مسؤوليات النصر
لم تختلف حالة الصمود الشعبي السوري سواء قبل العدوان الثلاثي أو بعده، ولم تزعزع صواريخ كروز أو توماهوك إرادة النصر قيد أنملة، بل على العكس زادت من التصميم على المضي قدماً في مشروع تحرير وتطهير الأرض السورية من الإرهاب الدولي وإعمار دولة السيادة، فاستمرت حياة السوريين على طبيعتها دون أن تكترث بما تنفثه تلك الأبواق الإعلامية المعادية والمحرّضة على العدوان، والتي للأسف تتكلم لغة الضاد وتتكنى بالعروبة والقومية دون وجه حق أو أساس، فكانت بعدائها وحقدها أداة طيّعة بيد حكامها العبيد المسيّرين والخادمين لتلك الدول المعتدية التي حاولت تكرار سيناريو العدوان الثلاثي على مصر، ولكن بوجه إنساني جديد وبمؤامرة جديدة وذريعة كاذبة وخدمة لهدف مشترك بين العدوانين يتجسّد بحماية ذلك الكيان الصهيوني الغاصب المحتل العنصري الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
اليوم الشارع السوري يعتبر أن الحرب دخلت منعطفاً جديداً نحو تثبيت مقومات الانتصار وكشف الوجه الحقيقي للمؤامرة بعد أن تعمّدت الأطراف الفاعلة التصعيد وتوجيه ضربة عسكرية لسورية بعيداً عن مظلة الأمم المتحدة، وبناءً على اتهامات مسبقة وفبركات، خاصة وأن الضربة استبقت أية تحقيقات من قبل اللجنة الأممية المكلفة بالتحقيق، وهذا ما يدلّ على النوايا الشيطانية المبيّتة ضد سورية التي أعلنت استعدادها التام لتقديم أي مساعدة في التحقيق، وطالبت أكثر من مرة بإرسال لجان التحقيق لكشف المجرم الحقيقي في استخدام الأسلحة الكيميائية التي تستخدمها المجموعات الإرهابية المسلحة بأوامر أمريكية وغربية وخليجية وتركية.
ولاشك أن السياسة الأمريكية المتهورة والتي ندرك نحن السوريين خاصة والعرب عموماً أكثر من غيرنا تداعياتها على مجتمعاتنا وبلداننا وعلى القضية الفلسطينية التي تبرز أحداثها ومساراتها السياسية والعسكرية الانحياز والتحالف الكامل للإدارة الأمريكية مع الكيان الصهيوني في عدوانه على الشعب الفلسطيني وسلبه حقوقه، كما أن هناك الكثير من الشواهد والأدلة التي تثبت بالدليل القاطع عدوانية ووحشية هذه السياسة وتضليلها للرأي العام العالمي تحت تسميات متعددة ومن خلال اختلاق الأكاذيب وتلفيق الاتهامات بهدف الاعتداء على سيادة الدول وتدميرها، وهذا ما يجعلنا اليوم أكثر تأكيداً على أن هذه الافتراءات التي استخدمتها الولايات المتحدة ذريعة لشن العدوان على سورية لم تنطل على أحد في العالم، إذ شاهدنا جميعاً الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا إلى يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا، واليوم تريد أن ترسل إلى سورية مثل هذه الديمقراطية وحقوق الإنسان بواسطة صواريخها المجنّحة وقصفها للمدن السورية ولكل ما فيها من إرث حضاري وثقافي من أجل تدميرها وتحويلها إلى دولة متخلفة تسرح وتمرح فيها القوى الظلامية بفكرها التكفيري الأسود الذي ذاق الناس علقم إرهابه وجرائمه التي يندى لها جبين البشرية!.
وبالعودة إلى الشارع السوري الذي تعامل مع الاعتداء باستخفاف تام، كونه يناقض الحقائق ويتماهى بصفاقته وافتراءاته مع مسرحية هزلية أبطالها المنهزمون والمزعومون عبارة عن حثالة من الإرهابيين القتلة الذين ينفذون سيناريو وضيعاً هزيلاً تشاركت في فصوله تلك الدول المذعورة من حقيقة الانتصار السوري في الغوطة الشرقية، وبالتالي نحن الآن شعباً وحكومة أمام مسؤوليات جديدة من العمل التشاركي وفق رؤى وأفكار أكثر فاعلية وأكثر قدرة على البناء والإقلاع بكل ثقة وبطاقة كاملة لتدعيم هذا النصر، وتسريع الخطوات الاقتصادية والمعيشية وفي مختلف القطاعات، خاصة وأننا مقبلون على أيام زاخرة بالمهام التي سنجني من خلالها ثمرات هذا النصر، وطبعاً نحن لا نغالي أو نبالغ بتفاؤلنا ولكننا نقرأ بكل طلاقة من يوميات النصر السوري مستقبلاً أكثر أماناً وإنجازاً وبناءً.
بشير فرزان