بعثية البناء والإعمار!
لم تختلف مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي أو تتبدّل أهدافه منذ تأسيسه حتى هذه اللحظة، وهذه المسألة لا تقبل النقاش والتشكيك بها كونها جوهر الفكر الحزبي البعثي، وتحت مظلة هذه الثوابت النضالية تقبع حقيقة الدور الريادي في جميع المراحل والمحطات، سواء في مسيرة الحزب أو في تاريخ سورية الحديث، ولكن ما يمكن الخوض فيه هو تلك المستجدات التي كشفتها الأزمة عبر سنواتها المؤلمة في واقع الحياة الحزبية، وذلك الاختلاف الذي أصاب الروح الرفاقية التي تعرّضت لانتكاسات عديدة نظراً لتخلي البعض عن بعثيتهم وعن التزامهم الحزبي الذي أقسموا عليه ” أقسم بشرفي ومعتقدي، أن أكون وفياً لمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي، حافظاً لعهده، متقيداً بنظامه، منفذاً لخططه”، فانجروا -وللأسف- وراء النزعات المتخلّفة وتحزبوا في جماعات تعصبية دينية وحملوا السلاح ووجهوا فوهاته ضد أبناء بلدهم، وهذا ما نسميه بالكفر الحزبي والوطني بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
وطبعاً من هذا الباب دخلت الاتهامات والانتقادات للواقع الحزبي الذي لا يمكن إنكار تعرّضه لبعض الهزات، نتيجة تراجع الأداء وترهل بعض المفاصل وضعف الفاعلية على مستوى القواعد والقيادات القاعدية في فترات سابقة، إلا أنه في المقابل هناك حقائق أخرى يصعب تجاهلها، فقد كان الحزب حاضراً في الساحات والميادين وكان الرديف الحقيقي للجيش العربي السوري، وقدّم آلاف الشهداء وكانت كتائبه البعثية في خندق المواجهة المباشرة مع الإرهاب، واستمر في أداء دوره السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري في الحياة البعثية الداخلية وفي معركة الوجود بمختلف جوانبها ومساراتها.
بالمحصلة ورغم الملاحظات التي يمكن توجيهها للحزب والتي كان هو نفسه سباقاً إلى إدراكها والعمل بكل جدية على تجاوزها، فإننا على يقين بل هناك إيمان كامل بتجدّد وحيوية الحزب ليس في حياة الرفاق البعثيين فقط، بل في ضمير ووجدان كل سوري شريف يمتلك الروح الرفاقية التي كانت في السنوات القليلة الماضية سبباً أساسياً في تعزيز الصمود الوطني، وستكون خلال المرحلة القادمة صانعة للمستقبل وبانية لسورية الجديدة المتجددة، وهذا ما يحتاج لمزيد من العمل البعثي بآفاق جديدة لبناء وإعمار سورية الحصينة المستقرة المتلاحمة وطنياً والعصيّة على أعدائها مهما عظمت قوتهم وتعدّدت مؤامراتهم، وستبقى أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي خالدة مهما كبُرت الاستهدافات وعظُمت التضحيات التي لم يبخل بها كل من آمن بالأمة العربية الواحدة والرسالة الخالدة، وستبقى سورية أبية موحدة شامخة كما عرفت بقوة جيشها الباسل وصمود شعبها وأهداف حزبها المقاوم الذي بقيت القضية الفلسطينية بوصلته النضالية الثابتة، والتي لم ولن يحيد عنها بقيادة الأمين القطري للحزب الرفيق الدكتور بشار الأسد.
بشير فرزان