جزر منعزلة!!
غابت خلال السنوات أو العقود الماضية السياسة الموحدة لتشغيل الشباب واستثمارها بالشكل الصحيح والناتجة عن ضعف التنسيق بين الوزارات والجهات العامة، وكأن كل جهة تعمل في جزيرة منعزلة عن الأخرى، وتجلى ذلك بشكل واضح خلال السنوات السبع الماضية التي انكمشت فيها فرص العمل حتى في نظام التشغيل بالعقود الموسمية أو السنوية، والتي عليها الكثير من المآخذ والملاحظات، لجهة أنها تعطى لغير مستحقيها الحقيقيين في الكثير من المؤسسات نظراً لأسباب باتت معروفة للجميع!.
بالتأكيد لا نملك عصاً سحرية في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها اقتصادنا، لكن هناك دراسات وأبحاث عالمية تؤكد وتبين أن الحكومات تستطيع التدخل بفعالية لتعزيز فرص عمل الشباب وتخفيض حدة البطالة من خلال إجراءات على مستوى الاقتصاد الكلي، وهذا برأي أهل الاختصاص يعتبر خطوة أساسية لتعزيز تشغيل الشباب، خاصة في حال تراجع، أو انكماش النشاط الاقتصادي المحلي المتأثر بالأزمات كما هو الحال في سورية.
هذه الحال المقلقة من انكماش فرص العمل تحتم التوجه نحو فتح أبواب جديدة أهمها دعم إنشاء المشروعات الصغيرة بالفعل وليس بالقول ليصبح الشباب رواد أعمال حقيقيين بالاعتماد على أفكار ناجحة والابتعاد عن التقليد والتكرار لتلك المشروعات، خاصة المتناهية في الصغر التي تتطلب كثافة في العمل وقليل من رأس المال، والأهم هنا المرونة في الحصول على تمويلها بعيداً عن أي تعقيدات روتينية مملة تعثّر الأمر أكثر مما تيسره!.
بالمختصر، نحتاج اليوم لخارطة طريق غير تقليدية تنهي الصراع الداخلي الذي يعيشه الشباب بين الهجرة لإثبات ذاته أو البقاء في الوطن والانتظار لعل وعسى تأتي الفرصة، فكيف يمكن تغيير هذا الوضع الذي فيه القليل من فرص العمل والكثير من طالبيه الذين يعيشون في حالة قلق.؟!
بلا شك أولى الخطوات هي بدعم القطاع العام بكل مقومات النجاح مالياً وبشرياً وفنياً، والعمل على إصلاحه بما يتناسب والحاجات والمتطلبات، وتطهيره من كل مظاهر الفساد والبيروقراطية، إضافة للعمل على التأهيل الحرَفي والمهني شبه الغائب، واكتساب الخبرات العملية، فمتى تشحذ الحكومة همتها وتعمل على تحسين ظروف الشباب وتطرد من أذهانهم شبح البطالة الذي ينخر عزائمهم!.
غسان فطوم
ghassanftom@gmail.com