دوري أمم أوروبا.. فكرة للمتعة الكروية أم عنصرية متخفية في ثوب الرياضة؟
مرة أخرى تخطو قارة أوروبا باتجاه تطوير بطولاتها، وبطريقة تجمع بين المتعة الكروية والمكاسب المالية، حيث سيشهد خريف هذا العام انطلاق أول بطولة لدوري أمم أوروبا، هذه البطولة التي طرح الإعلان عنها الكثير من الأسئلة، وبخاصة خارج القارة العجوز، والهدف منها، وخاصة أن توقيت إقامة مبارياتها سيكون في أيام الفيفا، أي أننا أمام انكفاء ذاتي، ونشاط داخلي في القارة بعيداً عن الالتقاء ببقية المنتخبات من بقية القارات.
وبعيداً عن الانتقادات التي وجهت لها من بعض الأقطاب الكروية فإن دوري الأمم الأوروبية فكرة تستحق الإشادة بها لجهة كمية المباريات القوية التي تشهدها.
بداية الانطلاق
نقطة الانطلاق لهذه البطولة كانت بعد أن كشف رئيس الاتحاد النرويجي لكرة القدم يانغف هالن في تشرين الأول عام 2013 عن محادثات عقدت بالفعل لإنشاء بطولة جديدة للمنتخبات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنه أضاف بأنها مازالت في مرحلة التفكير والتشاور.
وفي آذار 2014، ذكر الأمين العام للاتحاد الأوروبي آنذاك جياني انفانتينو أن واحدة من فوائد هذا الاقتراح تتمثّل في مساعدة الاتحادات الوطنية الأوروبية الصغيرة على ترتيب مباريات مع فرق أوروبا الكبار، وعُقد في الشهر نفسه مؤتمر الاتحاد الأوروبي العادي الثامن والثلاثون، واتفقت فيه الاتحادات الأوروبية الوطنية الـ 54، (حينها لم يكن الاتحاد الكوسوفي منضماً إلى الاتحاد الأوروبي)، على إقامة البطولة، وكشف اليويفا عن خطة مبدئية لتنظيمها ليعلن عنها رسمياً في 4 كانون الأول 2014.
جدول مزدحم
ولأن عدد المنتخبات المشاركة كبير جداً فإن فكرة التصنيف اعتمدت على النتائج المحققة، حيث سيتّبع في الموسم الأول 2018/2019 تصنيف اليويفا للمنتخبات في التقسيم، أما في المواسم اللاحقة بدءاً من موسم 2020/2021 فسيتم تحديد المنتخبات المشاركة اعتماداً على نتائج الموسم الفائت.
وقسمت المنتخبات الـ 55 إلى 4 مستويات: أفضل 12 منتخباً في المستوى الأول (لإعطاء الفرصة أمام الفرق الضعيفة للوصول للنهائيات)، و12 في المستوى الثاني، و15 في المستوى الثالث، و16 في المستوى الرابع، ومنتخبات المستوى الأول هي التي ستتنافس على اللقب، وسيمنح دوري الأمم الأوروبية 4 مقاعد مؤهلة إلى يورو 2020.
نقاط إيجابية
بلا شك إن وجود هذا الدوري فرصة للمنتخبات التي قد تفشل بالتأهل لبطولة أمم أوروبا 2020، حيث تحصل أفضل 4 فرق غير متأهلة للبطولة من كل تصنيف على فرصة التنافس على مقعد بالنهائيات من خلال ملحق خاص بها.
وبحسب نظام البطولة أيضاً يصعد متصدرو المجموعات إلى التصنيف الأعلى بالنسخة القادمة من البطولة التي ستبدأ عام 2020، في حين يهبط أصحاب المركز الأخير بكل مجموعة إلى المستوى الأدنى، ما يعطي الفرق الصغيرة فرصة لتحسين تصنيفها تدريجياً بالبطولة.
ولن يقتصر دورها على رفع مستوى الفرق وحسب، بل إنها ستؤهل أيضاً للبطولة الأوروبية الأهم بالنسبة للمنتخبات كأس الأمم الأوروبية، لذلك ستعتبر فرصة رائعة للفرق التي لن تتمكن من الوصول عن طريق التصفيات إلى المحفل الأوروبي الأهم، ومن يعلم ما الذي يحمله المستقبل، فقد تؤهل أيضاً إلى كأس العالم، إضافة إلى أن البطولة ستشكّل رافداً للاتحاد الأوروبي بالأموال عبر جنيها من تذاكر المباريات، وعوائد حقوق البث التلفزيوني.
عنصرية متخفية
ولكن تبقى النقطة السلبية الأكبر في البطولة ما ستسببه من عزلة من جهة، ومن تمييز عنصري كروي من جهة أخرى، فهي لن تسمح بطبيعة الحال لأي احتكاك مستقبلي بين المنتخبات الأوروبية وباقي منتخبات العالم، ما سيغيّب متعة متابعة المواجهات الكلاسيكية كمواجهة البرازيل أو الأرجنتين لألمانيا أو ايطاليا.
ولن يقتصر الأمر على ذلك، فقد تكرّس هذه البطولة النزعة الأوروبية الاستعلائية، وستهمش في مكان ما الجهود المبذولة من قبل اللاعبين المحترفين غير الأوروبيين في الأندية الأوروبية، ليفضل بعضهم الرحيل أو الموافقة على الإغراءات المتزايدة من الفرق الصينية للانضمام إليها.
وبالطبع ستزيد ضراوة التصريحات وردود الأفعال التي بدأت بالفعل للعديد من الأقلام الرياضية واللاعبين السابقين إلى أن تنطلق أول مواجهة في البطولة، ويترقب معها العالم الرياضي ما سيسفر عنها من نتائج قد تكون مشابهة لتوقعات البعض.
سامر الخيّر