إياكم والتوقف عن “البيع المباشر”!.
لاشك أن معارض البيع المباشر تشكل أبرز العوامل المساعدة على توطيد أركان صادراتنا في الأسواق الخارجية خاصة تلك الجاذبة بالأساس لمنتجاتنا، إذ تبين من خلال ما رشح من مؤشرات عن معرض البيع المباشر للمنتجات السورية الذي أقيم في بغداد مؤخراً، أنه ثمة بداية لحقبة تصديرية جديدة، قوامها الأساسي استعادة حصة الصادرات السورية في أسواق الدول المستهدفة والتي فقدت خلال سنوات الأزمة من جهة، وتمتين أسس تواجد المنتج السوري في هذه الأسواق من جهة ثانية.
ولعل أبرز مكسب حققه هذا المعرض الذي حمل عنوان “صنع في سورية” أن المنتج التركي بدأ يستشعر منافسة نظيره السوري ولو نسبياً في السوق العراقية، إذ سرعان ما أعلنت الحكومة التركية دعماً أكبر لصادراتها لجهة الشحن، فبعد أن كانت تدعم الشحن الجوي بواقع 75 سنتاً للكغ الواحد، سارعت إلى زيادة هذا الدعم بواقع 1.2 دولار للكغ المصدر إلى العراق وذلك وفق إعلان نشرته إحدى كبرى شركات الشحن التركية تضمن أيضاً عروضاً خاصة للمبيت والإقامة، ويأتي هذا الإعلان –حسب بعض المراقبين- إثر احتدام المنافسة بين المنتج السوري ونظيره التركي، الذي تولد نتيجة التوجه الحكومي بدعم الشحن الجوي للصادرات السورية.
فما سبق يحتم ترسيخ معارض البيع المباشر كنهج عام للترويج لصادراتنا، من خلال استمرار هذه التجربة في العراق، واستنساخها في دول أخرى كالجزائر وليبيا وغيرها من الدول المتعطشة للمنتجات السورية، وعلى الحكومة أن تدرك جيداً أن الإعلان الآنف الذكر يعكس حقيقة أن المنتج السوري بدأ يأخذ حصة المنتج التركي من السوق العراقية، وذلك نتيجة ما قدمته من دعم للشحن الجوي للصادرات، وما أفضى إليه من تعزيز عامل المنافسة لدى المنتج السوري الذي بدأ يستعيد مكانه في السوق العراقية.
فزيارة نحو مليون عراقي لمعرض “صنع في سورية” يدل بشكل أو بآخر بأن المنتج السوري قد دخل بيوت شريحة مهمة من المجتمع العراقي، وهذه خطوة نحو مشروع الحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد بإقامة مول دائم لعرض المنتجات السورية في العراق.
ويدفعنا الحديث عن مشروع المولات إلى ضرورة التركيز على ديمومة ونجاح هذه التجربة، من خلال مراعاة شكل ومضمون منتجاتنا بما يتواءم مع هذه الأذواق والاحتياجات، خاصة وأن بعض المراقبين يقدر تحقيق عوائد مجزية من القطع الأجنبي كفيلة ليس بتعديل ميزاننا التجاري فحسب، بل ربما تجعل منه رابحاً إذا ما نجحنا بالفعل في دراسة مكونات وهيكلة وأسس عمل هذه المولات بشكل علمي.
وهذا يدفعنا بالتالي إلى إثارة النقطة الأبرز في هذا المقام وهي التركيز على الإنتاج من أجل التصدير، لا الاعتماد على الفائض من أجل التصدير، فما نستهلكه من إنتاجنا المحلي، لا يعني بالضرورة تربعه على أجندة الاستهلاك في دول أخرى، وبالتالي تصدير الفائض منه إليها.
تتطلب أسس ترجمة هذا الطموح إلى أرض الواقع توطين منتجات زراعية ذات بعد استثنائي لجهة الاستهلاك المحلي، وآخر يحقق قيمة مضافة عالية في حال تصديره إلى الدول المستهدفة، وبيعه عبر منافذ تصديرنا المستقبلية، والتوسع بزراعة منتجات أخرى مطلوبة بأسواق عالمية كحبة البركة والكزبرة وغيرها.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com