وسط ترحيب الأهالي.. الجيش يدخل عدداً من قرى ريف حماة إرهابيو “جيش الإسلام” إلى جرابلس.. وآلاف الطلاب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الغوطة
باتت أبواب الأمل مشرعة لعودة المختطفين إلى ذويهم بعد أن بدأت أمس الإجراءات لإخراج إرهابيي “جيش الإسلام” وعائلاتهم عبر الحافلات من مدينة دوما في الغوطة الشرقية إلى منطقة جرابلس وذلك تمهيداً لإخلاء المدينة من الإرهابيين وعودة جميع مؤسسات الدولة إليها. فيما عثرت وحدات من الجيش على مشاف ميدانية وأجهزة طبية سعودية وشبكات من الأنفاق خلال تمشيطها القرى والبلدات في الغوطة الشرقية من مخلفات الإرهابيين تمهيداً لدخول ورشات الإصلاح والصيانة لترميم ما خربته التنظيمات الإرهابية.
وفي دليل على عودة الحياة الطبيعية تدريجياً إلى قرى وبلدات الغوطة عاد آلاف الطلاب إلى مقاعد الدراسة لمتابعة تحصيلهم العلمي بعد أن تحرروا من الفكر الظلامي التكفيري الذي فرض عليهم خلال سنوات الحرب، فيما تواصل الورشات الخدمية إزالة الأنقاض وإصلاح شبكات الكهرباء والمياه لتأمين المرافق العامة للأهالي.
ووسط ترحيب كبير من الأهالي دخلت وحدات من الجيش إلى عدد من القرى بريف حماة الجنوبي الشرقي بعد أن طردوا المجموعات الإرهابية منها.
وفي التفاصيل، أكد موفد سانا إلى ممر مخيم الوافدين خروج 20 حافلة تقل 1065 إرهابياً من “جيش الإسلام” وعائلاتهم من دوما تمهيداً لنقلهم إلى جرابلس، ولفت إلى أن الحافلات تخضع لتفتيش دقيق لمنع الإرهابيين من تهريب أي مختطف من المدنيين أو العسكريين في مدينة دوما وكذلك لمنعهم من اصطحاب عبوات ناسفة أو قنابل يمكن أن يستخدموها أثناء توجههم إلى جرابلس.
يذكر أنه تم أول أمس التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج إرهابيي “جيش الإسلام” من دوما في الغوطة الشرقية إلى جرابلس وتسوية أوضاع المتبقين وعودة كل مؤسسات الدولة بالكامل إلى مدينة دوما إضافة إلى تسليم جميع المختطفين المدنيين والعسكريين وجثامين الشهداء وتسليم الإرهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة.
وشهدت مدينة دوما خلال الأيام الماضية مظاهرات من قبل الأهالي طالبوا فيها إرهابيي “جيش الإسلام” بمغادرة المدينة وإطلاق سراح المختطفين حيث لا يزال التنظيم الإرهابي يحتجز مئات العائلات داخل مدينة دوما ويتخذها دروعاً بشرية إضافة إلى احتفاظه بعدد كبير من المختطفين داخل أوكاره فى المدينة بغية المتاجرة بهم.
ميدانياً، عثرت وحدات من الجيش على مشفيين ميدانيين تحت الأرض يصل بينهما نفق يبلغ طوله أكثر من 400 متر ومجهز بوسائل الإضاءة في بلدة عربين، ويحتوي المشفيان على كميات كبيرة من الأدوية بعضها سعودي المنشأ وبعضها الآخر سطا عليها الإرهابيون خلال الفترة الماضية من قوافل المساعدات التي كان يتم إدخالها إلى الغوطة الشرقية بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري.
وذكر أحد القادة الميدانيين المشرفين على عملية تمشيط بلدة عربين أنه تم العثور على أجهزة للتصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي والأشعة وتجهيزات تحميض كاملة وبعض الأجهزة المخبرية، وأشار إلى أن بعض الأجهزة الطبية مسروقة من المشافي الحكومية وبعضها الآخر صناعة غربية وسعودية، مبيناً أن الإرهابيين عمدوا إلى تفخيخ أحد المشفيين قبل اندحارهم حيث قامت وحدات الهندسة بتفكيك العبوات الناسفة والألغام قبل الدخول إليه.
وأوضح القائد الميداني أن وحدات الجيش اكتشفت العديد من الحالات المرضية بين المدنيين بعد دخولها إلى بلدة عربين في دليل واضح على أن الإرهابيين كانوا يستخدمون المشافي لمعالجة مصابيهم وعائلاتهم فقط.
