“باراشوت” تجاري..
طالما دار بين وزارة الاقتصاد وشريحة واسعة من المستوردين نزاع وتجاذب على صفيح بارد حيناً وساخن حيناً آخر، والخلاف الذي تتناقلة الأوساط التجارية والإعلامية يتعلق بالموقف من “سياسة الترشيد” التي اتخذتها الحكومة مجبرة لا بطلة في إطار مساعيها لتخفيف الأحمال والأثقال عما تبقى من القطع الأجنبي، وتوجيه أنظار الموردين إلى المواد الأساسية ولاسيما الغذائية والدوائية اللتان تعتبران الهم رقم واحد في مسؤوليات الدولة أمام مواطنيها ورعاياها..؟
ولأن المستوردين من وجهة نظر “الاقتصاد” على الأقل “طماعون” ولا يوفرون لا البيضة ولا التقشيرة في نشاطاتهم وعقودهم وصفقاتهم، وفي أي “ضربة” حتى إن كانت مخالفة أو متعارضة مع القوانين والتشريعات، فإن التشديد في تطبيق التوجهات يضمن ويحصن السوق من لعنة القلة والتأزم وفقدان السلع ولاسيما الرئيسية في ظل تأجيل الكماليات ولو فرضياً، منعاً لإصابة الاقتصاد بالاختناق والاعتلال، وهذا ما تجتهد الحكومة على عدم وقوعه منذ بداية الأزمة التي أصابت بعض القطاعات في مقتل؟!
ومع التكتيكات المتتابعة التي أخذت وقتاً “من طول البال” في التعاطي مع المستوردين ضماناً لبقائهم واستيعاب مشاكلهم مادامت من العيار المقبول، فإن القصة التي راهن الكثيرون على نجاحهم فيها من خلال تواطؤ بعض الموظفين وضعاف النفوس في الجهاز الجمركي والمالي والضرائبي والإداري انكشفت وانفضحت عبر سلسلة الرقابة والمتابعة الدقيقة واللصيقة التي أثمرت بإنذار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لعدد كبير من المستوردين المخالفين لسياسة ترشيد الاستيراد، من بينهم أسماء معروفة ولها شهرة واسعة في الوسط التجاري، حيث تم إعداد قوائم لأسماء مستوردين تنوعت المخالفات التي قاموا بارتكابها بين شحن بضائع قبل الحصول على إجازات الاستيراد، ومخالفات في الكميات المسموح باستيرادها من السلع والمواد التي تطبق عليها تعليمات الترشيد.
إذاً ثمة ضرر لحق بسمعة وصيت “الترشيد” وضبط تدفق السلع في وقت “تستبسل” الحكومة لتحقيق إنجاز وخطوة في ملف التصدير الذي يتعامى عنه رجال البزنس على الرغم من جدواه وقيمه المضافة على البلد واقتصاده، ولاسيما أن وزارة “الاقتصاد” أوضحت في أكثر من مناسبة أن سياسة الترشيد حققت نتائج إيجابية، وساهمت في توفير المواد الغذائية الأساسية بنسبة تجاوزت 40% في الأسواق، فضلاً عن أنها حققت وفراً في هذه المواد ودعم المخزون الاستراتيجي منها، إضافة إلى تحول أكثر من 20% من مستوردي السلع الكمالية إلى مستوردين للسلع الأساسية وخاصة الغذائية منها، ولا تتوانى عن التشبث بالموقف إذ لا تراجع عن هذه السياسة في الوقت الحالي كما يقول أحد المسؤولين، ولا تعديل على أي من إجراءاتها؛ لأنها حققت ولا تزال تحقق الأهداف والغايات المرجوة منها.
هي حالة من عدم الرضا تسود وتسيطر على نسبة كبيرة من المستوردين، مع استبعاد أي موافقة على أي طلب يتعلق باستيراد السلع الكمالية التي تنزل إلى السوق “بالباراشوت”، ومع ذلك فالتلويح بعقوبات أشد قد يكون له فعله حتى لو كان بمثابة التخويف؛ لأن الاستيراد العشوائي في الوقت الحالي لن يجلب سوى المصائب والكوارث على فقراء الحال؟
علي بلال قاسم