ما الذي يثير شهية المصارف الخاصة..؟
كشف رئيس الاتحاد التعاوني السكني بدمشق (إننا اليوم نحتاج إلى مليون ونصف مليون مسكن وبشكل سريع لتأمين حاجة المواطنين من المساكن)..!
ويبدو أن هذا الرقم لم يثر لعاب المصارف الخاصة التي تتصدى في معظم بلاد العالم لتمويل بناء وشراء العقارات.. باستثناء سورية..!
ولو استعرضنا الخدمات التي تستأثر باهتمام مصارفنا الخاصة منذ مزاولتها لعملها لعجزنا عن الإجابة عن السؤال: ما الذي يثير شهية المصارف الخاصة..؟
لم نسمع حتى الآن أن مصرفاً خاصاً مول مشاريع استثمارية لا متوسطة ولا كبيرة، ولا حتى صغيرة.. فلماذا..؟
ربما كان النشاط البارز لمصارفنا ما قبل الحرب الترويج لقروض السيارات والشاشات والحواسيب المحمولة فقط ..!
وبما أن المصارف اللبنانية تستأثر بحصة كبيرة في قطاع المصارف الخاصة فإن السؤال: لماذا لا تطلق هذه المصارف حملة إعلانية من قبيل: رمم.. ثم سدد..!
هذا ما فعلته المصارف في لبنان فور انتهاء الحرب الأهلية فيها والتي استمرت لعقدين من الزمن تقريباً ، فلماذا لاتفعلها هذه المصارف في سورية؟
إن الحاجة إلى بناء 1.5 مليون مسكن، وترميم عشرات آلاف العقارات السكنية والصناعية لم تثر شهية المصارف الخاصة حتى الآن.. فلماذا؟
حتى في مجالات أخرى، كالطاقات المتجددة وخاصة الشمسية.. فإن المصارف الخاصة ترفض تمويلها بقروض ميسرة.. فلماذا..؟
ألا يستدعي ذلك طرح السؤال المهم: ما الخدمات والمنتجات المصرفية التي يقدمها القطاع المصرفي الخاص في سورية..؟
بما أن الإعلانات الطرقية والتلفزيونية هي المؤشر على ما تروج له المصارف من منتجات وخدمات.. فإن الواقع يكشف أن هذه المصارف لا تفعل شيئاً في العلن..!
ومرة أخرى نستشهد بالمصارف اللبنانية التي تغزو إعلاناتها محطات التلفزة والطرقات بهدف جذب الزبائن والتنافس على استقطاب مدخراتهم، وتشجيعهم على الحصول على القروض المتعددة الأغراض.. لماذا تنشط المصارف هناك وتغيب هنا..؟
ولا يبدو أن المصارف الخاصة عندنا مهتمة حتى بزيادة سيولتها عبر إغراء رجال الأعمال أو المواطنين بإيداع أموالهم في خزائنها، بدليل أن معدلات الفائدة التي تمنحها للمودعين أقل بكثير من مثيلاتها في المصارف العامة، بل تخفضها من دون إعلام زبائنها.. ومرة أخرى نسأل: لماذا..؟
ومع أن أرباح المصارف الخاصة السورية متواضعة قياساً لسمعتها الإقليمية ومراكز إداراتها الرئيسية في البلدان الأم.. فإن السؤال: ماذا تفعل هذه المصارف في سورية..؟
قد نجد الجواب في الجانب السوري المؤسس والمشارك في إدارة المصارف الخاصة في سورية، فهؤلاء يمارسون التجارة أكثر من ممارسة الأعمال الاقتصادية، وهذا ما يفسر إحجام المصارف الخاصة عن منح القروض الكبيرة للمستثمرين، أو تمويل إي مشروع صناعي أو سياحي أو عقاري حتى الآن..!
وبما أنهم تجار.. فقد صدّق المواطنون “إشاعة” تلاعبهم بسعر صرف الليرة من خلال تحويل الجزء الأكبر من سيولة مصارفهم إلى دولارات وتهريبها إلى الخارج..!
ونأمل أن يكون ذلك مجرد “إشاعة”..!
بالمختصر المفيد: إن من يدير المصارف الخاصة في سورية ليسوا أكثر من تجار..!
علي عبود