واشنطن ترامب.. الغرق في تضارب المصالح؟!
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوباليست 27/3/2018
لا يمر يوم واحد دون حكايات جديدة عن المخادعين في إدارة ترامب، وهم في الغالب سارقون صغار، ولكن ليس دائماً.
سلّطت صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء على أنشطة اليوت برودي، نائب رئيس مجلس الإدارة المالية في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، والصديق الثري القديم لدونالد ترامب.
يبدو أن برودي قد حصل على بعض المدفوعات المربحة لمساعدة الأصدقاء المرتبطين بحكومتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في رؤية أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قد تمت إقالته، للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية ضد قطر، وتعزيز العلاقات الشخصية للحكام السعوديين والإماراتيين مع ترامب.
عندما يتعلق الأمر بممارسة الضغط وحسابات النفقات للمسؤولين الحكوميين، ناهيك عن تضارب المصالح، فإن القانون الأمريكي- والذي يوصف عموماً بأنه صارم جداً في العديد من المجالات الأخرى- غالباً ما يكون مرناً كشريط مطاطي. فريق ترامب متحد بالأخلاقيات المشكوك فيها الصغيرة والكبيرة وأحياناً السخيفة.
تدير إدارة شؤون المحاربين القدامى مستشفيات في الولايات المتحدة، ومع ذلك كان رئيسها، دافيد شولكين، بحاجة إلى الذهاب بعمل إلى لندن وكوبنهاغن في الصيف الماضي مع زوجته، وكان أحد أبرز الأحداث هو مشاهدة التنس في ويمبلدون، لقد حولت تكاليف الرحلة بأكملها إلى إدارة المحاربين القدامى، والتي كانت تزيد عن مئة ألف دولار أمريكي، وعندما تسربت التفاصيل، ادعى شولكين بدايةً أن هناك سوء فهم، ثم وافق على تسديد التكاليف، إلا أن محاولات تقديم الأعذار أو السداد، ليست أسلوب زملائه في مجلس إدارة ترامب، فوزير الداخلية ريان زينكي، ومدير إدارة وكالة حماية البيئة سكوت برويت يشعران فقط أنه من حقهم القيام بذلك، وعلى سبيل المثال أنفق برويت، المولع برحلات الدرجة الأولى، ما يزيد عن 120 ألف دولار من الأموال العامة لزيارة ايطاليا، والمتضمنة جولة خاصة في الفاتيكان.
زينكي معتاد على السفر في رحلات على متن طائرات خاصة إلى المتنزهات الوطنية في الولايات المتحدة، هو الآخر كلّف الحكومة مبلغ 12375 ألف دولار لقاء رحلته الخاصة بالمروحية من اجتماع في لاس فيغاس إلى مزرعته في مونتانا، لكنه أيضاً عالق في مأزق نتيجة إنفاق مبالغ طائلة لشراء الأبواب الجميلة لوزارة الداخلية بتكلفة قدرها 129 ألف دولار، وقد حاول التملص من هذا المأزق باتهام موظفيه بعملية الشراء.
يبدو ذلك أفضل حالاً بقليل من وزير الإسكان بن كارسون، فعندما ظهر أنه أمر بشراء طاولة طعام جديدة ومقاعد لمكتبه بتكلفة قدرها 31 ألف دولار، أعلن أن اختيار الأثاث والقرارات قد اتخذت جميعها من قبل زوجته، وقال بجانب الطاولة القديمة : “كان الأمر بالغ الخطورة”.
وحتى الآن لايزال المدافعون عن حماية شركات الصلب الأمريكية الأقرب إلى الرئيس من خلال فرض رسوم جمركية بنسبة 25٪ على الفولاذ المستورد، يقود هذا الاتجاه وزير التجارة ويلبر روس الذي أصبح مليارديراً من خلال الاستثمار في شركات الصلب المفلسة في الولايات المتحدة، بدمجها وبيعها، ويبدو أيضاً أن الوزير روس قام مؤخراً بتجريد نفسه من استثماراته التجارية في شركة شحن صينية تسمى “دياموند شيبنغ”.
هناك أيضاً أولاد ترامب، فمؤسسة ترامب لها صفقات كبيرة في الهند، حيث قامت مستشارة البيت الأبيض، ايفانكا ترامب، بزيارة رسمية- بغرض غير معروف بالضبط- في كانون الثاني قبيل قيام شقيقها دونالد برحلة عمل إلى هناك، وأوجدت عائلة ترامب صحافة ضخمة وإيجابية في الهند، وذلك بعد أن التقى كل منهما، بشكل منفصل مع رئيس الوزراء مودي، وكان الشركاء التجاريون يُظهرون في إعلانات بارزة أنهم يقدمون العشاء مع دونالد إلى الأشخاص الذين يرصدون المال لشراء شقق في المباني المرخصة من قبل ترامب.
لم تفصل ايفانكا ترامب، ولا زوجها جاريد كوشنر، وهو أيضاً مستشار رسمي في البيت الأبيض، نفسيهما عن مصالحهما التجارية، وبالطبع لم يكن الرئيس كذلك، يقال الآن إن بعض صفقات وممتلكات كوشنر هي جزء من التحقيقات التي يجريها المستشار الخاص الأمريكي روبرت مولر، ومن أجل فضح هذه السرقة للمال العام، لم تكن أية مجموعة أكثر اهتماماً بفضح تضارب المصالح وضمان أن هناك عدالة أكثر من المنظمة التي تحمل اسم: “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن”، والمعروفة اختصاراً باسم “كريو” التي يرأس مجلس إدارتها نورمان أيسن المدير السابق للمسائل الأخلاقية في البيت الأبيض في عهد إدارة أوباما، وقدمت منظمة CREW دعوى ضد ترامب لانتهاكه البند المتعلق بالمستحقات المالية في دستور الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، قامت بإجراء تحقيق شامل في كل حالة اختلطت فيها المصالح الحكومية بالمصالح الخاصة مع الأعمال التجارية الخاصة بالرئيس، فقد سجلت نتائج عام 2017 في شركة ترامب وقائع التدخلات الرئاسية لأكثر من 500 حالة تتعلق بتضارب المصالح المحتملة، وكثير من الأنشطة التي يقوم بها ترامب وأسرته وشركاؤه تكون سرية، وقد تحدث على الطائرات الخاصة التي تدفع نفقاتها الحكومة، أو في ملاعب غولف ترامب، ويتم الآن تنظيم جميع أنواع الحملات والأحداث السياسية في فنادق ترامب، حيث تجد الأرباح طريقها إلى خزائن عائلة ترامب.
فالسياسيون الجمهوريون وأعضاء الكونغرس يسيئون إلى وضعهم كأغلبية من خلال التأكيد على عدم قيام أي من لجان الرقابة بالضغط على أي من القضايا، كبيرها أو صغيرها، في الواقع، لا تنظر لجنة واحدة في الكونغرس إلى الانتهاك والسخرية المطلقة في قواعد أخلاقيات الإدارة الأمريكية الرسمية.