الصفحة الاولىصحيفة البعث

الشوا في المؤتمر السابع للأمن الدولي: وجود أي قوات أجنبية في سورية دون موافقة حكومتها عدوان موصوف

انطلقت في العاصمة الروسية موسكو، أمس، أعمال المؤتمر السابع للأمن الدولي، والذي تنظمه سنوياً وزارة الدفاع الروسية، بمشاركة وفود من 95 دولة- بينها سورية ممثّلة بالعماد محمود الشوا نائب وزير الدفاع- تضم 30 وزيراً للدفاع و15 رئيساً للأركان ونائباً لوزراء الدفاع، إضافة إلى 68 خبيراً أجنبياً.

وفي كلمة سورية خلال المؤتمر، أكد العماد الشوا أن وجود أي قوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة السورية هو عدوان موصوف واحتلال وسيتمّ التعامل معه على هذا الأساس، وأضاف: إن القضاء على الإرهاب في سورية شكّل ضربة للمشاريع الغربية المرسومة للمنطقة، ومهّد انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه عسكرياً الطريق نحو إنجاز حل سلمي يقرّره السوريون بأنفسهم، وقدّم المسار السياسي مساراً بديلاً، لأن الميدان هو الذي يحدد توجّهات القرارات السياسية المحلية والإقليمية والدولية. وأشار الشوا إلى أنه في الوقت ذاته الذي يحارب فيه الجيش العربي السوري والقوات الرديفة الإرهاب ويجتث جذوره فإن سورية ماضية في مسيرة الانفتاح والحوار والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار، وأنه انطلاقاً من انتصارات الميدان السوري تراجعت الكثير من دول العالم عن مواقفها وغيّرت من قناعاتها، وسجّل المواطن السوري بصموده واستبساله في الدفاع عن تراب أرضه وثقته بدولته الخطوات التي تنبئ بحتمية الانتصار على القوى العدوانية بمتلازمة تكتيك عسكري وسياسي ما زالا حتى اللحظة يسيران وفق خطين متوازيين هما مكافحة الإرهاب حتى دحر آخر مرتزقته من الأرض السورية والمسار السياسي والانفتاح على كل الحلول السياسية التي تحترم السيادة السورية ووحدة الأرض السورية ولا تفرض الإملاءات الخارجية تحت عباءة التبعية، وأوضح أن الحكومة السورية استجابت لاجتماعات أستانا برعاية الضامنين الروسي والإيراني، وكان لهذه الاجتماعات آثار إيجابية نسبية، وكان من الممكن أن تكون لها نتائج أفضل فيما لو التزم الضامن التركي للمجموعات الإرهابية بما نتج عنها من مقررات، كما وافقت سورية على حضور جولات مؤتمر جنيف التي كان من المفترض أن تلتزم فيها الأطراف كافة بقرارات الشرعية الدولية، لكن المعارضات كانت في كل مرة تعطّل هذه المباحثات وفق أوامر وتوجيهات مشغليها ومموليها الإقليميين والدوليين.

وأضاف الشوا: إنه مع انطلاق مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي ازدادت حالة الهذيان لدى أقطاب منظومة العدوان وقادتهم أوهامهم إلى الغوص أكثر للعب بالجغرافيا السورية، وبات من الواضح أن الحل السياسي يرعب ثالوث الإرهاب الأمريكي الفرنسي البريطاني وأدواتهم في المنطقة، وهذا يفسّر أيضاً محاولاتهم الحثيثة لإجهاض المؤتمر قبل أن يبدأ، وتزامن ذلك بجملة أكاذيب أمريكية وغربية تهدف للتغطية على الانتصارات المتلاحقة للجيش العربي السوري وللتغطية على الصواريخ التي قدّمتها دول غربية لمنظمات إرهابية أسقطت طائرة السوخوي الروسية في منطقة يسيطر عليها إرهابيو “جبهة النصرة” بريف إدلب، وأضاف: منذ اجتماعنا الأخير في العام الماضي تحقق الكثير من الإنجازات على صعيد محاربة الإرهاب، ويمكننا القول: إن العام 2017 عام الانتصارات الميدانية الكبرى في سورية ضد الإرهاب، ما أدى لاندحار تنظيم “داعش” الإرهابي إلى غير رجعة بجهود الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة، حيث لعب سلاح الجو الروسي دوراً كبيراً في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، وخاصة بنوعية وكثافة ودقة ضرباته، وتابع: ومع بداية عام 2017 تابع الجيش العربي السوري عملياته العسكرية نحو أرياف حلب ووصل إلى الضفة الغربية لنهر الفرات مسيطراً على كامل ريف حلب الشرقي، وبنهاية شهر أيار أطلق بالتعاون مع الحلفاء عمليات عسكرية استطاع خلالها وفي وقت قياسي تأمين مناطق وسط سورية، واقترب من القاعدة التي أقامتها أمريكا في التنف وتمكّن من تطويقها وكسر إرادة الأمريكيين بلقائه مع الجيش العراقي الشقيق على الشريط الحدودي بين البلدين، وبعدها تمكّن الجيش والحلفاء من فك الحصار عن مدينة دير الزور، الذي استمر 1043 يوماً، كما انتهى وجود تنظيم “داعش” الإرهابي في ريف حمص الشرقي، لتنطلق عمليات تحرير كامل أحياء مدينة دير الزور والتحرّك نحو الميادين وتمت استعادة البوكمال آخر معاقل “داعش” الإرهابي عبر عمليات متوازية بين الجيشين السوري والعراقي على طرفي الحدود، وبذلك انتهى وجود التنظيم الإرهابي، وكان يوم 7-12-2017 يوم سقوط “داعش” في سورية وبنفس الوقت سيطرت القوات العراقية على معظم الحدود السورية العراقية.

