الشاعر كنايسي يوقع “ديوك الغريب” في ثقافي أبي رمانة
نغمات العود وزوايا مدينة القيروان بمساجدها وأسواقها وقبابها وأقواسها التقت بصوت كنايسي يصدح بحنينه إلى مدينته، بوصفه الدقيق لمعالمها لأحجارها لموسيقاها لليلة المولد النبوي لليالي رمضان لبخورها لنسائها، لتلتقي الصورة المرئية بإلقاء مباشر عن دمشق التي وقفت في وجه الإرهاب دمشق الخالدة الباقية بقاء الدهر، دمشق التي توحد بها كنايسي فغدت مدينته الثانية فتوج عشقه لها بثلاث قصائد تغنت بها حفل توقيع ديوانه” ديوك الغريب” في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة- بإدارة الشاعر الإعلامي علي الدندح الذي قدم إضاءة نقدية أيضاً للديوان من رؤيته التحليلية بحضور د. علي المبيض معاون وزير الثقافة وعشاق الشعر الكثُر.
للشام أجنحة/ولي شوق المتيم/بالمآذن والقباب/وبالحمام/ولها جراح لاتنام/ولي جراح لاتنام/ لتنتهي القصيدة بقفلته المدهشة:
للشام معجزة البقاء/ولي أنا/يا بقعة العشاق/معجزة الكلام
كما ألقى كنايسي عدداً من قصائده التي اتسمت بوجدانيات إنسانية وتداعيات روحية تنشد الصفاء والنقاء، موظّفاً فيها رموز الصوفية المرتبطة بالطبيعة، تتقابل مع رموز المكان التي باحت بالحبّ والحنين والتوصيف، فمضى بإلقائه الذي لايقل جمالاً عن شعره بمتتاليات شعرية من ديوك الغريب وديوانه القادم، منها”لغز الحبّ- أول شمس- طفل-خيال –وجدتها- الكمنجة- شخص ثان-
وكان للموسيقا والغناء البداية مع الفنان حسان المؤنس الذي غنى قصيدة صوفية للشاعر كنايسي بعنوان”بحثتُ عنيّ”على وقع عزفه على العود موظّفاً مساحة صوته الواسعة بتدرجات المقام الصوتي بالمناداة والمناجاة والتقرب من الله بامتدادات” يارب” لتلتقي مع الآهات.
بحثتُ عني فإذا بي/مسمر عند بابك/فافتح لضيف غريب/خلقته من ترابك/ولم يكن لك عبداً/ولم يخف من عقابك/لكنه عرف الحز/ن كله في غيابك
وأبدى د. علي المبيض معاون وزير الثقافة سعادته بحضور حفل التوقيع وأشاد بالحفل ككل وبالإلقاء الشعري، ليصل إلى أن ديوك الغريب هو توطيد للثقافة العربية التي تشترك بقواسم مشتركة بين جميع شعوب الأمة العربية نتيجة التمازج بالتاريخ واللغة والأديان والفنون، فالثقافة العربية الجميلة إذا غناها رجل من المغرب يطرب لها رجل من المشرق، فهناك تفاعل كبير من الجمهور بالإصغاء إلى الشاعر التونسي محمد كنايسي، إضافة إلى عناصر الجمال في القصائد، وهذا يؤكد على أن الثقافة العربية هي أمل واحد وحلم واحد.
فسألته عن وقع قصائد دمشق؟ فتابع وأنا أصغي لقصائد دمشق بصوت كنايسي أحسستُ بأنني أترنم بقصائد نزار قباني، فثمة تقاطعات مشتركة بينها، بالمشاعر بالوصف بالمفردات بالحبّ. وأنهى كلامه بأننا بحاجة إلى معرفة الكثير عن شعراء المغرب، فكأن الأستاذ كنايسي قرع لدينا الجرس للتنبيه بأن هناك قامات شعرية كبيرة في المغرب وعلينا أن نفتح هذه الأبواب المغلقة.
ملده شويكاني