آن نصب هذه الأثافي..!
من المستغرب حقيقةً التراخي الحكومي تجاه التأخر بإصدار بعض القوانين المفصلية بمسيرة اقتصادنا الوطني، كقوانين الجمارك والاستثمار والعقود..!
فالتهريب ينعم حالياً بأوج ازدهاره لاعتبارات عديدة، منها ما يتعلق بعدم صدور قانون الجمارك، والعملية الاستثمارية بأمس الحاجة إلى استقطاب رؤوس الأموال الداخلية والخارجية من خلال قانون جاذب لها، أما بالنسبة لنظام العقود فيكفي أن نعلم أن ثلثي الموازنة العامة للدولة يتم إنفاقها عن طريق هذا القانون الذي وعد وزير المالية بإصداره قريباً، حتى ندرك خطر التأخر بتعديله وسد ما يكتنفه من ثغرات..!
لم يصدر حتى الآن أي تصريح أو توضيح منطقي حول التأخر بإصدار هذه القوانين الكفيلة بدرء مسارات العمل من انزلاقات طالما عانينا منها ولا زلنا؛ فالمنتج الوطني أشد ما يكون إلى الحماية بقانون الجمارك، وخير مؤازرة لذلك تكون عبر دفع العملية الإنتاجية بقانون استثمار عصري، ليأتي قانون العقود كثالث هذه “الأثافي” ليسد ثغرة الهدر وبوابته الرئيسية المسماة بـ”ملاحق العقود”..!
ولعل اللافت عدم انعكاس زخم الاجتماعات النوعية للحكومة الحالية على التشبيك بين الجهات المعنية بهذه القوانين لجهة الإسراع بإصدارها، على الرغم من تناولها للقضايا المحورية لبنود هذه القوانين، بالتوازي مع تأكيد هذه الجهات خلال هذه الاجتماعات أهمية الإصدار لما له من تأثير نوعي على سير العملية الإنتاجية ومقوماتها كلها..!
لا شك أن هذه القوانين الاستراتيجية تستحق الدراسة العميقة، لتلافي قدر المستطاع أية ثغرات قد تظهر عند تطبيقها، لكن ألم تأخذ مشاريع هذه القوانين حقها ووقتها الكافيين من النقاش، وأخذ رأي وملاحظات الجهات المعنية بها..؟!
أم أن هناك من يضع العصي بعجلات الصدور عسى أن تجير موادها بما يخدم المصالح الضيقة، بعد أن قرر الانضمام إلى فريق يعمل على تعطيل أي جهد كفيل بتحقيق التنمية الاقتصادية، ويعرقل أي تنسيق بين جهاتنا الحكومية يصب في بوتقة المصلحة العامة، ويجيّر أي عمل تنموي لصالحه أو يدخل شريكاً فيه، لا يزال بطل هذه المرحلة ونفوذه آخذاً بالتزايد خاصة أنه يمتلكه دراية كبيرة بالقوانين والأنظمة النافذة، ويتقن صياغتها وكيفية النفاذ من ثغراتها، بما يخدم مآربه المريبة وفق العمل بروح القانون دون نصه، لتظهر بشكل أو بآخر بأنها قانونية ولا يشوبها أية شائبة..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com