وبيّن الشوا أن وجود تنظيم “داعش” الإرهابي حالياً في سورية يقتصر على عدة جيوب معزولة ومطوّقة بالكامل، وتمثّل ما نسبته أربعة بالمئة من مساحة أراضي الجمهورية العربية السورية، أي نحو سبعة آلاف كيلومتر مربع موزّعة في عدة مناطق شمال شرق سورية وعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات ومساحات مشتركة من مخيم اليرموك والحجر الأسود قرب دمشق وعلى الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة في الجنوب، ولفت إلى أنه عندما بدأ تحالف المقاومة بحسم المعركة ضد الإرهاب على الأرض السورية، وخرجت الحرب من دائرة حرب الاستنزاف، التي فرضها الحلف الذي تقوده واشنطن وجندت له قدرات تركيا والسعودية و”إسرائيل” وبعض الدول الأوروبية وشاركت فيه القاعدة و”داعش” تحت إطار هذه الرعاية، جن أسياد هذا الإرهاب وبدؤوا بزج قواتهم سواء الأمريكية، التي أتت لتحل محل المجموعات الإرهابية في شمال سورية، أو التركية الغازية، وترافق ذلك باعتداءات أمريكية وإسرائيلية على الأراضي السورية، في انتهاك واضح للقانون الدولي، لدعم المجموعات الإرهابية والتغطية على هزائمها في الميدان، وهو ما يفسّر الخطوة الأمريكية الجديدة باختلاق ذرائع مختلفة لتبرير وجودها على الأرض السورية والإبقاء على قواعدها وقواتها غير الشرعية للسيطرة على حقول النفط وتقسيم سورية من خلال ما يسمى “مشروع الفيدرالية” خدمة للمشروع الصهيوني، وأضاف: إن واشنطن بدأت بترميم أذرعها الإرهابية عبر تشكيل قوة جديدة تسمى “معارضة مسلحة” تديرها مباشرة وتشرف على تدريبها باستثمار ما تبقى من خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي وفلوله ونفخ الروح فيها وإعادة تدويرها ونقلها والمناورة بها من مكان لآخر وفقاً لمصالحها للضغط على الأنظمة والحكومات كما حصل في دعمها لتنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان ضد القوات السوفييتية، والذي ما زال العالم يدفع ثمنه حتى الآن.

