كي لا تتحول إلى ديكور!
تمحور العمل المصرفي للمصارف الخاصة منذ بداية عملها في سورية على التركيز على عدد محدود من أسماء الفعاليات الاقتصادية الكبيرة التي تمتلك فعاليات وشركات اقتصادية ضخمة وتحصل بالأساس على التمويل من المصارف السورية وغير السورية، وتقدم المصارف لها القروض بشروط ميسرة، حيث اعتمدت المصارف على تمويل هذه الأسماء بقروض كبيرة قد تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار-وفعلياً لا أحد يستفيد غير هذه الأسماء من هذه المصارف- علماً أنهم ليسوا بحاجة كبيرة لخدمات هذه المصارف كونهم يمتلكون الملاءة المالية الكبيرة ويحصلون على تمويل مشاريعهم من الخارج!.
ويكمن سر التوجه إلى هذه الشريحة بسهولة التعامل معها لاسيما لجهة أن المصرف الذي يتعامل مع ملف كبير يعطي فيه قرضاً يصل قيمته إلى 10 ملايين دولار يدرسه مرة واحدة في السنة، إلى جانب أن هذا العميل صاحب القرض الكبير لديه أعماله وميزانياته التي تسهل عمل المصرف.
كما أن الجهد المبذول من البنك مع عميل من هذا القبيل يساوي الجهد المبذول مع عميل يطلب قرضاً بقيمة 5 ملايين ليرة سورية إن لم يكن أكثر لعدم وجود ميزانية لديه وقوائم مالية وضمانات تغطي القرض، علماً أن العميل الدسم يأخذ قروضاً في أغلب الأحيان بلا ضمانات عقارية وإنما ضمانات شخصية.
هذه الصورة كانت واضحة خلال سنوات ما قبل الأزمة، والآن مع وصول الاقتصاد السوري إلى عتبة التعافي، يفترض أن توسع المصارف الخاصة قاعدتها الاستثمارية وأن تنخرط بشكل أكبر في العملية الاستثمارية بحيث تكون جاهزة لجميع التمويلات بدءاً من أصغر مشروع إلى أكبر مشروع قد يحتاج الدخول بشراكات تمويلية.
ونعتقد أن عدد السنوات الماضية لعمل المصارف الخاصة في السوق المصرفية السورية كافية لتتعرف بشكل تفصيلي على حيثيات الواقع الاقتصادي والمناخ الاستثماري وما يلائمه من مشاريع تتسق مع التطور المنشود، كما أن هذه السنوات كافية لنقل الخبرة المصرفية المطلوبة إلى سورية، ويفترض أن تشهد المرحلة الاقتصادية القادمة بصمات واضحة للمصارف الخاصة في المشهد الاقتصادي السوري.
فبعد تنصل المصارف الخاصة من دورها التنموي وعدت به لحظة دخولها السوق المصرفية السورية، واعتمادها بشكل كبير على تقديم القروض الاستهلاكية التي تحقق لها الربح الوفير، ثمة مراهنة حالياً على انخراط هذه المصارف في العملية الاستثمارية، وأن تعمل جنباً إلى جنب مع نظيرتها العامة لضخ التمويلات في الشرايين المالية للاقتصاد السوري، لتحقيق ما رفعته من شعارات تنموية اقتصادية واجتماعية لحظة مباشرتها العمل في السوق السورية، وإلا فإن وجودها سيكون مجرد ديكور يزين الشكل العام لصورة الاقتصاد الوطني ليس إلا ..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com