شككت بقدرات ترامب العقلية روسيا: لدينا ما نرد به على أمريكا
عندما يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن عدوان على سورية وحلفائها عبر “تغريدة” على تويتر فمن الطبيعي الشك بالسلامة العقلية لرجل يتحكم بأكبر ترسانة عسكرية في العالم واستعداده لاستخدامها بذريعة كاذبة تماماً وهو أمر يدعو للقلق، وفي ذات الوقت يمكن أن تكون تغريدات استعراضية لترامب وسيتراجع عنها كما فعل في مرات سابقة.
كما قلل مصدر روسي من خطورة تحرك مجموعة من السفن الحربية الأمريكية إلى البحر المتوسط بالنسبة لروسيا، وشدد في الوقت نفسه بأن لدى روسيا ما ترد به على الأمريكيين في البحر المتوسط إذا لزم الأمر.
وفيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعم بلاده للجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل الأزمة، مشدداً على التزام موسكو بدعم الأمن والاستقرار الدوليين، اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الهجمات الأمريكية يجب أن تستهدف الإرهابيين في سورية وليس الحكومة الشرعية فيها التي تشن الحرب على الإرهاب، في حين أعرب الكرملين عن أمله في أن تبتعد جميع الأطراف عن اتخاذ خطوات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية مجدداً التأكيد على أن مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في دوما لا تستند إلى أي أدلة أو حقائق.
وفي التفاصيل، قال مصدر عسكري دبلوماسي روسي تعليقاً على أنباء عن انطلاق مجموعة ضاربة من القطعات البحرية الأمريكية وعلى رأسها حاملة الطائرات “هاري ترومان” من قاعدة نورفولك البحرية باتجاه البحر المتوسط: حتى الآن لم يحدث شيء مخيف إلا أنه لدينا ما نرد به على الأمريكيين في البحر المتوسط إذا لزم الأمر، وأوضح أن كل تعزيز للقوات في منطقة البحر المتوسط سيؤدي إلى تصعيد التوتر مشيراً إلى أن العسكريين الروس سيقومون بمتابعة تطورات الوضع وتقييمها وهي مهمة تنفذها منذ عدة أيام طائرات الاستطلاع الروسية من طراز “اي50” التي تراقب سير مدمرة دونالد كوك الأمريكية ومؤكداً في ذات الوقت أن الأسطول البحري الروسي قادر على رد سريع عند الضرورة وسيكون هناك من ينتظرهم عند قدومهم في إشارة إلى المجموعة الأمريكية الضاربة.
وبين المصدر أن القوى البحرية الروسية الموجودة في مياه المتوسط لا تقتصر على السفن العادية بل تشمل أيضاً غواصات بما فيها الغواصات النووية المزودة بطوربيدات وصواريخ كاليبر المخصصة لتدمير الأهداف البحرية والبرية رافضاً الكشف عن الأنواع المحددة للغواصات الروسية الموجودة في المنطقة.
من جانبه ذكر الرئيس السابق لهيئة أركان القوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالوييفسكي أن قدرات الأسطولين الروسي والأمريكي تغنيهما عن ضرورة تقارب مباشر بين الطرفين في البحر ورأى أن تحرك مجموعة من السفن الحربية الأمريكية من قاعدة نورفولك جاء بمثابة التظاهر بالقوة من أساليب “دبلوماسية الماضي”.
الرئيس بوتين أوضح في كلمة له خلال تسلمه أوراق اعتماد 17 سفيرا جديداً لدى روسيا الاتحادية، أن دور الدبلوماسية والدبلوماسيين يكتسب أهمية كبيرة في الوقت الراهن لأن الأوضاع الحالية في الشؤون الدولية أصبحت فوضوية وتبعث على القلق، معرباً في الوقت ذاته عن أمل موسكو بأن يغلب المنطق السليم في الأمور الدولية وأن تعود العلاقات الدولية إلى طبيعتها، وشدد على التزام موسكو بدعم الأمن والاستقرار الدوليين واستعدادها لبناء علاقاتها مع بلدان أخرى على أساس الاحترام المتبادل واحترام القانون الدولي ومعايير وميثاق الأمم المتحدة.
المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا كتبت على صفحتها في فيسبوك إن الصواريخ الذكية يجب أن تتوجه نحو الإرهابيين وليس ضد الحكومة الشرعية التي تحارب الإرهاب الدولي لعدة سنوات على أراضيها، وأوضحت أن الهجوم الصاروخي على سورية الذي هدد به ترامب يمكن أن يكون معداً لتدمير الأدلة على الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في مدينة دوما، فيما أعرب الكرملين عن أمله في أن تبتعد جميع الأطراف عن اتخاذ خطوات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية مجدداً التأكيد على أن مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في دوما لا تستند إلى أي أدلة أو حقائق. فيما جدد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في تصريحات للصحفيين التأكيد على موقف روسيا الداعم لإجراء تحقيق مفصل في مزاعم استخدام سلاح كيميائي مشيراً إلى وجود خلافات عميقة بين موسكو وواشنطن بهذا الشأن ومبيناً في الوقت ذاته أن الجانب الروسي يعارض بشدة التصريحات الأمريكية العدائية ضد سورية التي لا تستند إلى حقائق.
إلى ذلك استنكر عدد من البرلمانيين الروس من أعضاء مجلسي الاتحاد والدوما التهديدات التي أطلقها ترامب بشن عدوان على سورية وقال نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي يوري شفيتكين: إن التهديدات التي أطلقها ترامب في تغريدة على تويتر قد تشكل أرضية لرفع دعوى قضائية ضده على جرائم ضد الإنسانية. وشكك شفيتكن في السلامة العقلية للرئيس الأمريكي مشيراً إلى أن روسيا تتخذ كل الإجراءات السياسية والدبلوماسية لتسوية الوضع.
بدوره أكد رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي للشؤون الدولية قسطنطين كوساتشيوف: إن رسالة الرئيس الأميركي تولد فزعاً وتحديداً بسبب استعراض تفاهتها، مضيفاً إن من المخيف حقاً أن تدرك ما الأيدي التي تتحكم بأكبر ترسانة عسكرية في العالم واستعدادها لاستخدامها بذريعة كاذبة تماماً وهو ما يدعو لمناقشة هذه القضية بشكل جدي في مجلس الأمن الدولي وغيره من الساحات الدولية، وأوضح أن الحديث يدور عن احتمال عدوان على سيادة دولة وعن إجراءات تندرج تماماً تحت التعريف المعروف للعدوان وكل ذلك على أساس من الفبركات الإعلامية.
وفيما لفت النائب الأول لرئيس لجنة شؤون الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد يفغيني سيريبرينيكوف إلى أنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه التصريحات لترامب مشيراً إلى أنه من الضروري أن تواصل روسيا سيرها بثبات في طريقها المحدد وأن يستمر دبلوماسيوها بالعمل وخاصة العسكريون على تخفيف حدة التوتر، أكد نائب رئيس اللجنة ذاتها بمجلس الاتحاد أليكسي كوندراتييف أن روسيا يمكن أن تستخدم وسائل الدفاع الجوي في حال تعرض عسكرييها في سورية للخطر. وقال، نحن بالطبع لن نقف مكتوفي الأيدي في هذه الحال وهناك مجموعة من السفن في البحر الأبيض المتوسط وقوات الدفاع الجوي ويمكن استخدام أنظمة أس 300 وأس 400 وبانتسير مشيراً إلى عدم استعداد ترامب لمواجهة الأسطول الروسي.
بدوره كتب النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد فلاديمير جباروف في حسابه على تويتر إن تصريحات ترامب تشبه مسرحية، مضيفاً هل يمكنكم أن تتصوروا أن قائد دولة عظمى يعلن إطلاق العمليات القتالية عبر تويتر.
ووصف رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس الدوما فلاديمير شامانوف تغريدة ترامب بـ “غير المسؤولة” وقال: سنرى مدى ذكاء صواريخها، معتبراً أن ترامب يتخذ من دول العالم رهائن.
وكان ترامب عمد إلى إطلاق التهديدات باحتمال شن عدوان على سورية باستخدام “صواريخ حديثة وذكية”.
