“ارتياح حكومي”
رغم اختلاف الظروف والأرقام الإحصائية المتعلّقة بفرص العمل المتوفرة وأعداد الشباب الذين يمكن أن يدخلوا سوق العمل أو العاطلين فيه، إلا أن الحديث العام وحتى المتخصّص لم يختلف أبداً عن ذلك الجدل السائد قبل بداية الأحداث حول بطالة الشباب الذين تتزايد أعدادهم -حسب التصريحات الأخيرة لبعض الخبراء ولا شك أن إشادة اللجنة الوزارية المشرفة على تتبع تنفيذ خطط إعادة الإعمار في حلب بالجهود المبذولة من قبل المحافظة لإنجاز واستكمال تنفيذ المشاريع المقررة وفق الخطط والمعايير الموضوعة والمدد الزمنية المحددة شكل حافزاً ودافعاً إضافيين وولد طاقة إيجابية لدى المؤسسات والدوائر المختصة لمتابعة عملها خلال هذه المرحلة بجدية أكبر وبروح عالية من المسؤولية الوطنية، وبالتالي نتوقع أن يشهد النشاط الحكومي والتنفيذي خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي قفزات نوعية على المستويات الخدمية والاقتصادية والتنموية.
ولعل الحاجة الماسة للانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل يشكل تحدياً كبيراً، قد يكون نجاحه مضموناً فيما لو استندت خطواته ومرتكزات على خطط ورؤى واستراتيجيات تتماشى وتتماهى مع التطور والحداثة التي فرضتها (كأمر واقع وملح) مجمل المتغيرات والإحداثيات التي أفرزتها سنوات الحرب الإرهابية، وهو ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار والصواب وبالتالي إغلاق ملف الخطط الاسعافية وعمليات الترقيع والتجميل والتي لم تعد مجدية في المرحلة الراهنة والمستقبلية.
ونعتقد أن الحكومة وبالرغم من كل التحديات والظروف الصعبة وقلة الإمكانات وبخاصة المالية ماضية بثقة كبيرة لتقديم كل أشكال الدعم المطلوب لإعادة حلب كواجهة وداعمة ورافعة للاقتصاد الوطني، وهو ما يتم ترجمته على أرض الواقع عبر المتابعة الميدانية والحالة التفاعلية المثالية في التعاطي مع ما تحتاجه هذه المدينة من متطلبات ومستلزمات النهوض الحقيقي وفِي مختلف المجالات، ومن المؤكد أن محافظة حلب التي كسبت الجولة الأولى من الرهان على سرعة إنجاز مشاريع البنى التحتية وتلبية الاحتياجات الخدمية والتنموية للمواطنين هي اليوم مقبلة على مرحلة لا تقل أهمية ولا صعوبة عن المرحلة السابقة وتتمثل في الانتقال إلى مرحلة فصل جديد من العمل قوامه وضع الأرضية الصحيحة لتحقيق التنمية المستدامة ودعم العملية الإنتاجية سواء الصناعية منها أو الزراعية والحرفية وغيرها، إلى تعزيز مقومات النهوض بالقطاع السياحي مع الاستمرار في تنفيذ المشاريع الخدمية في المدينة والريف الذي بات الجزء الأكبر منه مطهراً من الإرهاب وحالياً من الإرهاب، وهو ما يستلزم التفكير برؤية شمولية تحقق الانتشار الأفقي للخدمات وتوفير المحفزات المشجعة لإقامة المزيد من المشاريع بما ينعكس إيجاباً على المواطنين ويسهم في تحقيق حالة متكاملة من النهوض الخدمي والاقتصادي والتنموي.
باختصار وأمام الأجواء التفاؤلية التي تسود المشهد الحلبي تبدو الحالة الفنية والظروف مؤاتية لاستمرار مسيرة العمل الحكومي الناجحة، وهو ما يدعو إلى استنهاض الهمم والطاقات وتوظيفها في المكان والزمان الصحيحين وبما يحقق في المحصلة نهضة حقيقية تعيد لحلب نضارتها وألقها وهو ما ينتظره المواطن بهدف نفض غبار الإرهاب ومخلفاته بشكل كامل عن الشهباء.
معن الغادري