كما عثرت وحدة من الجيش على نفق ضخم في بلدة عين ترما يمتد عدة كيلومترات ويتفرع إلى فرعين يصل الأول بلدة عين ترما ببلدة زملكا شمالاً بينما يمتد الآخر من عين ترما إلى جوبر غرباً. ويحوي النفق العديد من التفرعات ومقرات للمجموعات الإرهابية لعبور السيارات والعربات وكانت المجموعات الإرهابية التابعة لـ “جبهة النصرة” و”فيلق الرحمن” تتسلل بعتادها وذخائرها من خلاله إلى النقاط العسكرية للجيش العربي السوري في حرستا إلى الشمال الغربي من بلدة عين ترما ومشارف جوبر من جهة الغرب. كما ضبطت وحدات من الجيش شبكة أنفاق تحتوي على ممرات سيارات يصل طولها إلى 3كم تربط بين بلدات عربين وعين ترما وزملكا وجوبر.
من جهة ثانية أعلنت شعبة التعليم الإلزامي في مديرية تربية ريف دمشق أمس عودة 12 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة في مدارس سقبا وكفر بطنا والحرجلة والدوير. وافتتحت وزارة التربية أمس أربع مدارس في بلدة كفر بطنا واثنتين في بلدة سقبا بريف دمشق بعد إعادة تأهيلها بهدف استمرار العملية التعليمية للطلاب واللحاق بالمناهج الدراسية لجميع الفئات والمستويات الدراسية، إضافة للمدارس المفتتحة سابقاً في مركزي الإقامة المؤقتة في بلدتي الحرجلة والدوير بعد انقطاع الطلاب عن الدراسة جراء إرهاب التنظيمات المسلحة بالغوطة خلال الفترة الماضية.
وفي تصريح لـ سانا قال عبد القادر عموري رئيس شعبة التعليم الأساسي في المديرية إنه تمت إعادة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة حيث التحق بمدرسة كفر بطنا الثالثة “حلقة أولى”1350 تلميذاً وتلميذة وفي مدرسة حافظ الذهبي “حلقة ثانية” 175 طالباً طالبة وفي مدرسة سقبا الثالثة “حلقة أولى وثانية” 750 طالباً وطالبة. كما التحق أكثر من 8 آلاف طالب وطالبة بمدرسة مركز الحرجلة و1240 طالباً وطالبة بمدرسة مركز الدوير. وأكد عموري أنه سيتم خلال خمسة عشر يوماً افتتاح ثلاث مدارس في مدينة حرستا بعد إعادة تأهيلها، لافتاً إلى الاستمرار في عملية إعادة تأهيل جميع المدارس ذات الأضرار البسيطة والمتوسطة بالغوطة الشرقية، وأوضح أن خطة الوزارة تهدف لضمان استمرار تعليم الطلاب الذين كانوا يدرسون منهاج الفئة أ الرسمي خلال سنوات وجودهم في الغوطة وتطبيق مناهج الفئة ب الرسمي للطلاب الذين لم يخضعوا لأي برنامج تعليمي كتعويض للفاقد التعليمي الذي خسروه .
وفيما يتعلق بطلاب الشهادات التعليم الأساسي والثانوي أوضح عموري أنه ستقام لهم دورات تقوية مكثفة حتى فترة ما قبل الامتحانات النهائية لأنهم كانوا يدرسون المنهاج سابقاً وباستطاعتهم تعويض ما فاتهم للتقديم إلى امتحانات هذا العام، وأشار إلى أنه تم تكليف مرشدين نفسيين واجتماعيين من دائرة البحوث تقديم برامج الدعم النفسي والمعنوي والتخفيف من آثار الحرب على الأطفال والطلاب ليستعيدوا حياتهم الطبيعية.
بدورها لفتت مديرة مدرسة كفر بطنا الثالثة مها ضفدع إلى تقديم تسهيلات لجميع الطلاب للالتحاق بالمدارس حتى ولو لم يستكملوا أوراقهم الثبوتية.
وفي السياق نفسه أكد المشرف على مركز الحرجلة للإقامة المؤقتة عبدالرحمن الخطيب أن طلاب المركز من أهالي الغوطة باشروا أمس دوامهم المدرسي والتعليمي في مدارس الحرجلة ريثما تجهز الغرف الصفية المسبقة الصنع.
وكانت وزارة التربية قد أعلنت في وقت سابق أنه تم تمديد العام الدراسي لمدة شهرين لطلاب الغوطة الشرقية لتعويض الفاقد التعليمي بالتوازي مع افتتاح مدرسة في مركز الحرجلة للإقامة المؤقتة من خلال تجهيز مدرسة مكونة من 15 غرفة مسبقة الصنع لاستيعاب الطلاب.
وعبر عدد من أطفال الغوطة الشرقية عن سعادتهم بالعودة لمقاعد الدراسة وإصرارهم على متابعة تعليمهم الذي انقطعوا عنه بسبب إرهاب المجموعات المسلحة في بلداتهم، مؤكدين أنهم سيتابعون دراستهم ويجتهدوا للحاق بأقرانهم.