من جهة ثانية أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسى ليونيد سلوتسكي أن نتائج التصويت في مجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار الروسي بخصوص سورية تظهر مرة أخرى أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة لا يتخلى عن محاولاته لتنفيذ السيناريو الليبي والعراقي في سورية، وأشار إلى أن نتيجة التصويت في مجلس الأمن الدولي حول القرارات الخاصة بآلية التحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية المزعوم في سورية تظهر أن أهداف الغرب بعيدة عن مكافحة الإرهاب الدولي وأن الشيء الرئيسي الذي يهتمون به هو إسقاط الحكومة السورية بأي ثمن من خلال الأكاذيب والاستفزازات والتزوير الصريح.
إلى ذلك أكد مندوب روسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الكسندر شولغين أن الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أعربت عن استعدادها لإرسال خبراء إلى سورية نهاية الأسبوع الجاري، وقال: لقد توجهنا يوم أمس مع شركائنا في سورية بدعوة للأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال خبراء المنظمة إلى دمشق دون أي تأخير لتوضيح ما جرى هناك ووعدت سورية بتوفير كل الشروط الضرورية لعمل الخبراء في الوقت الذي وعدنا فيه بالاهتمام بأمن أولئك الخبراء، واصفاً قرار المنظمة إرسال خبرائها إلى دوما لإجراء التحقيق على الأرض في الهجوم الكيميائي المزعوم بأنه خطوة مهمة نحو تسوية الوضع ضمن نطاق القانون.
وفي طهران أكد حسين جابري أنصاري كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة رفض بلاده للمزاعم حول استخدام أسلحة كيميائية في سورية كذريعة لشن عدوان عليها، وأوضح جابري أنصاري أنه كلما حققت سورية نجاحات مهمة وانتصارات على صعيد التطورات السياسية والميدانية والمواجهة مع الإرهابيين، فإننا نواجه لعبة وتكتيكاً منسجماً لاستخدام مثل هذه المزاعم من قبل التنظيمات الإرهابية وبعض اللاعبين الأجانب، وأشار إلى التهديدات التي تطلقها أميركا وبعض الدول الأخرى باتخاذ إجراءات ضد الحكومة السورية بذريعة مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن موقف إيران باعتبارها أكبر ضحايا هذه الأسلحة في عالمنا المعاصر كان شفافاً دوماً وواضحاً وهي ترفض استخدام السلاح الكيميائي.
جلسة لمجلس الأمن حول تهديدات ترامب
وأعلن مندوب بوليفيا الدائم لدى الأمم المتحدة ساتشا سيرجيو لورنتي سوليز أن بلاده طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث التهديدات الأمريكية بشن عدوان على سورية، وقال: “نشهد تواصل هذه التهديدات ولذلك نحن قلقون لأن أي عمل أحادي الجانب سيكون انتهاكاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة”، وتوقّع عقد الاجتماع المغلق صباح اليوم.
وفي بيروت حذر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من عدوان أمريكي غربي قد يستهدف سورية لافتاً إلى أن هذه الحرب إن وقعت ستكون ممولة من جيوب العرب ونتائجها مدمرة لمستقبلهم واستقرار أوطانهم، وقال: إن أي عمل عسكري يستهدف سورية سوف تنجم عنه تداعيات خطيرة وسيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وسيكون الجميع على حافة هاوية الحرب.
وفي سياق متصل، أكد رئيس اللجنة الأوروبية في البرلمان السلوفاكي لوبوش بلاها أن تهديدات الولايات المتحدة والدول الغربية بشن عدوان على سورية تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي محذراً من أن وقوع هذا العدوان يمكن أن يجعل العالم يقف على حافة حرب عالمية ثالثة.
بدوره اعتبر رئيس معهد العلاقات الدولية التشيكوسلوفاكي يارومير شلاباتا أن المزاعم الأمريكية والغربية حول استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش العربي السوري في الغوطة ليست إلا ذرائع للتدخل في سورية وتلتقي مع العدوان الإسرائيلي على مطار التيفور بهدف رفع معنويات المجموعات الارهابية وتقديم الدعم لها بعد أن حققت سورية الانتصار عليها، مطالباً المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالتصدي لهذه الغطرسة العدوانية وإدانتها بشكل صريح وتفنيد أبعاد وأكاذيب الولايات المتحدة واتهاماتها.
من جهته أكد المحلل السياسي التشيكي بيتر شنور أن ما زعم عن استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي في الغوطة ليس له أي معنى لأنه يترافق مع سقوط آخر معاقل الإرهابيين بأيدي هذا الجيش.