وقال الشوا: إن منطقتنا ما زالت تتعرّض لأخطر هجمة استعمارية عبر التاريخ تشنها دول وحكومات تعمل جاهدة لتحقيق مصالحها المتجسّدة في السيطرة على المنطقة ونهب خيراتها، وذلك عبر تأجيج النزاعات ودعم الإرهاب وشن الحروب فيها، ما يشكل سمة لحقبة جديدة في العالم يستعمل فيها الإرهاب لتنفيذ أجندات سياسية، مبيناً أن سورية أكدت مراراً أن الإرهاب لا حدود له ولا يتوقّف عند دولة معينة بل يهدد خطره الجميع دون استثناء، وبالتالي فإن ملف مكافحة الإرهاب يجب أن يكون أولوية بالنسبة لدول العالم بأسرها، ودعا جميع القوى والأطراف الفاعلة دولياً وإقليمياً للعب دور إيجابي وحقيقي في مكافحة الإرهاب والحد من مخاطره، التي لن تكون محصورة ضمن الجغرافيا السورية، كما يظن البعض، وهذا ما يتطلّب اجراءات فاعلة ومؤثرة تنعكس نتائجها على الأرض واقعاً ملموساً، ومن هنا نطالب مجلس الأمن الدولي الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، ووقف جرائم التحالف الأمريكي والعدوان التركي بحق المدنيين السوريين وتدمير البنى التحتية والاعتداءات الإسرائيلية ومساءلتهم، وتساءل: كيف يمكن للاستقرار أن يترسّخ ويتعزّز في منطقتنا ما لم يتمّ لجم التصرفات العدوانية من قبل النظام التركي والكيان الإسرائيلي وحليفه الأمريكي؟!، مؤكداً أن سورية تعتبر وجود أي قوات عسكرية أجنبية على أراضيها دون موافقة صريحة من الحكومة السورية هو عدوان واحتلال وسيتم التعامل معه على هذا الأساس، وتابع: إن الجميع مدعو اليوم للعمل بكل جدية والتعاون الصادق والبناء للتخلص من آثار الإرهاب وتبعاته الكارثية وتجفيف منابعه ومصادر تمويله واستئصال جذوره وأفكاره الهدامة، مجدداً مطالبة سورية بمحاسبة كل الأطراف الدولية والإقليمية التي تواصل دعم الإرهاب باحتضانه ضمن أراضيها وإقامة معسكرات التدريب خدمة لأجنداتها وأطماعها وسياساتها الاستعمارية، وعندها فقط يمكن أن تنعم شعوبنا بالأمن والسلام وتستعيد استقرارها وحياتها الطبيعية كحق من حقوقها الأساسية التي تضمنها جميع القوانين الدولية.

بوتين: “داعش” لا يزال يحتفظ بقدراته التخريبية

وفي رسالته للمشاركين في المؤتمر، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تنظيم “داعش” الإرهابي هزم في سورية، ولكنه، ورغم وضعه العسكري المنهار، لا يزال يحتفظ بطاقة تخريبية كبيرة وقدرة على تغيير تكتيكه بسرعة وشن هجمات في مختلف بلدان المنطقة والعالم، ناهيك عن خطر التنظيمات المتطرّفة الأخرى، وأضاف: في هذه الظروف يجب أن نبحث معاً عن أشكال جديدة للتعاون متعدّد الأطراف تسمح بتثبيت النجاح المحرز في مكافحة الإرهاب ومنع انتشاره.

وفي كلمة له خلال الافتتاح، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الأوضاع في سورية تغيّرت، وتمّ القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، وسلّمت الكثير من المجموعات الإرهابية أسلحتها، محذّراً من حصول الإرهابيين في سورية على أسلحة كيميائية وأسلحة دمار شامل للقيام بأعمال استفزازية وزرع الخوف والفوضى بين السكان وإطالة أمد الأزمة، وأضاف: في عام 2015، وبناء على طلب الدولة السورية، قرّرت روسيا مساعدة الحكومة السورية في دحر “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى، مشيراً إلى أن “التحالف الدولي”، بقيادة الولايات المتحدة، لم يسهم في تحقيق أي نتائج بمحاربة الإرهاب بعد تدخله في سورية حيث توسّع تنظيم “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى بدلاً من القضاء عليها.

من جانبه حذّر سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف من أن محاولات بعض الدول انتهاك القانون الدولي والالتفاف على الأمم المتحدة أصبحت تتخذ طابعاً ممنهجاً وتزعزع استقرار الوضع العالمي بشكل كبير، فيما أعلن مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف أن إحصائية ضحايا الهجمات الإرهابية ما زالت محبطة، حيث أن عدد القتلى والجرحى في الاعتداءات الإرهابية حول العالم تخطى 33 ألف شخص في العام الماضي لوحده، رغم النجاحات التي تحققت في محاربة الإرهاب، وأشار إلى أن نحو 152 ألف شخص قتلوا وأصيبوا بجروح في العمليات الإرهابية حول العالم منذ العام 2014.

حاتمي: تجفيف منابع الارهاب الفكرية

وفي كلمته، أكد وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي أن بلاده تسعى لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية وتقف ضد أي تدخل عسكري خارجي فيها، وشدد على ضرورة التعاون بين دول الإقليم في مواجهة الإرهاب الدولي، الذي بات ينتشر بشكل مضطرد في العالم، وأضاف: إن التعاون مع دول المنطقة وروسيا أسهم في هزيمة التنظيمات الارهابية لكنه لم ينه الخطر الذي تمثّله هذه التنظيمات، كما لم يتمّ بعد تجفيف منابع هذا الارهاب الفكرية، مؤكداً ضرورة التعاون بين الدول للقضاء على الإرهاب المنتشر أيضاً ضمن العالم الافتراضي.