شهادات من قلب دوما
يوماً بعد يوم تكشف صحفهم ووسائل إعلامهم النزيهة زيف ادعاءاتهم وتفضح أكاذيبهم وتظهر حقيقة الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما، والذي استخدمه الثلاثي: أمريكا وفرنسا وبريطانيا للعدوان على سورية، فقد أكدت التحقيقات التي عمل عليها بيرسون تشارب أحد صحفيي شبكة “ون أمريكا نيوز” عدم وجود أي إثبات على وقوع هجوم كيميائي على دوما. فقد قام تشارب بزيارة المدينة بحثاً عن إثباتات ودلائل على الهجوم المزعوم، وعند التقائه بالسكان وسؤالهم عنه، نفوا جميعاً كل الادعاءات الغربية، مؤكدين أن الهجوم مجرد مسرحية تمت فبركتها في محاولة لمساعدة المسلحين وعرقلة تقدم الجيش السوري. أجرى تشارب مقابلاته مع أشخاص غير معروفين كي لا يدعي أحد أنهم من أنصار الحكومة السورية، ونفى هؤلاء، وهم يقطنون على بعد 50 متر فقط من موقع الهجوم المزعوم، وقوع أي هجوم كيميائي. ورداً على سؤال “لماذا قام الإرهابيون بفبركة الهجوم”، أجابوا: كي يقوم الغرب بالهجوم على سورية، ومنحه الغطاء للتخلص من الجيش السوري الذي كان يطوق المدينة، ويستعد لاقتحامها بعدما نجح في تحرير كل مناطق وبلدات الغوطة الشرقية، ولم يبق إلا دوما.
صحفي روسي قصد دوما لنفس الهدف، والتقى عدداً من الأطفال الذين ظهروا في مقاطع الفيديو التي تمت فبركتها، وتظهر “الخوذ البيضاء” يسعفون الأطفال المصابين. الطفل حسن دياب (11 عاماً) كان من بينهم، وروى كيف تم تصوير الفيلم.
يقول حسن: “كنت مع أمي وإخوتي في قبو. فجأةً سمعنا صرخات من الشارع تقول: أسرعوا إلى المستشفى.. خرجت مسرعاً إلى الشارع، وعندما دخلت المشفى أمسكوا بي مع عدد من الأطفال، وبدؤوا يسكبون الماء على رؤوسنا، ومن ثم وضعونا إلى جانب أطفال آخرين”. طلبوا منا الاستلقاء على الأرض والتظاهر بالموت أو الإغماء لتصويرنا. بعد الانتهاء من التصوير، أعطونا رزاً وبسكويتاً وبضع حبّات من البلح. والد حسن أكد هذه الرواية مشدداً بدوره على عدم وقوع أي هجوم كيميائي في المدينة، ويقول: “عندما علمت أن ابني ذهب إلى المشفى مضيت إلى هناك بعدما أخذت إجازة من عملي. وقفت في الخارج ولم أشم أي رائحة غريبة.. دخلت المشفى ورأيت أسرتي.. المتطرفون والخوذ البيضاء أعطوا المشاركين في تصوير الفيلم بلحاً وبسكويت وقليلاً من الأرز، ومن ثم عدنا أدراجنا إلى البيت”.
الصحفي الروسي نشر على انستغرام تقريراً مصوراً عن قاعة المشفى حيث موقع تصوير الفيلم من قبل عناصر الخوذ البيضاء. المشفى كان يعالج بعض حالات المصابين بالربو جراء غاز الكربون الناجم عن الحرائق.. فجأةً بدأ الإرهابيون يصرخون: “هجوم كيميائي”، ودخلوا إلى المشفى مصطحبين معهم الممثلين من الأطفال.. طلبوا منهم الاستلقاء على الأرض والقيام ببعض الحركات التي تدل على أنهم يعانون صعوبة في التنفس أو دواراً. بعد ذلك بدؤوا يسكبون على رؤوسهم الماء البارد.
التلفزيون الألماني ZDF بث تقريراً مصوراً من دوما تحدث فيه مراسل القناة، على الهواء مباشرة، مع عدد كبير من الأهالي. جميعهم أكدوا أن ما حصل هو مشهد مفبرك ومشهد مسرحي بحت. وقصد مراسل القناة مركز إيواء للمهجرين وتحدث معهم حول الهجوم. جميعهم أيضاً نفوا وقوع أي هجوم كيميائي. وقال المراسل: “روى لي هؤلاء الشهود أن الأماكن التي تم فيها تصوير الهجوم هي أماكن قيادة لإرهابيي “جيش الإسلام” أحضروا زجاجات كلور وقاموا بوضعها في هذا المكان، الذي استهدفه الجيش السوري، ما أدى إلى انفجار الزجاجات”. وأضاف التقرير إن المراسل حصل بفضل التقائه عدداً كبيراً من الشهود على تفاصيل دقيقة حول الدلائل المزعومة على وقوع الهجوم على دوما:” أفاد الشهود أيضاً أنه خلال أحد التدريبات، تعرض الناس لغاز الكلور، فقاموا بتصوير الفيلم ونشروه على مواقع التواصل الاجتماعي كدليل دامغ”. وقد أكد المراسل ثقته التامة بأقوال الشهود وهو الذي لم يكن يعرف الحقيقة. وكانت قناتا سبوتنيك وروسيا 24 بثتا أيضاً عدة تقارير التقتا فيها عدداً من الأطفال الذين مثلوا في المشهد مقابل الحصول على بعض قطع البسكويت، وأكدوا أن عناصر الخوذ البيضاء هم من قاموا بفبركة الهجوم وتصويره ونشره.
وسرعان ما استخدم هذا الفيلم ذريعة لتوجيه الضربة الأمريكية الفرنسية البريطانية ضد سورية، حتى أن الرئيس الفرنسي استشهد بهذا الفيلم الذي نشر على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل دامغ على الهجوم. الصحفي أجرى لقاءات أيضاً مع عدد من أطباء المشفى الذين نفوا بدورهم وقوع مثل هذا الهجوم المزعوم. أحد الأطباء وصف ذلك اليوم بأنه كغيره من باقي الأيام، ولكن كان هناك غبار كثيف وعدد من الأطفال يعانون من صعوبة التنفس، ولكن لم يكن هناك أي جروح أخرى.. فجأةً دخلت مجموعة من المسلحين المشفى وصرخت: “هجوم كيميائي” بمرافقة كاميرا التصوير… وبدؤوا يصورون. وزير الدفاع الروسي عرض مقطع فيديو لأشخاص شاركوا في الفيلم وأقوال لأحد الأطباء يؤكد فيها أن الأشخاص الذين تم إحضارهم إلى المشفى لم يعانوا من أي أعراض بالتسمم.
حقيقةً، اعتادت وسائل الإعلام الغربية على فبركة القصص والروايات منذ عقود طويلة، تماماً كما فعل عندما فبرك قصة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل لشن عدوانه دون تفويض أممي. وبعد عشرة أعوام، اعترف كولن باول بأنها كانت كذبة كبيرة، وأن العراق لم يكن يمتلك أي أسلحة دمار شامل.
هيفاء علي