ليس دفاعاً عن الرّوس
عبد الكريم النّاعم
أؤكّد، بداية، تكرار إعلان انتمائي أنّني قوميّ عربيّ اشتراكيّ ديمقراطي، وذلك دفْعا لأيّ التباس، وأعرف كيف أميّز بين الصديق والعدوّ، وقد كنتُ صديقا حقيقيّا للإتّحاد السوفيتي، ورثيت غروبه في قصيدة، وأنا الآن صديق بذات القدر للإتحاد الروسي القائم، وحبّي له ليس إرثا، بل تمييزا لمواقفه الإنسانيّة، واحتراما لجرأة قائده الرئيس بوتين.
الذي دفعني لهذه الكتابة بعض التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي، في ذروة الاشتباك بالنّار مع قوى العدوان الثلاثي الاستعماري، المتصهين، فثمّة كتّاب مرموقون، أقدّر مواقفهم الوطنيّة الجريئة والواضحة في زمن تلطّى فيه بعض كتابنا وراء جدران الصمت، أو ” النّأي بالنّفس”!، واستقرّ بعضهم في عباءة الخيانة، وعدم ذكري لأحد ممّن أقدّرهم هو احترام، ودفع لأيّ اشتباه،.. هؤلاء الذين أحترم، وأعرف مواقفهم الوطنيّة، والقوميّة، والطبقيّة، بعض منهم لم يُخفِ عتبه على أصدقائنا الرّوس، في الاشتباك الأخير، دون أن يُبيّن أسباب العتب، فقد اكتفى بإظهار عتبه لا غير، وهنا لا أوجّه كلامي لمَن حرّضني عتَبه على الكتابة فقط، بل لشرائح في مجتمعنا، ربّما كان لها ذات الرأي، فهم أصدقاء للروس، ولكنّهم عاتبون، هنا أعيد للذاكرة بعض الحقائق التي قد تحجبها الانفعالات، أو الرّغبات المشروعة، وما كلّ مشروع ممكن التحقّق.
لقد خضنا كلّ حروبنا ضدّ أطماع الغرب ممثّلة بالمشروع الصهيوني بأسلحة روسيّة، منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وخضنا حرب تشرين بذلك السلاح، وهانحن نتصدى لصواريخ تُعتبَر درة التاج في سلاح الغرب الاستعماري، بذات السلاح، ولا يُغيّر من هذه الحقيقة أنّ الأيدي الوطنيّة السوريّة التي طوّرت بعضها، كما أنّ رهاننا في المستقبل على امتلاك أسلحة أكثر تطوّرا تساعدنا على حماية أرضنا من أطماع الغزاة هو معقود على هؤلاء الأصدقاء.
الرّوس كما أرى، في حدود اعتبارهم قوّة عظمى، صاعدة، تتمسّك بالشرعيّة الدوليّة في وجه البلطجة الأمريكيّة، لهم حساباتهم الخاصة، الوطنيّة، والإقليميّة، والعالميّة، وهذا من حقّهم لأنّ أيّ تهوّر، من أية جهة كانت، يوصل العالم إلى حرب عالميّة طاحنة تدمّر هذا الكوكب، هو قصور نظر، بل وغير أخلاق.
لقد ارتقى عدد من الشهداء الروس فوق هذه الأرض، وما من شيء يعدل المشاركة بالدم.
المعسكر الآخر، حليف الغرب المتصهين، أفرغ معظم ما لديه من أموال، دفعها لسمسار الصفقات دونالد ترامب، بينما يقدّم أصدقاؤنا الروس الكثير من التضحيات المادية دفاعا عن الرؤى المشترَكة بيننا وبينهم، ودفاعا عن المصير المشترك بيننا، فما زالت دمشق مفتاح باب موسكو.
إنّ الكلام عن الأصدقاء الروس، هو إعلاء لمواقف الحلفاء الآخرين، أصدقاءنا في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وهذا يشمل جميع قوى هذا الحلف، وتخصيص الكلام عن الرّوس لأنّ العتب وُجِّه إليهم لا لغيرهم.
فيا أصدقاءنا الذين أحترم أرجو قبول كلامي، متعلّما منكم، ونحن نسير على طريق واحدة، اقبلوها من محبّ، لا يرتاح لظلم صديق.
aaalnaem@gmail.mco