خمسة تحديات أمام “منظومة بحثنا العلمي”.. التطوير المؤسساتي أولها..وتوثيق الصلة مع المنتجين آخرها
ثمة تحديات تواجه السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار التي أطلقتها مؤخراً الهيئة العليا للبحث العلمي، تضمنها التقرير الخاص بهذه السياسة ضمن سياق تناوله للأنشطة والفعاليات الداعمة لتحقيق أهداف هذه السياسة، وتتربع صياغة السياسات ووضع الخطط على سلم التحديات، إذ أشار التقرير – الذي حصلت “البعث” على نسخة منه – إلى أن الخطوة الأولى في صياغة السياسات الخاصة بالقطاعات التنموية المختلفة تتمثل باعتماد هذه السياسة كوثيقة مرجعية لجميع الأنشطة والفعاليات ذات الصلة، وأن تكون المنصة التي تنطلق منها الجهات المعنية كافة لوضع وتنفيذ خططها المؤسساتية المرتكزة على البحث العلمي والتطوير التقاني، وبما يخدم مشاريعها البحثية وخططها التنفيذية.
قصور
وثاني التحديات هو التطوير المؤسساتي وبناء القدرات، حيث إن تنفيذ هذه السياسة يقتضي وجود مؤسسات عالية الكفاءة والفعالية، وقد أظهر تحليل الوضع الراهن لهذه المنظومة أن هناك قصوراً مؤسساتياً في بعض مكوناتها، وهذا مرده إلى مجموعة من العوامل، أهمها: ضعف في الآليات التأسيسية والقوانين والتعليمات الناظمة، صعوبات إدارية ومالية وبشرية، البطء والتراخي في عملية الإصلاح الإداري.. إلخ.
شرط لازم
وتأتي مسألة تأمين التمويل ثالث هذه التحديات، لكون تأمين المتطلبات المالية عاملاً حاسماً في تنفيذ هذه السياسة، ويعد تمويل فعالياتها وأنشطتها شرطاً لازماً للوصول إلى الأهداف والمؤشرات الخاصة بها، ويمكن تأمين هذا التمويل عن طريق رصد الاعتمادات اللازمة في الموازنة العامة للدولة، وتشجيع وتحفيز مشاركة القطاع الخاص والمشترك في عملية التمويل، والاستفادة المثلى من الاتفاقيات والشراكات مع الجهات الدولية المانحة.. إلخ.
أهم العوامل
ومن هذه التحديات أيضاً مسألة النفاذ إلى المعلومات، وذلك على اعتبار أن الانتقال إلى عصر المعرفة يرتكز على الاستثمار الفعّال للمعلومات وإدارتها، ولما كانت المعلومات مدخلاً ومخرجاً في هذه السياسة، فإن الوصول إلى المعلومة وتحديد آليات مشاركتها والاستفادة منها يعد من أهم العوامل المساعدة على تنفيذ هذه السياسة.
إطار مرجعي
وتشكل المواضيع العلمية البحثية التحدي الخامس، إذ تتضمن السياسات القطاعية الكثير من المواضيع العلمية البحثية المقترحة، التي تأتي لتخدم احتياجات آنية ومستقبلية في القطاعات التنموية كافةً، وتعد هذه المواضيع إطاراً مرجعياً لأنشطة ومشاريع البحث العلمي في هذه القطاعات على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وللاستفادة المثلى من هذه المواضيع لابد من توثيق الصلة بين البحوث التطبيقية والقطاعات الإنتاجية والخدمية، والتفاعل بين أضلاع المثلث الذهبي للتقدم التقاني وهي “التعليم، البحوث والتطوير، الابتكار”.
يذكر أن السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار تغطي خمسة عشر قطاعاً، تم اعتمادها انطلاقاً من التصنيف المعتمد في هيئة التخطيط والتعاون الدولي، وقد جرى تحديد أولوية هذه القطاعات وفق منهجية محددة اعتمدتها الهيئة العليا للبحث العلمي، تتلخص في تطوير معايير وأوزان لتقييم القطاعات من ناحية الأهمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والاستراتيجية، وقد تم عرضها ومناقشتها مع عدد كبير من الخبراء والاختصاصيين في ورشة عمل عام 2010، وبالنتيجة تم التوصل إلى الترتيب التالي: الزراعة، الطاقة، الصناعة، الصحة، الموارد المائية، تقانة المعلومات والاتصالات، بناء القدرات التمكينية، البيئة، البناء والتشييد، النقل، التنمية الاجتماعية والثقافية، التنمية المحلية والإقليمية، المال، السياحة، السكان، وجرى بعد ذلك تشكيل لجان خاصة بكل قطاع، تضم أعضاءً من مختلف الجهات المعنية العامة والخاصة، من ضمنهم أعضاء من مستويات إدارية عليا، إضافة إلى أكاديميين وباحثين وخبراء ومختصين من العاملين في المجال التطبيقي للقطاعات المعنية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com