من جهة ثانية تواصل ورش مديريات الخدمات الفنية والمياه والكهرباء في محافظة ريف دمشق العمل لتأمين مختلف أنواع الخدمات للمواطنين من ماء وكهرباء وفتح طرقات وغيرها في مناطق الغوطة الشرقية التي خلصها الجيش العربي السوري من الإرهاب.
مدير الخدمات الفنية المهندس غسان الجاسم بين أن المديرية باشرت بتعزيل الشوارع وترحيل الأنقاض وفتح الطرقات في مدينة حرستا بالتنسيق مع بعض الجهات ذات الصلة للإسراع بعودة الأهالي إلى منازلهم وتوفير احتياجات ومستلزمات السكان الذين لم يغادروا منازلهم، لافتاً إلى أن المديرية ستوقع عقداً مع بعض شركات القطاع العام للمساعدة في إزالة الأنقاض بالمدينة نظراً لحجم الدمار الكبير.
وأعلن الجاسم بدء العمل على محور عربين زملكا عين ترما وحاجز سقبا لترحيل الأنقاض وفتح الطرقات مؤكداً أنه تم فتح قسم من الطرقات التخديمية في الجهة التي فيها الأهالي لتسهيل عملية الحركة والتنقل فيما باشرت الآليات في ترحيل الأنقاض المتراكمة على أوتوستراد دمشق حمص من جهة حرستا.
عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن قطاع البلديات والأبنية والإسكان منير شعبان أكد أن مؤسسة المياه ومديرية الوحدات الإدارية مستنفرة لتأمين مياه الشرب للأهالي الذين لم يغادروا منازلهم في تلك البلدات من خلال إرسال صهاريج مياه يومية كحل إسعافي لأن شبكات المياه مدمرة بالكامل، مشيراً إلى أن بعض الأهالي هناك يعتمدون على الضاغطات اليدوية القديمة لإخراج المياه من الآبار لأن منسوب المياه في الآبار مرتفع ولا تحتاج إلى كهرباء، وأشار إلى أن مؤسسة المياه تدرس كيفية إعادة تأهيل جميع الآبار وإعادة تشغيلها إضافة إلى أن العمل جار لتوصيف حالات شبكة المياه وحجم الأضرار الذي لحق بها للبدء بإعادة تأهيلها.
الأضرار التي لحقت بمنظومة الكهرباء في منطقة حرستا وبلدات سقبا وحمورية وكفر بطنا وجسرين والنشابية كبيرة جداً ما جعل مديرية كهرباء ريف دمشق تعمل على إيصال الكهرباء لتلك البلدات من بعض المحطات المجاورة هذا ما أكده مدير كهرباء الريف المهندس خلدون حدة، وقال: إن المديرية باشرت في حصر الأضرار التي حلت بالمنظومة الكهربائية في البلدات المذكورة استعداداً لإعادة تأهليها .
وفي ريف حماة دخلت وحدات من الجيش أمس إلى قرى تقسيس زور والعمارة والمشداح والجمقلية وجور الجمقلية وجور أبو درده بريف حماة وسط ترحيب كبير من الأهالي والهتافات للسيد الرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري. وقد تم دخول الجيش إلى القرى دون أي اشتباك مع المجموعات الإرهابية بعد أن قام الأهالي بطردها من قراهم.
وجاء طرد الأهالي للمجموعات الإرهابية بعد التوقيع على اتفاق بانضمام قرى ومزارع زور علاش وجومقلية وتقسيس زور وابو درده ورملية وقبيحة وحنيفه والعمارة وعكشان والمشداحو العمارة وعكشان والمشداح إلى نظام المصالحات المحلية ووقف الأعمال القتالية.
وذكر محافظ حماة الدكتور محمد الحزوري أن الاتفاق يقضي بطرد الأهالي للمجموعات الإرهابية وتسوية أوضاع المسلحين بعد تسليم أسلحتهم والوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة ضد من يحاول المساس بهيبة الدولة مع إزالة جميع مظاهر وشعارات المسلحين من المباني والمنشآت العامة والخاصة في حال وجودها وتقديم الدعم للسلطات المحلية والشرطة وإدارات الدولة السورية بغية إعادة الحياة الآمنة، ولفت إلى أنه سيتم تقديم جميع أنواع المساعدة والحماية لأهالي هذه القرى والمزارع ضد الإرهابيين والمرتزقة مع اتخاذ كامل الإجراءات اللازمة من أجل إعادة العمل للإدارات الحكومية والاجتماعية والتأمين الصحي وتأمين الكهرباء والمياه والمحروقات.