ابن سلمان ومغامرة فاشلة أخرى
زيارات ولقاءات ومقابلات صحفية وتلفزيونية ومواقف غير مسبوقة، وصفقات مليارية ضخمة نفطية وتسليحية وحتى ترفيهية. على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع يجول ولي عهد نظام آل سعود محمد بن سلمان في العواصم الغربية، في أطول وأول زيارة منذ إقصائه ابن عمه محمد بن نايف عن ولاية العهد، ولكن السؤال المطروح: ماذا يريد من وراء هذه الصفقات؟، هل هي مرتبطة بتثبيت موقعه الداخلي على حساب أفراد عائلته التي تغلي من جراء تصرفاته الهوجاء؟.. أو أنه يريد محو الآثار السلبية التي لحقت بمملكته الوهابية بعد الحرب الهمجية العدوانية على اليمن وما خلفته من مآسي ومجازر بحق الشعب اليمني، أو التسويق لصفقة القرن المخزية والتي كانت شرطاً مسبقاً لوصوله إلى كرسي الملك لاحقاً.
والواضح أن محمد بن سلمان كان مهتماً بأن تقدّم زيارته هذه صورة مغايرة عن الوضع البائس لصورة مملكة الرمال في الخارج، وضمنها حربه في اليمن وما خلفته من انتقادات كبيرة لنظامه، إلا أن ذلك لا يعنيه إلا من زاوية محاولته المستميتة للاستحواذ على كرسي الحكم، وفي سبيل ذلك كان قد سيطر على الوضع الداخلي بشكل كامل بل وجرد خصومه ومنافسيه من أبناء عمومه من أقوى أسلحتهم وهي الأموال بعد احتجازهم بدعوى الفساد!!.. أما الانتقادات بشأن اليمن فمهما وصلت فلن توقف طائراته عن استمرار في ارتكاب المجازر وتدمير المدن اليمنية، فالأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية تعمي عيونها عن الجرائم البشعة التي تقوم بها الرياض وحلفها ما دامت التغطية الكاملة من عواصم الغرب مستمرة بقوة البترودولار الذي يوزعه يميناً وشمالاً دون حسيب أو رقيب، فيما يبدو أن الإعلان عن صفقة القرن يسير كما هو مخطط له، والتصريحات التي أدلى بها في واشنطن عن “وجود مصالح مشتركة مع كيان العدو الصهيوني”، تؤكّد ذلك.
يضاف إلى ذلك أن زيارة بن سلمان كان على أجنداتها أهداف أخرى غير معلنة، ولعل أبرزها التحريض على شن عدوان على سورية.. والدليل أن العواصم الغربية التي زارها، وبعد أن أطلقت تصريحات مغايرة، عادت وغيّرت مواقفها، ولكنها اشترطت عليه أن يدفع الفاتورة، وقد دفع. لذلك ارتفعت اللهجة العدائية لباريس ولندن اتجاه دمشق بطريقة هستيرية، وهددتا بشن ضربات عسكرية فورية بعد توقيع اتفاقيات تفوق 35 مليار دولار. في حين كان بن سلمان واضحاً أكثر من أي وقت مضى باستعداده للمشاركة في عدوان على دمشق.
والحال فإن حماسة القوى الغربية اليوم هي فقط بهدف واحد هو كسب المزيد من الأموال من البقرة السعودية الحلوب، فهي عاجزة عن الحرب، وإن تجرأت على القيام بهجمات فهي لن تكون بهدف إرضاء بن سلمان، وإنما للمحافظة على مكاسبها الجيوسياسية في المنطقة.. فمصالحها أهم من نزوات ابن سلمان ومغامراته.
وعليه فإن كل محاولات ابن سلمان لن تمنع سورية من إعلان انتصارها على أدواته الإرهابية، والتي كان آخرها في الغوطة الشرقية التي أعلنت بالأمس خالية من الإرهاب وإرهابييه من جيش الإسلام.. وكما فشل في اليمن بمعركة حزمه، سيفشل في سورية المقاومة، وسينتصر الجيش والقائد والشعب في معركة الوجود الدائرة اليوم.
سنان حسن