“أشجان وأحزان”.. عزف على قيثارة القلب
ألقى د. عبد الفتاح محمد محاضرة بعنوان (أشجان وأحزان )ديوان الشاعر الفلسطيني سليمان غزال، وعنه قال: لغته فيها رشاقة الغزال, وموسيقاه عزف على قيثارة القلب, وصورته المعجونة بوميض الأحداق هي روح تتفتح شكلا, وهو شاهد على العصر بما فيه من أفراح وأتراح, انتصار وانكسار, ألم وأمل. وفي الديوان أناشيد لفلسطين ومقدساتها وقضاياها المصيرية, وخص غزة بأناشيد اختلطت فيها دموع الفرح حينا بدموع الألم والحزن, ألهبتها نيران الفراق وسياط الحصار وعقوق الخذلان, وفي الديوان مراث زادها الفخار والإكبار والصدق وفيه تهان قلبية أطلقها الشاعر بمناسبات فرح.
ركز الناقد محمد على ثلاثة أمور هي: الشاعر وبعض خصائصه الأسلوبية, وجمالية المكان, فأشار إلى أن شعره يجري في عروقه ويتحد بالعميق من وجدانه, وان لغته العربية الفصحى لها طعم خاص على لسان الشاعر أناقة وتدفقا وجمالا ويعزز ذلك إتقان لفن التجويد وامتلاك لفنون المقامات الموسيقية يقول: (بهواك أشدو والقريض يترجم),والشاعر غزير الإنتاج, طويل النفس, كما إن ذات الشاعر حاضرة في الديوان,وتبدت في شعره سمات أسلوبية كلغته الغنية المعبرة المتينة السبك الجامعة بين الجزالة والسهولة، وتحمل قيما تعبيرية ليست بخافية وتحمل الألفاظ قدرا طيبا من محاكاة المعاني وتجلى ذلك في قصيدته (نداء الأقصى),والشاعر متأثر بأسلوب الخطابة,يقول:
يا أخوتي هاكم جميل نصائحي
من وحي شهر الخير والإحسان
كما أن اثر القران الكريم واضح في الشاعر وديوانه,ورثاءه صادق الانفعال والأسى يفيض من مرثياته, وشعره يقطر لوحة وحسرة على غزة وفلسطين,ويكثر في شعره خطاب الجمع وذلك لاستنهاض الهمم ولم الشمل ودفع الظلم وميله إلى أسلوب النداء, والشاعر مولع بفن المعارضة الجادة ولديه قدرة على التضمين ومن عارضهم (عنترة والمتنبي وابن زيدون وصفي الدين الحلي,واحمد شوقي,ويكثر الشاعر من أسلوب الاستفهام بلاغيا فيخرج به من غرضه الأصلي إلى الإنكار والتعجب والنفي والحض, ويتراءى في الديوان فن القص,وتتبدى قدرة الشاعر على استعمال الحوار الذي يلون اللغة ويغنيها,وظهرت سمة جمالية المكان عن غزة بوصفها نموذجا, فالحالة الأولى غزة هي شاطئ يخيم فيه الصفاء والنسيم العليل وماء يلذ للشاربين وثمار يانعة وماء فواح هي أخت جنات الخلود على حد تعبير الشاعر,وغزة طيوف تاريخ مجيد فقد كانت ملتقى جيوش الفتح ومجمع الأخيار، وأما الحال الثانية فهي التي شهدت تخريب معالم الجمال واستحالت غزة إلى نفوس تزهق وحرمات تنتهك وارض تعيث بها غربان الموت فسادا ودمارا,غربان قاتلة لم تسلم منها براءة الأطفال,فسرقت ابتسامتهم وزهقت أرواحهم,والطيور التي أضاعت أعشاشها,وأشجار الزيتون التي شردت عن أوطانها واغتيل سلامها وصارت جمالا ذاويا يقول الغزال:
وجمالك الذاوي يحرق مهجتي
ويغم نفسي صرحك المتهدم
وفي قصيدة للشاعر بعنوان قصيدة حب إلى غزة يقول:
يا غزة ياعرين الأسد لاتهني
فحولك الصيد من أبنائك النجب
فلا تهابي الأفاعي عند وثبتها
فالأسد تحسن قطع الرأس والذنب
محمود البعلاو