نتانة.. الضبع!
حسن حميد
كثيرٌ من الخلق المهمومين بالأخبار والأحداث والحادثات يتساءلون بالفطرة المطلقة وهم يتابعون ما يجري في سورية منذ سنوات سبع وأزيد، ويرون هزائم الإرهابيين، وإخفاق مشاريع داعميهم، على الرغم من كل ما يمتلكونه من وسائل وأدوات وأحابيل شيطانية، كيف لهؤلاء الذين رفعوا السلاح على أبناء بلدهم، ودمروا الجميل، وأشعلوا النيران في كل شيء من البيوت إلى المساجد إلى الكنائس إلى المدارس إلى الحقول، كيف لهم، والهزائم تنهال عليهم تترى، أن يتحدثوا عن انتصارات قادمة! وقد تجلت خياناتهم وانكشفت! يتساءل الناس من أين لهم هذه الجرأة؟! وكيف، ولماذا؟! وهل هؤلاء يعيشون في عالم آخر، ألا يعرفون أنهم يكذبون وهم يتجرعون كؤوس المذلة والهزيمة مراراً علقماً.
الإجابة بسيطة وواضحة، وهي أن هؤلاء لا مشروع لهم سوى الخراب الذي يريده الداعمون لهم، وسوى الفوضى التي يراد لها أن تنتشر وتعمّ، وسوى هذه الجيوب الحارقة المدمرة في هذا البلد أو ذاك كيما تصير القضايا الكبرى والأولية، مثل القضية الفلسطينية، قضية لا طاقة لأحد بها، لا بل قضية غير مفكّر بها لأنها صارت في ذمة التاريخ. صحيح أن هؤلاء الإرهابيين، أخذوا الجرعات كلها التي تبقيهم في فضاءات العماء والجهل والإغلاق العقلي، ولهذا هم يتحدثون بكلام لا مصداقية له، ولا مؤيدات ساندة لعيوبه، ولكن الصحيح أيضاً أن الوقائع التي يعيشونها، أعني الهزائم التي لحقت بهم وستلحق في الأراضي السورية هي أشبه بمن يضرب رأسه بالجدار، كيما تعيد الصحو للسادر، والمغمى عليه، والنائم نصف نومة، والميت نصف موتة.. إذاً كيف لهؤلاء هم ومن خلفهم أن يتحدثوا عن انتصارات قادمة! ما من إجابة حقّة سوى أنهم عميان يعيشون حالات عماء متنقلة، وأنهم كذبوا على أنفسهم حتى أيقنوا أن الأمريكان في جيوبهم، وأن الأمريكان بحاجة إليهم، وأن انتصارات أمريكا والكيان الصهيوني قائمة على أكتافهم، ولذلك كانوا على يقين بأنهم سينتصرون! وقد نسي هؤلاء أن الفطنة فطرة وعطية من عطايا السماء، وأن محبة الأوطان فطرة وعطية من السماء، وأن ما عدا ذلك قبض ريح، وأن الذي يعادي أهله ووطنه، ويهدد بالخراب والدمار والحرائق لن يكون وفياً حتى لأمّه! وهذا ما تعرفه أمريكا، وما يعرفه الكيان الصهيوني، ولدينا تواريخ عرفناها، ووقائع شهدناها، ومنها استخدامات أمريكا لوزراء وحكام وقوات إرهابية في أمريكا اللاتينية طوال قرن من الزمان، وما زالت تهوى هذه الممارسة، ترى أين هم هؤلاء الذين استجابوا لرغبات أمريكا فخانوا أوطانهم.. أين هي (الكونترا) المنظمة الإرهابية التي شكلتها أمريكا من أجل أن تدمر ثقافة بلدان أمريكا وشعور الناس الوطني! أما مضت إلى مزابل التاريخ؟ وكل من انخرط فيها أخذ صفة عميل، أليس هذا ما تقوله الأم عن ابنها الذي انتسب (للكونترا)؟.. وأين هو جيش سعد حداد الذي عرّش مثل أجمات الشوك في الجنوب اللبناني وقد راحت المياه الإسرائيلية الوسخة ترويه وتحميه.. إنه، سعد حداد، ومن كانوا معه أصبحوا في مزبلة التاريخ، أمهاتهم تخجل من ذكرهم، وخذوا جيش لحد في الجنوب اللبناني أيضاً، أما كانت الحال متطابقة تماماً، حتى الإسرائيلي لم يحترم أفراده حين هربوا إليه لائذين به، لماذا؟! لأنهم خانوا بلدهم، والخائن لا تعريف له سوى أنه خائن!
الآن، القرف الإعلامي المنهمر من محطات ومواقع وصحف تتحدث عن انتصارات قادمة للإرهابيين هو قرف، ومهزلة، وكذب ليس إلا، لأن المراجعة الأولية لمدونة ما قالوه، قبل سبع سنوات، هو قرف ومهزلة وكذب! ولكن أما من حدّ لهذا؟! الإجابة لا حدّ.. لأن الضبع لا تشم رائحتها النتنة، ولا ترى نذالة سلوكها أيضاً!
Hasanhamid55@yahoo.com