورية شرف الانتصار على الإرهاب التكفيري، وإنقاذ الإنسانية جمعاء من حقبة سوداء، خطط لها رعاته، وداعموه المجرمون.
محمد كنايسي