اليمن.. طريق آل سعود المسدود
دخل عدوان “التحالف السعودي” على اليمن عامه الثالث. وخلافاً لتصريحات المسؤولين فيه، فإن الرياض وحلفاءها يواجهون مأزقاً عسكرياً مزدوجاً وكارثة إنسانية. إذ تحاول السعودية أن تظهر للعالم قدرتها على فرض زعامتها على شبه الجزيرة العربية، في نفس الوقت الذي تتبجح فيه بإجراء تغييرات جوهرية على أعلى مستوى في الداخل. أطلق سلمان عملية عاصفة الحزم في اليمن وقاد ولي عهده العمليات العسكرية. وها هو يتعرض للضغوط لإنهاء حربه على اليمن، وذلك أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، إذ يبدو أن الأوضاع تتطور بعكس الغايات المرجوة، وبعكس ما تشتهي مملكة بني سعود. ففي نفس الوقت الذي أكد فيه بعض المسؤولين السعوديين أن الحرب لن تستمر أكثر من بضعة أسابيع، هاهي تدخل عامها الثالث وكفة الميزان تميل لصالح الحوثيين معلنةً الإخفاق التام للرياض وحلفائها. أولاً على الصعيد العسكري لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في إلحاق الهزيمة بالحوثيين، بل على العكس فالسعودية مستهدفة بصواريخ بالستية بلغت قلب العاصمة السعودية، حيث اثبت الحوثيون قدرتهم المتنامية على إزعاج آل سعود على الرغم من تعرضهم اليومي للقصف بالطيران السعودي – الإماراتي. وعليه تشعر الرياض بالخزي والهزيمة ليس فقط لأنها فشلت في القضاء على الحوثيين، وإنما لأنها أيضاً باتت عاجزة عن ضمان الأمن على أراضيها.
ورغم إغداقها مئات المليارات من الدولارات على صفقات الأسلحة المتطورة، إلا أن نسبة لايستهان بها من السعوديين تطرح تساؤلات حول مصداقية سلطة تحلم بالانتصار على اليمنيين الذين لا يتوقفون عن السخرية من مملكة النفط. على الصعيد الإنساني وصورة المملكة، فإن الميزان مأساوي بالنسبة لسلالة آل سعود، حيث سبب عدوانها الوحشي على اليمن وفاة أكثر من عشرة آلاف يمني وأربعين ألف جريح وتشريد 2،3 ملايين شخص، دون نسيان الكوارث الاقتصادية والصحية حيث انتشرت الأمراض والأوبئة، خاصة مرض الكوليرا الذي يهدد حياة مليون طفل على الأقل. وفي بلد يضم 30 مليون نسمة، أصابه البؤس سابقاً، فإن العدوان السعودي عمل على تفاقم المعاناة والعذابات التي تغرق الشعب اليمني في كساد عام. أما المجاعة التي يعاني منها قسم كبير من البلاد فقد جعلت عشرة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة. أمام هذه الفوضى العارمة وصف نشطاء إنسانيون الوضع في اليمن بأنه” أسوا أزمة إنسانية في العالم”. وعلى الرغم من تكثيف الاتصالات لبيع الاستراتيجية الحربية السعودية للرأي العام الغربي، إلا إنه من الصعوبة بمكان إنكار هذه الحقيقة اليوم. وبات لا بد من الاعتراف أن الخيار الذي لجأت إليه مملكة آل سعود بشن عدوانها على اليمن حقق النتيجة العكسية.
بعد ثلاثة أعوام على بداية عملية “عاصفة الحزم”، تحول الحلم السعودي بترميم مكانة وعظمة المملكة إلى كابوس قاتل. ويعد المراقبون بأن القادم سيكون أعظم على اعتبار أن محمد بن سلمان لم يفهم أن خيار الأسلحة طريق مسدود.
هيفاء علي